صدى العرب : ضَيّ الفنَار انْطفا (طباعة)
ضَيّ الفنَار انْطفا
آخر تحديث: السبت 23/11/2019 05:30 م
سوزان جعفر سوزان جعفر
يقول امير الشعراء أحمد شوقي عن فنار الاسكندرية 

واجعــلي وجهك الفنار ومجراك يـــد الثـــــــغر بين رمــــــــل ومكــــس 

وطــــني لو شـــــغلت بالخــــــــلد عنه نازعتني إليـــه في الخــلد نفســــي ...

جـــرت ســــفينتــكــم فيه، فقلبــــهـــا على الكـــــرامة قيـــــدوماً وســـــــكانا

يلقاكـــم بســــماء البــــحر ضاحية وتــــــارة بفضــــــاء البـــــــر مزدانــــــــــا

ولو نزلتـــــم به والدهــــــر معتدل نزلتـــــم بعـــــروس المــــلك عمــرانا

إذا الفنــــــار وراء البحر مؤتلـــــــــق كأنـــــه فلــــــــــــق من خـــــــــدره بانـــــــــــا


هل تعلم ان فنار الاسكندرية القديم هو ثانى اعجوبة من عجائب الدنيا السبعة القديمة حيث بدأ بطليموس الاول سوتير بتأسيسة عام 280 قبل الميلاد واستكملة ابنة بطليموس الثانى فيلادلفوس مع باقى منشأت المدينة الاخرى التى استكمل بناؤها فى عهد هذا الملك .

والفنار عبارة عن مبنى ملاحى نادر سبق العالم كله ولايوجد مثيل له فى العالم القديم او الحديث ووظيفته هى حماية السفن الأتية والخارجة من والى الميناء وهو الاول من نوعه فى تاريخ الانسانية ويعد اقدم استخدام للطاقة الشمسية فى التاريخ وتم بناء الفنار لاستكمال مجد الاسكندرية به والتى انشئت على النسق اليونانى وقد كان لقيام دولة البطالمة الاثر الكبير على الحياة فى منطقة البحر الابيض بكامله ، ويقال ان كلمة فنار جاءت من كلمة فاروس.

تشير الدراسات ان الفنار كان مكونا من ثلاث طوابق : الطابق الاول مربع الشكل يبلغ ارتفاعة حوالى 60 مترا ، وكان يضم حوالى 300 حجرة متخللة العديد من النوافذ ، وكان يوجد بقاعة صهريج ماء ، وكانت الحجرات الموجودة به لسكنى العاملين وحفظ الالات و مواد الوقود اللازمة لاضاءة الفنار وكان الطابق الثانى مثمن الشكل ويبلغ ارتفاعة حوالى 30 مترا ، اما الطابق الثالث كان مستدير الشكل ، وكان يعلوه قبة ترتكز على ثمانية اعمدة بداخلها مصباح و مرآة عاكسة كانت تستخدم فى رؤية العدو عن بعد اذا اقبل من بلاد الروم  ويقال ان المرآة عظيمة من الحجر الشفاف يمكن ان ترى فيها السفن الاتية من بلاد الروم وهى بعيدة عن مرمى البصر .

وبناء على ماذكره استرابون والرحالة عن الفنار فقد استطاعوا تكوين صورة للشكل العام للفنار وهو الذى قدمه للعالم الالمانى تيرس وهو الشكل الذى اعتاد الناس عليه ، ومن المعروف ان هذا الفنار قد ظل يعمل حتى النصف الاول من القرن السابع الميلادى ولكن قد بدأ يتناثر نتيجة الاحداث التاريخية ، والزلازل الارضية ، وقد تم ترميمة فى عصر الدولة الطولونية  وفى عام 1100 م حدث زلزال عنيف ادى الى هدم الطابق الثالث و الثانى المثمنى ، ولم يتبقى سوى الطابق الاول ثم فى القرن الخامس عشر الميلادى تعرض لزلزال اخر ادى الى هدم هذا الطابق وتحول الى انقاض وفى عام 1480م اقام السلطان قايتباى القلعة الى الغرب فى موقع الفنار القديم طبقا لاحدث الابحاث، غير انة قد استخدمت عناصرة فى بناء القلعة ويعتقد الفرنسيون انهم عثرو اسفل مياة البحر على باب هذا الفنار وهو من جرانيت اسوان الوردى الصلب وتكون من عدة قطع ويبلغ ارتفاعة حوالى 13 مترا ووزنة حوالى 120 طنا .

تصميم تخيلى لمشروع إعادة بناء فنار الإسكندرية القديم على نفس شاكلته القديمة عند الانتهاء من بنائه فى عصر بطليموس الثانى، على أن يتم التخطيط للمشروع وتمويله وإنشائه بأيد مصرية خالصة.

يتميز الفنار أنه العجيبة الوحيدة بين عجائب الدنيا السبع الذى كان له صبغة علمية، واستخدم لخدمة البشر بإرشاده للمراكب التجارية والحربية والقوارب ذات الأحجام المختلفة، كذلك لعب دوراً اقتصاديا فى انعاش المنطقة والعالم المتحضر.

إقترح البعض أن يتم تنفيذ المشروع بنفس الخطوات التى تمت بها إعادة بناء مكتبة الإسكندرية بإقامة مسابقة مصرية لتصميم المشروع ثم تقييم التصميم المختار من الناحية الفنية والاقتصادية وعمل ميزانية للمشروع وجمع التمويل والدعم من المنظمات المحلية والعالمية ثم البدء فى طرح مناقصة عامة لتنفيذ المشروع، والذى يتم وفق مخطط زمنى وينتهى بحفل افتتاح عالمى.

الفنار واحداً من عجائب الدنيا السبع مما يجعل إعادة بنائه خطوة مهمة لتعود مصر لامتلاك 2 من عجائب الدنيا على أرضها، مما يضفى على المشروع أهمية سياحية كبيرة

 هذا المشروع قدم كمقترح فى مسابقة الافكار التى اقامتها مكتبة الاسكندرية لتطوير منطقة الميناء الشرقية عام 2007 و حاز على الجائزة التقديرية



المعاملة مع معجزات الدنيا السبع لابد ان تخضع تحت رقابة وعناية ابدية للحفاظ عليها لأجيال وأجيال قادمة 

الا ما حدث بفنارك يا عروس البحر .. سنوات طويلة من الإهمال يعاني منها الفنار ولا أحد ينظر إليه أو إلى التاريخ العظيم الذي ينتمى إليه، حيث أصبحت جدرانه مهملة ومتآكلة الأجزاء، كما تعرضت للحطام بسبب ملوحة البحر والرطوبة الزائدة التي تحاوطه بسبب تواجده داخل مياه البحر ، وتحول المكان إلى مقلب قمامة ومخلفات مراكب الصيد والسفن ، واختلطت برائحة البحر و تحولت إلى روائح كريهة.



تعاني ايضا أجزاؤه من السقوط بسبب ملوحة البحر الشديدة التي تسببت في تلفه ، والذي اصبح مرتعا للكلاب ، والفنار تحول لمنطقة مهجورة يخاف السائحين زيارتها ، مما ادي الي غلق الفنار منذ نحو 3 سنوات وأصبح مغلقا تماما بل وضعت عليه الجنازير الحديدية في منتصف الكوبري الذي يوصل إلى مدخل الفنار، وذلك حتى لا يتمكن الصيادون ومحبو الصيد والسائحين من الدخول للفنار لمشاهدته أو الصيد منه، مما جعله مثل أي مبنى قديم لا قيمة له ولا استفادة منه.

بعد ان كان الفنار مزارا سياحيا يتوافد عليه الآلاف من السائحين من مختلف البلاد، فضلا عن كونه من أهم المواقع الجمالية التي كانت تجذب رموز الفن للتصوير فيه مثل فيلم “زوجتي والكلب” و”المرأة والساطور” وتصوير أغنية “حضن الغريب” للفنان تامر حسني، لما يحتله الفنار من أهمية عالية كونه من الآثار الهامة الموجودة بالثغر.

غير أن الفنار كان مصدر رزق للآلاف من العاملين به فضلا، عن سكان المنطقة والمطاعم الموجودة حوله، حيث أصبح الآن مكانا خاويا لا رزق لأحد فيه،

 الإهمال طال كل شيء حتى الآثار التي من المفترض أن تستغلها لكي تدر علينا دخلا كبيرا، وعقب ثورة 25 يناير الماضية والفنار الإسكندرية، أحد عجائب الدنيا السبعة، يشهد إهمالا غير مسبوق.

والرد من المسؤولين بعدم وجود ميزانية لتجديد الفنار،  وهذا "عذراً اقبح من ذنب ".

هناك اهمال في التعامل مع الآثار والتاريخ، فلا أحد يدرج أهمية هذا المعلم الأثري، واهمية معالمه الخارجية الاساسية  والتي كانت موجود منذ إنشائه، اختفت تماما وتمت سرقتها.

أن الفنار كان يتميز بقبّة نحاسية تزن نحو نصف طن، لا تقدر قيمتها بثمن، ولكنها سرقت ولم يحرك أحد ساكنا حال سرقتها أو محاولة إعادتها مجددا، مؤكدا أن الأسلاك والقبة النحاسية التي كانت تضيء الفنار ليلا تمت سرقتهم بالكامل، وأيضا لم يتحرك أحدا.

هل سينجح البحث عن رجل أعمال أو مستثمر عربي يقوم بإنشاء كوبري الفنار المنهار؟، وإعادة ترميمه ؟ 

في حين ان المحافظة تحتوي علي رجال الأعمال السكندريين .. فلماذا لا تطلب منهم التبرع  لإعادة ترميم الفنار؟



هل من متبرع ؟ .. ينقذ فنارك يا عروس البحر