صدى العرب : مدراء ولكن بمزاج فاخر (طباعة)
مدراء ولكن بمزاج فاخر
آخر تحديث: الخميس 19/04/2018 09:51 ص
نوال الدوسري نوال الدوسري
الإنسان هو عبارة عن مجموعة من صفات ومميزات روحية وجسدية وفكرية، وايضا مع ميوله وتجاربه في الحياة تحدد لك طريقة معاملته للاشخاص الآخرين، طبعاً مع المميزات الفاخرة من الجينات المتوارثة، ناهيك عن بيئة الشخص والتربية التي تأثر عليه تاثراً كبيراً.
فمن الطبيعي يكون المزاج للشخص وفي اليوم الواحد ما بين الرومانسية والحنية والواقعية الخشنة،، فنراه من وقت الى لآخر من البهجة والابتسامه الرقيقة الى الانقباض والعصبية بل في الحدية من المزاج والاضطراب المتأرجح، مما سيقع المتعاملون مع صاحب الشخصية المزاجية في حالة من الظلم سواء على  إجازاتهم، وقد يصل ذلك الى توقيف مشروع أو سحب مسؤول أو نقله وهلما جرا.
ولكن هناك عميلاً سريًا خفيًا وهو المراسل صاحب قهوة المدير، فهو أول من يكشف مزاج المدير صباحاً، وفهو يتفحص ويقرأ وجه المدير، وبعدها يخبر الموظفين إما بالتبشيرهم بمزاج المدير إن كان خيراً او بالنذير بمزاجه السيئ، ومن كان حظه سيئاً في ذلك اليوم وقع المدير بأمر توقيف إجازته، وأما الباقي فيربضون في أماكنهم خشية المواجهة او السؤال.
تحليل الشخصية المزاجية وخاصة من كان مسؤولاً في أي مكان ما، وفي حقيقة ينطبق على البعض وليس الكل، هذا المزاجي المتقلب في التعاون دون أدنى أي مبرر حقيقي هي شخصية تريد ان تلعب بالمحيطين بها، كحجارة الشطرنج دون سبب او داعٍ منطقي، وفي المقابل يطلب من الآخرين الطاعة والإنصات والقبول، بعد ان ينسف قسماً من الأقسام ونقله لقسم آخر، وهكذا هي لعبة الشطرنج فقد اُستبدلت من الأحجار الى أشخاص.
سؤال.. هل ستجمع الشخصية المزاجية رصيداً من المحبة؟ لا أظن ذلك، فليس هناك ما يحمل المحيطين على تقبل مثل هؤلاء المزاجيين - نساءً كانوا أو رجالاً - لذلك فالشخصية المزاجية غالباً ما تكون شخصية منطوية اجتماعياً؛ لانها لا تجد القبول والتحمل من طرف المحيطين بها، وهنا أقول لو كان كل منا يستطيع ان يتعامل فعلاً مع واقعه بإيجابية والفصل بين الاحداث وعدم خلط المواضيع بانفعالات متنوعة، لاستطعنا فعلاً ان نقضي على هذا النمط في ذواتنا، أما ان نحمل غيرنا معاناتنا الذاتية فهذه مشكلة كبيرة، وهذا لا يعني نفي الشواذ من كل قاعدة، فقد يكون هناك من يفعل هذا بدون إرادته او بدون ضبط تام لارادته، ولكن لا يجب ان نترك سلوكنا يخرج بهذا المبرر او بذاك، ولنحاول مراقبة أنفسنا لعلنا نعدل من ذواتنا، ويجب ان نعرف بان الموظفين وليسوا وعاء لتفريغ الطاقة السلبية، فهل تعلمون ان أداء الموظف يؤثر بشكل كبير على إنتاجه ومدى تأثير مزاج المدير عليه.
إذن إنتاج الموظف ومهارته في أداء المهام المنوطة عليه مرتبط بالمدير ومزاجه.
يرى العديد من المتخصصين في مجال التدريب وتطوير الذات ان المسؤول يجمع بين شخصية القائد والمدير في آنٍ واحد ليتمكن العبور بسفينته ومؤسسته او (وزارته) الى بر الأمان، وان يفرق بين الظروف الخاصة عن بيته وعمله، وان يحاول قدر الإمكان الخلود الى الراحة، بعيداً عن أجواء العمل.
الموظفون هم إسفنجة المدير الخاصة لامتصاص غضبه وانفعالاته، وذلك بلاشك يؤثر على صحتهم ورشاقتهم وقدرتهم الإبداعية والفكرية، حيث أظهرت الدراسات ان التوتر والإجهاد في العمل لفترة طويلة من الضغوط النفسية وبنية العمل المنفرة يؤديان الى نشاط جيني للخلايا المناعية التي تؤدي الى رشح وزكام دائم، وسمنة وأمراض القلب والشرايين.
وحينما تسوء الادارة يتوقف الابتكار والإنتاج الابداعي والثقافي، وسينخفض العمل الى أدنى مستوياته، بل يبدأ عقل الموظف بالتفكير في كيفية التصدي للمدير والمراوغة احياناً، ومن هنا يبدأ نظام المناعة للاستعداد دون ان يعرف اذا كانت المعركة جسدية او عقلية، ونحن لا نريد ان تصل الامور الى هذا الحد، ولكن نقول هذا ما جنت عليه براغش.