صدى العرب : ونجحت أوزبكستان (طباعة)
ونجحت أوزبكستان
آخر تحديث: الأربعاء 28/09/2022 01:31 م
السفير: خليل الذوادي السفير: خليل الذوادي
عندما تستطيع دولة صديقة من تحقيق إنجاز على المستوى الوطني ببعد دولي مشهود له؛ فإن ذلك يحتم علينا أن نشيد بهذا الإنجاز ونبارك له، لكي تمضي سفينة الوطن إلى كل ما يحقق لها السبق من أجل خيرها وخير مواطنيها وقيادتها؛ فقد نجحت أوزبكستان خلال 14، 15، 16 سبتمبر 2022م من تحقيق إنجاز يحسب لها، إذ تجمع رؤساء دول أعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون بالإضافة إلى رؤساء ورؤساء وزراء من دول راغبة في الانضمام لهذه المنظمة كأعضاء ومراقبين وشركاء في التنمية المستدامة، ما يبشر برؤى اقتصادية وتنموية هي مطلوبة في عصرنا الحاضر، فتحديات التغير المناخي وما يستتبعه من تصحر وجفاف وأزمة غذاء عالمي أو ما يسمى «الأمن الغذائي» ظروف تستدعي من دول العالم الذي يشهد بالإضافة إلى ذلك اضطرابات أمنية وحروبًا وعدم استقرار، وهذه كلها مهددات لاستقرار الشعوب والبناء الوطني لخير البلدان وشعوبها.

في أوزبكستان تجربة جديرة بالاهتمام والأخذ بها، فدولة ذات تاريخ عريق وحاضنة لإرث وتراث إسلامي عريق أبت إلا أن تكون جديرة بالمحافظة على هذا التراث والعمران الذي أصبح ماثلًا للعيان من خلال الجوامع، والمساجد، والقبور والأضرحة والمعالم العمرانية التي تدل على الحضارة العريقة، والتحدي هو المحافظة على تلك الكنوز وجعلها ناطقة حية في عالمنا المعاصر من خلال إنشاء المراكز والمدارس والمعاهد التي تعلم الأجيال ماضي بلادهم من خلال القرآن الكريم، واللغة العربية وعلوم الحديث مع تقدير العلماء وأئمة الحديث ومن بينهم طبعًا الإمام محمد بن إسماعيل البخاري (20 يوليو 810م - 1 سبتمبر 870م)، جامع أحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصاحب صحيح البخاري يرحمه الله.. وأمة تتباهى بتاريخها وإرثها القومي والإنساني لا شك أنها جديرة بالاحترام، وعندما يحرص أبناء البلاد على أخذ زوار بلدهم إلى هذه الأماكن التي تشكل تاريخًا ناصعًا من العلوم والمعارف التي كانت في وقتها منارات للأخذ بها والسير على هداها مع المحافظة عليها، وتخصيص الخبراء الذين يطلعون الزائرين على عمق هذه الحضارة وشموخها.. لا شك أن التاريخ شاهد على عمق حضارتنا الممتدة شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا..

أبناء أوزبكستان الذين التقينا بهم في طشقند وسمرقند ضربوا أروع المثل في الاحتفاء بضيوف بلادهم وبذل الجهد الكبير من أجل اطلاعهم على كنوز بلادهم وإرثهم الإنساني في زمن قصير، لكنه مترع بالمعلومات المفيدة وزاخر بتجارب الأجداد والآباء الإنسانية، فالشكر موصول لسعادة سفير أوزبكستان في الرياض السيد ألوغبيك مقصدوف والدكتور دافرونبيك مقصدوف نائب وزير الشؤون الدينية بأوزبكستان، والأستاذ عبدالحميد والأستاذ شيراز من المراسم فقد بذلا وزملاؤهما في طشقند وسمرقند الجهود الكبيرة والمقدرة في الاحتفاء بنا واطلاعنا على المعلومات المفيدة والغنية عن بلادهم والحقب التاريخية التي مرت بها، كما كانت هناك متابعة من سعادة سفير أوزبكستان بالقاهرة السيد منصوربيك كيليتشيف وطاقم السفارة معه للاطمئنان على نجاح الزيارة التي هي جزء من مد جسور التعاون العربي مع الأصدقاء في دول العالم، وبالذات تلك الدول التي نتقاسم معها التاريخ والثقافة والعلوم الدنيوية والدينية، وقد حظينا أنا والأخ الوزير المفوض الدكتور محمد بن صديق مدير إدارة آسيا وأستراليا والتعاون العربي الآسيوي بثقة السيد أحمد أبوالغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية وتكليفه لنا بتمثيل الجامعة العربية في ذلك المحفل الدولي، ألا وهو قمة «منظمة شنغهاي للتعاون»، متطلعين إلى تعاون جامعة الدول العربية مع هذه المنظمة ومد جسور التفاهم الدولي لخير بلداننا وشعوبنا، وقد تمكنت أوزبكستان من تحقيق استضافة ناجحة لتلك القمة الدولية بحضور قادة وزعماء عدة دول آسيوية وممثلين عن منظمات دولية وإقليمية.

إن التطور العمراني الذي شاهدناه في أوزبكستان يسير جنبًا إلى جنب مع المحافظة على التراث والآثار في تناغم حضاري؛ فالمناطق التي عمرت هي ملاصقة ومجاورة لمباني الحضارة القديمة في تناغم حضاري مثير للإعجاب، كما أن التشجير والاهتمام بالخضرة واكتساء طشقند وسمرقند وغيرهما من المدن بالأشجار والمزروعات دليل وعي حضاري بأهمية المساحات الخضراء والتي هي تنسجم مع المحافظة على المناخ والحرص على التشجير والتغلب على

التصحر الذي هو بات هدفًا لجميع الدول التي أدركت أن الخضرة والاستفادة من خيرات المياه المتمثلة بالأنهار والأمطار في تشجير بلداننا هي لخير الوطن وخير المواطنين.

كما أن إقامة خطة سكة حديد لقطار سريع يربط بين أهم مدن أوزبكستان (طشقند وسمرقند وبخاري) لدليل آخر على أهمية الربط بين التاريخ العريق الذي تزخر به تلك المدن ومستقبل التنمية الواعدة لتلك البلاد.

إن التاريخ شاهد على ما تم تحقيقه من إنجازات في العلوم والآداب والثقافة، بالإضافة إلى قدرة الشعوب على الإنجاز الإنساني لخير البشرية جمعاء.. فإن العناية التي توليها الجهات المسؤولة في بلادنا العربية والإسلامية لإرثنا وتراثنا هي موضع احترام وتقدير، ولا نملك إلا أن نشيد بكل يد تبني وتعمر، وتنظر إلى المستقبل بكل أمل وتفاؤل.

وعلى الخير والمحبة نلتقي...