صدى العرب : ابعدْ عـــــن الشـــــر (طباعة)
ابعدْ عـــــن الشـــــر
آخر تحديث: الأربعاء 16/08/2017 12:52 ص
السفير: خليل الذوادي السفير: خليل الذوادي

السؤال الذي يدور في خاطري وبالتأكيد في خاطركم هو هل نحن قادرون على الابتعاد عن الشر؟ طبعا القول المصري «ابعد عن الشر وغني له» شائع ونكرره كلما حزَّ في نفوسنا قلق وتوجس وخشية وريبة، وهو بالفعل يُعد في عرفنا الحالي حكمة بالغة وقولا مأثورا، فكم نحن بحاجة الى الابتعاد عن الشر، صغر هذا الشر أم كبر. قد يقول قائل: إنها إرادة الإنسان في أن يبتعد عن الشر ويتجنبه، هذا إذا أحس به أو تداعى عنده في ذاته وفي نفسه الشعور والإحساس والقدرة الربانية الكامنة في الذات البشرية فيما يشبه قرون الاستشعار عن بعد لدى بعض مخلوقات الله، ولكننا للأسف الشديد نتعرض إلى أنواع من الشرور محبكة التنفيذ ومدروسة بعناية فائقة وصرفت عليها الملايين ووظفت عقول تبحث في كل أنواع السوء، وهنا مكمن الخطر المحدق.
 تلاقت إرادة المؤلف الإماراتي الشاعر إبراهيم جمعة صاحب الكلمات الرقيقة التي تغنى بها العديد من مطربي الخليج العربي مع ألحان الفنان الرائع حسين الجسمي، ليشدو المبدع المغني الفنان راشد الماجد بأغنية أُنتجت في عام 2002 بعنوان «ابعد عن الشر وغني له».
 وبطبيعة الحال فإن موضوع هذه الأغنية وكونها عاطفية فقد تناولت شأنا عاطفيا رقيقا وإن كانت قد وظفت مفهوما عاما فكلمات هذه الأغنية تقول:
مشكلني حبك يا روح الروح مشكلني
واتعبني قلبك مع الحساد أتعبني
ياما نصحتك وقلت لك كانك تحبني
إبعد عن الشر يا عمري وغني له
 لكننا في حياتنا المعاصرة لا نتعرض فقط إلى مواقف عاطفية أيًا كانت طبيعتها وأشكالها، وقد يكون ضررها محدودا، ولكننا في زمان أصبحت أنواع الشرور جسيمة وضررها واسع وشاسع وتطال أعدادا كبيرة من البشر بل تتعداها الى بلدان وشعوب، قد يكون الشر في تنفيذه أيسر من بناء الخير؛ لأنه كما هو معروف؛ فالهدم أيسر من البناء وأسرع، ولكن الإنسان السوي لم يخلق لزرع بذور الفتنة والشقاق والخصام، وإنما رسالته كانت ومازالت إعمار الكون وإقامة العلاقات الإنسانية بين بني البشر، ولذلك فقد تحمل الرسل والمبشرون والمصلحون والمفكرون وأصحاب العقول الراجحة الكثير من الصعوبات بل الآلام والتوجعات، ولكنهم صبروا وصابروا إيمانا منهم بأن رسالة البناء وتعمير النفوس تحتاج إلى جهد ووقت يأخذ منا الكثير، ولذلك جاءت أغنية راشد الماجد بهذا التعبير:
إذا نصحتك يا ليت تسمعني وتراعي
لا تشتكيني هلي لا تلوي ذراعي
هذا الوفا والصراحة ساس أطباعي
يا ويل قلبي من أطباعك أيا ويله
احذر كلام الوشايا
احذر حبيبي وخلنا في محبتنا
الناس ما همها إلا بتبعدنا
الحب ما بيننا لازم نوفي له
نحن نحب أوطاننا، ونحب الناس الذين يعيشون بيننا، ونحب طبعا من يقاسمنا لقمة العيش سويا، لا تعمر الأوطان إلا بتعاون الجميع وإدراكهم للأخطار المحدقة بهم أو ربما التحديات التي تواجههم، فنحن أمام تحديات أو قل مهددات، سياسية واقتصادية ومالية واجتماعية ودينية وثقافية وعسكرية، وهذا على مدى التأريخ حاصل في منطقتنا ومناطق أخرى من العالم والأمر يتطلب الوعي والإدراك والإرادات الحرة، وهذه أيضا تواجه قوى مدركة أهمية الوعي، وضرورة الإدراك، وما يمكن أن تفعله الإرادات الحرة فيوجهون سهامهم إليها ويحيكون المؤامرات من أجل تقويضها وإضعافها وإيجاد الثغرات التي ينفذون من خلالها، ولذلك فنحن علينا أن نؤمن بأن تكاتفنا وتلاحمنا في الإعلاء من شأن ما يجمعنا كفيل بنصرتنا ووقوفنا سدا منيعا تجاه من يريد بنا شرا.
وأعود إلى كلمات الشاعر الغنائي إبراهيم جمعة
احذر كلام الوشايا
احذر حبيبي وخلنا في محبتنا
الناس ما همها إلا بتبعدنا
الحب ما بيننا لازم نوفي له
هيهات أنا أنسى هواك ساكن في وجداني
يعزف على أوتار قلبي هيض أشجاني
حتى المشاعر حكت لك أنت شئ ثاني
أنت المحب اللي لا ما يصح تبديله
نحن فعلاً مواطنون، وواجب المواطنة يحتم علينا صون الوطن والذود عنه والدفاع عن حياضه، وتحقيق الأمن والاستقرار فيه، وهذه الأمور من مسؤولية كل مواطن مهما تعددت وظائفه واحتل موقعا في أي بقعة من بقاع الوطن. قد تقول مثلاً وما هو دوري تحديدا؟! وما هي المسؤوليات المناطة بي؟! فلم يوجهني أحد ولم يطلب أحد مني موقفا؟! وهذا أمر مردود عليه، فأنت في موقعك إن أخلصت لمهنتك أو وظيفتك وسهلت على الناس والمراجعين أمورهم فأنت قد أسديت واجبا نحو الوطن والمواطنين، وإن كنت رياضيا فأخلصت وتفانيت في رياضتك وبذلت جهدا فأنت قد أسهمت في رفع شأن الوطن، وإن كنت طالبا واجتهدت وثابرت وسهرت الليالي في طلب العلا فأنت أسهمت في بناء الوطن حاضرا ومستقبلا، وهلما جرا.
فنحن في كل موقف ومحفل علينا دفع الشر والأذى عن أوطاننا، ليس بالكلام وإنما بالفعل والفعل الذي يؤدي إلى صون الوطن وتقوية بنيانه والتعضيد من أجل قيامه بمسؤولياته وواجباته ودفع الضرر والشر عنه.
واختم برائعة راشد الماجد:
ياما نصحتك وقلت لك كانك تحبني
إبعد عن الشر يا عمري وغني له
إذا نصحتك يا ليت تسمعني وتراعي
لا تشتكي هلي لا تلوي ذراعي
هذا الوفاء والصراحة ساس اطباعي
يا ويل قلبي من أطباعك أيا ويله

وعلى الخير والمحبة نلتقي