رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار
أحمد المرشد

أحمد المرشد

الخليج – ترامب..تحديات وأولويات ‏‎

السبت 26/نوفمبر/2016 - 07:02 م
طباعة

 

يتعين علينا ونحن بصدد تناول التحليل السياسي لمستقبل العلاقات الخليجية – الأمريكية عقب انتخاب الجمهوري اليميني دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية،  ضرورة الربط بين أقوال صاحب صيحة "الترامبوية" وهي صيحة أمريكية جديدة، قبل مجيئه للبيت الأبيض..وبين ما نري أنه سيكون واقع جديد في هذه العلاقات، خاصة في ظل  أن كل ما نطق به هذا "الترامبوي "يعد ضلالا في حق الخليج.

‎ومن هذه الزاوية، سنتناول مواقف الرئيس الأمريكي المنتخب، مع قضايا تهمنا، خليجيا وعربيا وإقليميا لنصل الي شكل العلاقات الأمريكية المتوقعة مع روسيا، خاصة في ظل الدعم الروسي اللا محدود للنظام السوري الغاشم الذي ما أنفك يقتل شعبه كل يوم ويذيقه كل ألوان العذاب والقمع والتخلف.

‎وقبل أن أبدا تصوير مواقف ترامب حيال منطقة الخليج ،  لابد ان  نلفت الإنتباه  الي أن ثمة اتجاها  لتكون مواقف المرشح الجمهوري المتشددة  هي من قبيل تأليب الجمهور اليميني ضد الديمقراطيين، للحصول علي أصواتهم، وكذلك جذب أصوات المتشددين الذين يرون أن بلدهم أمريكا في طريقها للإنهيار، وأن هذا المرشح  هو الذي سيعيد أمجاد أمريكا للأمريكيين.

‎يعن لنا نحن الخليجيين، أن نحبس أنفاسنا ليس من  فوز ترامب فقط، ولكن فوز الجمهوريين بأغلبية الكونجرس، فالمجلسان التشريعيان الأمريكيان – النواب والشيوخ - هما الأخطر علي مستقبل العلاقات وليس الرئيس في حد ذاته.. ويعن لنا أيضا ترقب ضربات جديدة من قبل الجمهوريين لأمن الخليج والشرق الأوسط.  فترامب يطالب بثمن ما يدعيه بحماية بلاده لدول الخليج، وهنا نشير الي أن  الحزب الجمهوري، هو صاحب قانون "العدالة في مواجهة الإرهاب- جاستا"  الموجه تحديدا نحو السعودية والمنطقة. ونشير هنا أيضا الي رفض الكونجرس موقف الرئيس باراك أوباما في تجنب إقرار هذا القانون، فأوباما فشل أمام تعنت الكونجرس. ونحن عندما نذكر هذا، فمن أجل التنبيه فقط الي القلق المتوقع من اتفاق البيت الأبيض (الترامبوي) والكونجرس لاقرار المزيد من القوانين العدائية، أو حتي لو توقف الأمر لتفعيل قانون" جاستا"، فهذا أيضا موقف عدائي وستكون بداية غير طيبة.

‎واتساقا مع مواقف ترامب المعادية، فهو يقترب أكثر وأكثر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويعتبره ملهمه السياسي، وفي انقلاب أمريكي حقيقي علي سياسات أوباما، أعلن ترامب – المنتخب – أن سياسته الخارجية إزاء الأزمة السورية ستختلف عن سلفه الديمقراطي التي استندت علي دعم جماعات المعارضة المعتدلة. وقال في مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال، إن لديه وجهة نظر مختلفة بخصوص الحرب علي سوريا، وإنه يجب التركيز علي محاربة داعش بدلا من الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، وذلك في أول توجه مضاد لمواقف البيت الأبيض الأوبامية.

‎وعودة للخليج ، فالانقلاب الترامبوي هنا بدأ مبكرا للغاية حتي قبل أن يتسلم مهام منصبه في يناير المقبل،  فحسب ما ترشح من أنباء وتصريحات له ولفريقه الانتخابي ، أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب تحالفه مع كل خصوم الخليج ومصادر التهديد لهم، ابتداء كما سبق وأشرنا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مرورا بالتخلي عن الإطاحة ببشار الأسد، وصولا الي إسرائيل التي أعلن أنه سيوافق علي أن القدس عاصمة موحدة لإسرائيل والاعتراف بالمستوطنات غير الشرعية التي تقلص حدود الدولة الفلسطينية المرتقبة لأكثر من 20% تقريبا .

‎وهنا نأتي للتساؤل المهم:" ما هو موقف المجتمع الخليجي حيال هذا الرئيس اليميني؟ وهل سيفكر القادة الخليجيون في الحل في قمتهم المقبلة بالبحرين؟". أغلب الظن أن الإجابة الخليجية ستكون اتخاذ مواقف استقلالية لا ترتبط بالفلك الأمريكي في ظل هذا الابتزاز الغاشم علي قرار المنطقة.. وأتوقع أيضا أن يكون  القرار الخليجي مستقلا تماما، عدم  الدخول في صدام مع ساكن البيت الأبيض والكونجرس التابع له، والأهم من كل هذا عدم الخضوع عموما في دائرة السيطرة الأمريكية .

‎ليس قانون جاستا وحده الذي قد يكون سبب خلاف عميق بين منطقة الخليج وأمريكا، ففي ظل ما نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية عن مؤشرات السياسة الخارجية الأمريكية حيال المنطقة، نكون قد وقعنا في الفخ حقا. فالمجلة ذاتها وصفت المسألة بأنها "خطر آخر داهم" وأسهبت في الشرح، فهو ينوي سرقة النفط حسب ما ذكرته . وتناولت المجلة السياسة الخارجية للولايات المتحدة وما يتعلق بأطماع أمريكا في ثروات الشرق الأوسط، وقالت: إن المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة دونالد ترامب يعتزم سرقة نفط المنطقة. وأشارت في مقال تحليلي للكاتب مايكل كلير، نشر في منتصف اكتوبر الماضي،  الي أن "سياسة الحصول على نفط الشرق الأوسط " كانت محور نقاش في الولايات المتحدة منذ عقود، وأن ترامب أعرب في أكثر من مناسبة عن رغبته في الاستيلاء على نفط العراق في حال فاز وأصبح رئيسا لأمريكا". وأوضح التحليل أن ترامب ليس أول شخصية أمريكية بارزة تقترح مصادرة نفط الشرق الأوسط عن طريق القوة العسكرية، بل إن الإدارات الأمريكية السابقة لطالما غامرت باتباع سياسات متهورة من أجل تحقيق هذا المسعى، فترامب سبق أن تحدث عن نفط الشرق الأوسط في أكثر من مناسبة، وأنه قدم تبريرات للاستيلاء على نفط العراق، من بينها ما صرح به أثناء المناظرة الأولى مع مرشحة الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة، هيلاري كلينتون، في 26 سبتمبر الماضي. ومن جانبها، علقت "فورين بوليس" بأن نية ترامب هي نهب نفط العراق والسيطرة عليه باعتباره مكافأة شرعية، نظير الإطاحة بنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين واحتلال العراق.

‎ليس نفط العراق فقط الذي يريد ترامب الاستيلاء عليه،  فقد لفتت فورين بوليسي أيضا إلى أنه سبق وتحدث عن سرقة نفط ليبيا، وقالت: إنه صرح لمحطة "فوكس نيوز" برغبته في الذهاب إلى ليبيا للحصول على النفط هناك مقابل إسقاط معمر القذافي.

‎ونعود هنا الي بعض تصريحات ترامب أثناء حملته الانتخابية حيال منطقتنا، وتتصف جميعها بأنها "حمقاء"، مثل :" دول الخليج لا تملك أي شيء، لكنها تملك الأموال، سأجعلهم يدفعون الأموال".  هذه الأموال التي وصفها لاحقا بأنها "ثمن الحماية"..وهو الذي إدعي:"إنه ينبغي على الدول التي تتمتع بحماية الولايات المتحدة أن تدفع ثمن هذه الحماية، لن تبقى السعودية طويلًا دوننا .. لا نسترد مقابل ما ننفقه من خدمات ضخمة نقوم بها لحماية العديد من الدول. الآن السعودية واحدة منها من هذه الدول."

‎وإذا كنا تحدثنا عن التقارب الأمريكي – الروسي عبر ترامب وبوتين، فهذا في حد ذاته أمر خطير علي الأمن الخليجي، فروسيا ورغم كل مشكلاتها الاقتصادية ، تتصرف باستعلاء في المنطقة، فتتخذ من إيران شريكا أساسيا لفرض هيمنتها علي سوريا، وتعد أكبر مورد عسكري لإيران، ناهيك عن مساعداتها النووية الضخمة لبناء القوة النووية الإيرانية والوقوف بجانبها في مجلس الأمن واستخدام حق الفيتو في كافة القرارات التي تمس البرنامج النووي الإيراني قبل التوصل لاتفاق مع إدارة أوباما.

‎تحدثنا هنا عن المواقف المحتملة لترامب حيال منطقة الخليج، ولكن الموقف ربما يختلف تماما إذا نظرنا للأمور بالمنطق أو بالفكر التقليدي للرؤساء الأمريكيين.. فهم لا يحكمون بلادهم بمفردهم، لأن إدارة الولايات المتحدة الأمريكية تحكمها دولة المؤسسات وليس الرئيس وحده، وإنما هو جزء من ضمن مكونات هذه المؤسسات، بل أضعفها أيضا. فصناعة السياسة الخارجية الأمريكية تتحكم فيها عدة جهات، تبدأ بالرئيس بموجب صلاحياته، يليه الكونجرس لكونه شريكا أساسيا في عملية اتخاذ القرار داخليا وخارجيا بموجب الدستور، وتأتي مراكز الأبحاث السياسية والاقتصادية كقوة ثالثة حيث تضم النخبة المؤثرة في السياق السياسي الأمريكي. وتعد هذه المراكز مصانع السياسة الخارجية في الولايات المتحدة، فالعلاقة بينها وبين البيت الأبيض علاقة قوية وتؤثر في أي قرار يتخذه الرئيس الأمريكي. ويرجع هذا لعدة أسباب، من بينها أن تشكيل هيئات هذه المراكز يتم عادة من قيادات سابقة أو عناصر متنفذة رفيعة المستوي داخل الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وتعتبر توصياتها السياسية عنصرا مهما للإدارة الأمريكية عندما تتخذ أي قرار علي المستوي الدولي. كما أن ندوات ومؤتمرات هذه المراكز يحضرها قيادات في الإدارة الأمريكية  للاطلاع علي أخر ما يدور في كواليس النخبة وكيف يفكرون.

‎وتأتي كيانات المصالح في المرتبة الرابعة من مكونات صناعة السياسة الخارجية الأمريكية، وهي تتشكل من امبراطوريات اقتصادية كبري وتلعب دورا كبيرا في اختيار المرشحين لخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية، فالاقتصاد من العناصر الرئيسية في عملية صناعة القرار الأمريكي..ثم يليها جماعات الضغط – اللوبيات – وقد تزايد دورها في تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية لأنها أصبحت وسيلة ضغط مهمة في القرار. ويلي ذلك الإعلام بطبيعة الحال والذي يؤثر بقوة في الرأي العام الداخلي ويمهد لأي قرار محتمل قد يتخذه البيت الأبيض.

‎بيد أنه مع  كل ما ذكرنا، فإن ترامب سيواجه بعض التحديات التي لم يكن متفرغا لدراستها قبل انتخابه رئيسا، ويعتبر الإرهاب أول هذه التحديات حيث يشكل تهديدا لأمريكا ٬ خصوصا إذا طبق الجمهوريون تهديداتهم بطرد العرب والمسلمين والملونين واللاتنيين وبقية المهاجرين. ولن يتوقف  الإرهاب علي ما يدعونه بأنه مرتبط بالمسلمين فقط، فالإرهاب آنذاك سيكون كونيا وسيحيط بكل أمريكا من كافة الجهات.

‎نأتي للتحدي الثاني أمام إدارة ترامب الجمهورية ويتمثل  في اختلال التحالفات، نتيجة تعرض علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها لأزمات متعددة بسبب نهج السياسة الخارجية لإدارة باراك أوباما. فالرئيس الديمقراطي الذي يستعد لمغادرة البيت الأبيض رأي أن السياسة الخارجية لبلاده استنزفت قد را كبيرا من الموارد والاهتمام الأمريكي على مدار العقود الماضية٬ وأن حلفاء الولايات المتحدة يسعون لاستغلال قوتها العسكرية لتحقيق مصالحهم الذاتية٬ وهو ما دفعه لتبني مبادئ التشارك في التكلفة والقيادة من الخلف٬ والإحجام عن التدخل العسكري للتصدي للتهديدات. ويتضح هذا لنا  في قرار أوباما برفض التدخل العسكري في سوريا في أغسطس 2013 عقب استخدام نظام الأسد أسلحة كيماوية ضد المدنيين٬ على الرغم مما يمثله ذلك من تآكل مصداقية الردع الأمريكي. وتسببت سياسة أوباما في تراجع الثقة في الولايات المتحدة كحليف يمكن الاعتماد عليه٬ وصعود دور القوى الإقليمية في التصدي للتهديدات وتحقيق الأمن الإقليمي. ويدخل في هذا التحدث طريقة تعامل البيت الأبيض في عهد ترامب مع حلف الناتو، وهل يطالب الدول المشاركة في الحلف تحمل تكلفة الأنشطة والعمليات الأعباء في ظل مطلب ترامب بعدم تحمل بلاده التكلفة العسكرية الأكبر داخل التحالف.

‎ونأتي لتحدي آخر٬ ويتمثل في  تراجع الصدارة بعد  ان اتجهت كل من الصين وروسيا للتمدد عالميا استغلالا لضعف السياسات الأمريكية العالمية.. فقد كشف الصدام (الروسي – الأوروبي الأمريكي) عقب التدخل العسكري الروسي في شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا عن اتباع الولايات المتحدة سياسة  "الاحتواء الناعم" بدلا من الصدام المباشر مع روسيا. وتجلى ذلك  في عدم الاعتراض على التدخل العسكري الروسي في سوريا. أما الصين، فهي تحصد  تخلف أمريكا عن حماية بحرالصين الجنوبي، فمدت بكين هيمنتها عليه وعلى الجزر المتنازع عليها مع دول الجوار٬ وهو ما يزيد من حالة انعدام الثقة في قدرة الولايات المتحدة على تحمل تبعات القيادة العالمية.

‎كلمة أخيرة..وهي إشادة بالدراما والسينما الأمريكية التي سبق وتنبأت في حلقات كرتونية للأطفال أن يأتي دونالد ترامب رئيسا لأمريكا،  ومن قبله، توقع فيلم أمريكي بأن يأتي شخص ملون رئيسا للولايات المتحدة وهو ما تحقق مع باراك أوباما..ولكن أشد ما يدهشنا هو جرأة البرامج الأمريكية في التعامل مع الرئيس المنتخب، فقد شاهدت مقطع من برنامج يبث للأطفال وقد تضمن تقريرا من الشارع عن رأي الأطفال الأمريكيين في رئيسهم الجديد، وقد علق معظمهم بأن هذا الرجل خطر علي أمريكا، ومنهم من قال إن كان يخشي علي أمه لو كان ترامب أبيه حيث توقع الطفل أن يقتل ترامب أمه.


إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر

ads
ads