رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار
د. عادل عامر

د. عادل عامر

مشكلات نظم التعليم العربية وحلولها

الأربعاء 13/فبراير/2019 - 04:46 م
طباعة

كلما ننظر في النظم التعليمية في الدول العربية نجد ان هناك الكثير من المشاكل، وبعض هذه المستوطنة في جميع النظم وبعضها يتصل بشكل أكثر تحديدا على النظم التعليمية في بعض الدول العربية. في العالم العربي نجد ان هناك الكثير من السلبيات في النظم التعليمية، وهذه غالبا ما تكون ذات الصلة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. لا أستطيع مناقشة كل هذه المشاكل بقدر كبير من التفصيل.

ولكن سألقي الضوء على القضايا وخاصة في مجالات التعليم. فمع بداية العملية التعليمية وبدأ قبول الطفل إلى المدرسة. لم تعد الدولة الفاعل الوحيد المحتكر للقرار العمومي، فالنقابات والجمعيات المهنية، والأحزاب السياسية والمنتخبون المحليون، والمجتمع المدني، وجماعات المصالح وغيرها من المنظمات…
 أصبح لها دور لا يستهان به في سيرورة الإصلاح، خصوصًا حين يتعارض هذا الأخير مع مصالح الفئات التي تدافع عنها. وكمثال على ذلك، نُذًكِّر بالإصلاح الذي شهدته مراكز تكوين المدرسين في المغرب، وقضية فصل التكوين عن التوظيف، أي أن الحصول على دبلوم المراكز المذكورة لم يعد يخول الحق في التوظيف المباشر، كما كان معمولا به في السابق، وقد اتهمت قوى المعارضة حينها الحكومة باتخاذ هذا الإجراء خدمة لمصالح التعليم الخاص (في مقابل التعليم العمومي المجاني) عبر السعي لتوفير أطر تعليمية مؤهلة على نفقة الدولة، ووضعها رهن إشارته. وقد أدت احتجاجات الطلبة المدرسين إلى التجميد المؤقت للمرسومين موضوع الجدال، والتزام الحكومة بتوظيف الفوج كاملا.
إن المثال المذكور أعلاه، يبين كيف تدخل فاعل خاص (لوبيات التعليم الخاص) في توجيه سيرورة القرار العمومي لصالحه، وكيف أدت ضغوطات فاعل آخر غير رسمي (تنسيقيات الطلبة المتدربين) مدعومة من جهات سياسية معارضة للنظام، إلى التوقيف المؤقت لتنفيذ قرار عمومي اِتُّخِذ بصفة رسمية، وهذا إن كان يدل على شيء فإنما يدل على تعقد سيرورة القرار العمومي، وابتعاده عن العقلانية في بعض الحالات، مما يجعل المقتربات الكلاسيكية عاجزة عن التحليل.
أيضا وفي إطار تعدد الفاعلين، تنبغي الإشارة إلى الدور المتصاعد للفاعلين الاقتصاديين الدوليين، كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، واللذين أصبحا يتدخلان مباشرة في السياسات العمومية للدول، بما فيها السياسات التعليمية.
المقترب المعرفي Cognitive Approach
إن الإصلاح باعتباره سياسة عمومية، لا يأتي دائما لحل مشكل عمومي، فالتحليل المعرفي للسياسات العمومية يبين دور معتقدات الفاعلين وتمثلاتهم في بلورة وتوجيه الإصلاح. كيف يمكننا مثلا أن نفسر الإصلاح الذي شمل مقررات التربية الإسلامية في المغرب، دون استحضار العنصر الأيديولوجي، متمثلا في الإطار المرجعي الدولي حول محاربة الإرهاب وربطه بالمنظومة التعليمية في الدول الإسلامية، ودون المعرفة المسبقة بأطروحة الإمبريالية الثقافية التي تفترض ملاءمة قيم المجتمعات المعاصرة مع قيم النظام العالمي المهيمن؟ من تحليل السياسات التعليمية إلى سوسيولوجيا الفعل التعليمي يرى كل من ميني وتوينغ Meny&Thoeing أن دراسة السياسات العمومية بمثابة دراسة لفعل السلطات العمومية، كما يؤكد الكاتبان على أهمية الجانب الخفي غير المصرح به من سلوكيات الفاعلين السياسيين،  باعتباره عنصرًا حاسمًا في كل سياسة عمومية. إلى جانب ذلك، يؤكد ميني وتوينغ على ضرورة تجاوز المقاربة الشكلية لتحليل السياسات العمومية المعلنة، إلى ما تقوم به السلطات العمومية فعليا؛ أي تجاوز تحليل السياسات العمومية المعلنة إلى تحليل الفعل العمومي، الذي لا يمكن الوقوف عليه إلا بتحليل سلوكيات الفاعلين والسعي نحو فهم ما يجعل التعاون ممكنًا بين مختلف المتدخلين في الإصلاح، والتوافقات والمفاوضات والمساومات التي تحدد المسار الفعلي للإصلاح باعتباره سياسة عمومية.
إن السياسات الإصلاحية ليست مجرد إجراءات خطية آلية يتم تنزيلها من طرف الفاعلين، فهذه السياسات تقوم في الواقع بتعبئة مجموعة من الأنشطة والإجراءات العملية والموارد المختلفة، وتنفذ من خلال شبكات علاقات تضم مختلف الفاعلين الاجتماعيين المتدخلين في سيرورة الإصلاح. دول العالم العربي ينبغي أن تتعاون مع الدول المتقدمة لمعرفة كيفية تحسين نظمها وعلى أي قواعد عمل هذه النظم. هذا التعاون من شأنه أن يساعد على حل الكثير من المشاكل. بلدان كثيرة مستعدة لتقديم المساعدة ولكن المشكلة في العالم العربي، هناك عدم استعداد لاتخاذ الاستفادة من تجارب البلدان الأخرى.
ويمكن تلخيص أهم مشكلات النظام التعليمي في:
عدم وجود رؤية محددة للتعليم، مبنية على إطار نظري واضح، باستثناء الخطوط العريضة والسياسات العامة الواردة في “سياسة التعليم”، فليس هناك رؤية واضحة يتفق عليها المخططون للتعليم توجه المشروعات التطويرية التربوية.
 ولذلك فمن الصعب التعرف على مسار محدد لتقدم التعليم، بل إن كثيرًا من المشروعات والتوجهات التطويرية تنتج إما ردة فعل أو نتيجة اجتهادات شخصية من قيادات الوزارة؛ ما يسبب تقديم المشاريع دون وجود إطار نظري واضح تعتمد عليه ويربطها بغيرها، فضلًا عن ذوبان هذه المشاريع وتلاشيها التدريجي، 
وربما انحرافها عن مسارها الأساسي، دون تقويم لنتائج تطبيقها أو تطوير لها. المناهج ومناسبتها للتقويم، وتقديمها من خلال طرق تدريس مناسبة، وتدريب المعلّمين على تقويم الأداء، ومناسبة المحتوى للطلاب ومتطلبات بناء المجتمع. تدني تأهيل المعلمين، والذي على الرغم من إقرار درجة البكالوريوس التربوي حدًّا أدنى للتأهل لوظيفة (معلم)، إلا أنه في كثير من الأحيان يتم الاستعانة بالحاصلين على درجة البكالوريوس غير التربوي في بعض التخصصات (مثل اللغة الإنجليزية والفيزياء والرياضيات)، نتيجة لندرة المعلمين في هذه المجالات.
 كما أنه لا يوجد معيار للاختيار من الحاصلين على البكالوريوس سوى المفاضلة بينهم بناء على معايير يحكمها العرض والطلب. ورغم أن الوزارة أنشأت نظامًا لاختبار كفاءة المعلمين الجدد إلا أن تدني مستوى المعلمين في هذا الاختبار كثيرًا ما يجبر الوزارة على التنازل عن معاييرها والقبول بمعلمين حصلوا على نتائج متدنية في ذلك الاختبار.
المبنى المدرسي، فنتيجة للزيادة المتسارعة في النمو السكاني والتوسع الجغرافي، ونقص التخطيط المسبق، اضطرت الوزارة في العقود المتأخرة إلى استئجار مبانٍ سكنية واتخاذها مدارس، مع ما فيها من النقص الواضح في المرافق التربوية من ملاعب وصالات ونحوها، كذلك عدم مناسبة فصولها وتجهيزاتها للأداء التربوي.
وهذا ما أسهم في إفشال كثير من الأنشطة التربوية سواء على مستوى الطلاب أو مستوى المدرسة أو أنشطة النمو المهني للمعلمين. كما أن تلك المباني أدت إلى ازدحام الطلاب بالفصول. كما أنَّ (مخططات) المدارس الحكومية رغم أنها أفضل بكثير من المدارس المستأجرة، إلا أنها تفشل في كثير من الأحيان في الإسهام في إيجاد بيئة تربوية جاذبة داخل المدرسة.
زيادة عدد الطلاب في الفصول، والذي يأتي على الرغم من أنَّ النسب الإجمالية لعدد الطلاب في الفصول ونسبة عدد الطلاب للمعلين متدنية، حيث يبلغ متوسط عدد الطلاب في الفصول 25 طالبًا، ونسبة الطلاب للمعلمين معلم لكل عشرة طلاب، إلا أن كثيرًا من المدارس، لاسيّما في المرحلة الثانوية داخل المدن تعاني من ارتفاع أعداد الطلاب داخل الفصول، وكذلك من صغر حجم الفصول.
النظام الإداري للمدرسة، إذ يغلب على إدارة المدرسة الطابع الإداري البيروقراطي الرتيب، الذي يقتصر في كثير من الأحيان على تنفيذ التعليمات بأقل قدر من الكفاءة. فالصلاحيات تكاد تكون معدومة لدى مدير المدرسة، ويقتصر دوره في كثير من الأحيان على تسيير الأمور اليومية الروتينية في المدرسة. وهذا الوضع جعل مدير المدرسة مهددًا دائمًا بالمحاسبة لمخالفة النظام، وبالتالي إعادته معلمًا كما كان. كما تشير كثير من الدراسات إلى عدم فعالية النظام الإشرافي، بوضعه التقليدي الذي يركز على الزيارات المتباعدة غير فاعل في تطوير أداء المعلمين ولا أداء المدارس.
عدم وجود آلية لقياس ناتج التعليم، فليس هناك آلية واضحة لمعرفة مدى تحقيق النظام التعليمي لأهدافه، سواء على المستوى المدرسي أو على مستوى المجتمع. فلا يوجد اختبارات مقننة معتمدة يمكن من خلالها الحكم على أداء المدارس، ولا توجد عمليات مقايسة خارجية “benchmarking” مع دول أخرى، للتعرف على المستوى الفعلي لطلاب المدارس.

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر

ads