صدى العرب : قرارات صعبة في شهر الرحمة (طباعة)
قرارات صعبة في شهر الرحمة
آخر تحديث: الأحد 20/05/2018 01:00 م
القبطان محمود المحمود القبطان محمود المحمود

 من أعظم خصائص شهر رمضان أنه شهر تفتح فيه أبواب الرحمة ويحاول الناس أن يقدموا الخير والصدقة فيه تقربًا إلى الله سبحانه وتعالى، وهذا ما حثنا عليه الرسول الكريم بمضاعفة الصدقات وفعل الخيرات في شهر رمضان أكثر من أي شهر آخر، ولا يجوز أن يصاحب هذا الشهر الذي يفيض فيه الخير من كل جانب، أية قرارات سلبية تؤثر بشكل مباشر او غير مباشر على المواطن.
فما يخشاه الناس في هذه الأيام هو ما دأبت عليه وزارة الكهرباء والماء، باتخاذ إجراءات ضد المتأخرين عن سداد فواتير الكهرباء والماء، بقطع التيار الكهربائي عن منازلهم، ووردتني بعض الاستغاثات من إجراءات قطع التيار عن بعض المنازل للضغط على المتعسرين لدفع الفواتير المتأخرة.
لا أود التطرق إلى إجراءات إدارية تقوم بها الوزارة  وسوف أقف منصفًا في النزاع بين الأطراف سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات في الدولة، ولدينا في مملكة البحرين قضاء نزيه وقضاة يتمتعون باستقلالية والشواهد كثيرة على نزاهة القضاء البحريني.
لكن القضية هنا لها أبعاد أخرى إنسانية لا تحتمل اتخاذ إجراءات قاسية بحق مواطنين لن يتحملوا انقطاع التيار الكهربائي أو الماء عن منازلهم، خاصة وأن الصيف بدأ يلوح في الأفق وينذرنا بأيام ساخنة، وما نتمناه أن تتنزل علينا رحمة الله في شهر رمضان بأن تظل درجات الحرارة في معدلات منخفضة.
وهناك الكثير من الإجراءات البديلة التي اتخذتها الوزارة مع المتخلفين عن سداد المستحقات من فواتير الكهرباء والتي تشهد ارتفاعًا يومًا بعد آخر، فلماذا تلجأ وزارة الكهرباء إلى اتخاذ هذا الإجراء .
ألم يكن من الأجدر اتخاذ إجراءات سحب المبالغ من الحسابات البنكية مباشرة، خاصة وأن الوزارة تلزم كل مشترك بأن يقدم لها إقرارًا بسحب المبالغ دون الرجوع إليه، وبمجرد ظهور الراتب في القائمة البنكية، فيمكن سحب المبالغ المتفق عليها، كما يمكن للوزارة أن تعمم على باقي الحسابات البنكية للمشتركين، أو توقف تعاملاتهم في كافة المؤسسات حتى يتم دفع الفواتير.
وأعلم تمامًا أن المعارضين لتلك الأفكار السابقة كثيرون، ولكنها أكثر رحمة ورأفة من أن يتم قطع التيار الكهربائي عن منزل إنسان  في صيف البحرين اللاهب، أو لا يجد الصائم في شهر رمضان كهرباء يشغل بها مكيفا ليستطيع الصبر حتى غروب الشمس، أو أن يأتي عليه الليل وهو سابح في ظلام دامس بسبب تعسره في دفع فاتورة الكهرباء.
أصحاب السعادة المسؤولون في وزارة الكهرباء والماء، وأنتم على علم تام بتبعات هذه الإجراءات وتأثيرها في بيت يحتوي كبارًا في السن أو أطفالًا لا يعلمون ما هي فاتورتكم، أو لماذا أظلم عليهم البيت فجأة.
ولن يضير الدولة تأخر بعض مستحقاتها لدى المواطنين، فلو بحثنا عن المستحقات الضائعة على الدولة، وقارناها مع ما تطلبه وزارة الكهرباء من المواطنين، فسنجد فرقًا شاسعًا، فليست فواتير الكهرباء هي مسببة العجز في ميزان المدفوعات، أو خفض موارد الدولة، وإن كنتم حريصين على حقوق الدولة، فابحثوا عن الملايين الضائعة هنا وهناك، التي تذكر كل عام في تقرير الرقابة المالية... وكل عام وأنتم بخير.

رئيس تحـرير جريدة الديلي تربيون ورئــيس منظمــة الوحدة العربية الأفريقية لحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب