صدى العرب : أنــا شرهــــــان (طباعة)
أنــا شرهــــــان
آخر تحديث: الخميس 17/05/2018 04:04 ص
السفير: خليل الذوادي السفير: خليل الذوادي
في ليلة من ليالي القاهرة بدار الأوبرا المصرية الأربعاء 9 مايو 2018م أقيمت حفلة موسيقية أحياها فنان العرب محمد عبده وصاحبة الصوت الشجي الفنانة المصرية أنغام، حيث غنيا من إبداعات ألحان الموسيقار السعودي طلال، وكان نصيب محمد عبده أحد عشر أغنية بينما غنت أنغام خمس أغانٍ، وكان الحفل بإشراف من السيد خالد أبو منذر المشرف العام على أعمال الموسيقار طلال، وقاد الفرقة المايسترو هاني فرحات، وكلمات الأغاني من إبداعات أشهر من كتب الكلمات الغنائية نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، وسمو الأمير بدر بن عبدالمحسن، وثريا قابل وعبدالرحمن الأبنودي، وفهد عافت وفائق عبدالجليل، وطارش قطن، ومأمون الشناوي، ومبارك الحديبي، ود. علي الغامدي، وعمر النعيمي، وأحمد المري، ونزار قباني، وكانت الحفلة والقائمون عليها تمثل نسيجاً من الإبداعات العربية في الأداء والتأليف والتلحين والموسيقى، فقد احتضنت دار الأوبرا المصرية كل هذه الإبداعات التي تؤكد فعلاً إن الموسيقى لغة عالمية تنسجم من خلالها إبداعات لا تعرف لا الحدود ولا الأوطان.

وكعادة بوعبدالله معالي الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة كان حضوره لافتاً، رحب بوجوده الجميع، كما كان معاليه مرحباً ومتبسطاً ويشيع ابتسامته على كل من يقابله ويتحدث إليه.

إبداعات الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة الغنائية متعددة ولا يمكن المفاضلة بينها سواء منها الوطنية أو العاطفية، فهو صاحب الكلمة المعبرة عن الأحاسيس الفياضة الحريص على اختيار المفردات ذات الأبعاد العميقة والمؤثرة، كانت ولا زالت له إسهاماته في الأخذ بيد الفنانين البحرينيين والخليجيين بأن خصهم بأعذب وأرق الكلمات وبما يناسب كل واحد منهم وبخامته الصوتية المتميزة، وحسناً فعل الموسيقار طلال بألحانه ومحمد عبده بأدائه في اختيار كلمات «أنا شرهان»، حيث تم توزيعها موسيقياً من قِبل يحيى الموجي، ويقول فيها الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة:

أنا شرهان يا عمري

ومن حقي عليك أشره

كبر حبي مع سنيني

تظن تالي العمر بكره

يا عمري.. وش بقي بعمري

عطيتك أغلى أيامي

شبابي اللي انقضى عني

وحبي وأغلى أحلامي

يا عمري وش بقى عندي

وش اللي ظل قدامي.. أنا شرهان يا عمري 

وعندما تستمع إلى كلمات الشيخ عيسى بن راشد تغبط المطرب الذي استطاع بأدائه أن ينقل إحساس الشيخ عيسى بالكلمة وتعبيرها العميق، فهو قد نقل المفردة الشعبية البسيطة إلى آفاق شعورية تلامس العقل والقلب معاً وتجعل المتأمل يحلق بعيداً وتجره إلى تلك الأيام على بساطتها، فالشيخ عيسى يملك ولله الحمد موهبة التوصيل البسيط للمشاعر، بحيث أن كل مفردة من مفردات الأغنية تعبر عن حالة شعورية معينة، وأحسب أن كل من غنى من كلمات الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة كان يجد صعوبة في أن يتراجع عن أداء أغاني أخرى تكون أقل منها شعوراً متدفقاً، فأغاني بوعبدالله تأخذ صفة الخلود، وعندما تسمعها في وطنك وبين أهلك وفرجانك تتذوقها بالحس الشعوري المتدفق في مدن وقرى مملكة البحرين، وعندما تستمع إليها في الغربة يشدك الحنين إلى الوطن وأهله وتحلق بعيداً في أجواء مفعمة بالحب والذكريات والناس الذين تعرفهم وبالحواري والفرجان التي كنت تلعب في طفولتك بين جنباتها وحملت معك أجمل الذكريات والتي تبقى معك ما دمت متعلقاً بها.

ليس من المستغرب أن يلح الفنانون والمبدعون والمستمعون أن يواصل بوعبدالله كتابة الكلمات ويعيشون معه أروع ما تفيض به مشاعره المتدفقة وموهبته الفذة، فكم نحن بحاجة إلى الكلمات التي تصل إلى القلب والعقل بكل صدق ومشاعر فياضة وشفافة بطيبة وأخلاق وشيم وخصال الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة الذي لا تمل من أحاديثه وتعبيراته البسيطة والصادقة والنابعة من نفس رضية طيبة..

يقال إن الكلمات هي أحياناً تفرض على الموسيقار لحناً، فالكلمة هي بذاتها ملحنة بالفطرة وهذه ميزة كلمات الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة التي تفرض لحناً وأداءً معيناً، ومن خلال تجربته الغنائية الثرية وجدنا هذا الإحساس في كل الأغاني التي ألّفها، فالشيخ عيسى عاشق للتراث والثقافة والموروث الغنائي البحريني بأنواعه وتلاوينه، وهو الواعي تماماً لأداء النهّامين الذين شدوا بأغاني الغوص على اللؤلؤ، وأعد للإذاعة والتليفزيون برامج خاصة بهذه الفنون وساهم إسهاماً كبيراً في حفظ هذا الموروث وإلقاء الضوء عليه، فقد شعر بالمسؤولية الوطنية في حفظ هذا الموروث والكنوز الإبداعية التي تمثل ذاكرة وطن ونبض مشاعر الناس وأحاسيسهم ومعاناتهم، فنالت البرامج التي أعدها شهرتها في البحرين والخليج العربي والوطن العربي، ولا غرابة أن تكون إبداعات الشيخ عيسى الغنائية المتعددة هي من نسيج هذا الإبداع الوطني المتأصل.

وأدعو الأخوة المختصين لدراسة إبداعات الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة الوطنية والعاطفية، ففيها الكثير من المعاني والعبر والثروة الوطنية التي من مسؤوليتنا المحافظة عليها.

ونبقى معاً أعزائي القراء مع المقطع الأخير من أغنية «أنا شرهان» حيث تقول:

ما شفتي الشوق في عيوني

ما شفتي الفرحة لي شفتك

ما حسيتي بكثر حبي

ورضاي بكل شي قربك

عليك أخاف من كل شي

أخاف والدنيا غداره

أحس انتي كل دنياي

نصيبي وحظي ودربي

وأحس انتي دون الناس

أحلى ما خلق ربي.. أنا شرهان يا عمري


وعلى الخير والمحبة نلتقي