صدى العرب : سعد سنان المواطن البسيط (طباعة)
سعد سنان المواطن البسيط
آخر تحديث: الأربعاء 18/04/2018 01:48 ص
السفير: خليل الذوادي السفير: خليل الذوادي

يحلو لنا أن نطلق عليه في مجلس السيد محمد بن علي تلفت بالرفاع بو أحمد، فهو يرحمه الله كان ظريفاً يغضب زملاءه في اللعب بمغامراته في «كوت السته» وهي لعبة الورق الأثيرة لرواد المجلس، حيث يتسم بالتحدي والظرافة وكان البعض يتحفظ خشية «الخسارة» وخشية أن يتهم بعدم الحرفنة «الغشامة» بينما بو أحمد رغم فطنته إلا أنه يتعمد إغضاب زملائه ويتشفى بزعيقهم ونرفزتهم على تصرفاته.

سعد سنان مبارك مواطن بحريني بسيط كان يوماً من ساكني منطقة الحورة حالة ابن أنس بالمنامة إلى أن انتقل مع الكثير من أهالي هذه المنطقة إلى مدينة عيسى والرفاع وغيرها من المدن والقرى، ولكن أهل الحورة ظلوا على صلاتهم ببعضهم بعضاً مهما تعددت مقار سكناهم، ولازالوا مرتبطين روحياً وشعورياً بمنطقتهم وبناديهم الرياضي النجمة حالياً «العربي» سابقاً، ولازال تواصلهم في المجالس قائماً، مثل غيرهم ممكن سكنوا الأحياء والفرجان في مدن وقرى البحرين وارتبطوا منذ الطفولة وذكريات الصبا والشباب وتمت بينهم المصاهرة، وتقاسموا لقمة العيش وواجهوا التحديات والصعاب، وتبادلوا الأفراح وربما عملوا في نفس المهنة وربطت بينهم الدراسة أما في الكتاب «المطوع» أو المدارس النظامية.

المرحوم سعد سنان وحتى في نشاطه الاجتماعي لم يترك الظرف والمقالب المضحكة وكان إلى جانب ذلك مطرب الرحلات التي كان يقيمها النادي، وأهل الحورة أيضاً بحكم جيرتهم للبحر فقد ارتادوا البحر للصيد والتنزه، وكان للمرحوم أيضاً مواقفه الظريفة في مغامرات البحر بحثاً عن السمك..

كان المرحوم من موظفي وزارة الأشغال في مملكة البحرين، وكانت هذه الوزارة بالإضافة إلى أعمالها المتعددة للبنية التحتية للبحرين تقوم بأعمال الطرق والسفلتة وتسوية الأراضي للمشاريع التنموية وكان سعد سنان من العاملين على ماكينة تسوية الأراضي ووضع الأسفلت على الطرق باستخدام «الرولة» التي تثبت الأسفلت بطريقة الدك الحراري وكان يرحمه الله بارعاً في أداء مهمته بصبر وإتقان وإخلاص وتفانٍ، وظل وفياً لها إلى أن تقاعد عن العمل، وكان المرحوم محمد بن سلمان المحميد المسؤول والمشرف على الأعمال في الطرق بوزارة الأشغال يعتمد على أمثال سعد سنان في العمل وكان بو سلمان يرحمه الله الحريص على أداء العمل بحرفنه وإتقان وتميز، وكان يعتمد في ذلك على موظفيه البحرينيين ومن بينهم المرحوم سعد سنان.

البحرينيون اقتحموا كافة الأعمال البسيطة منها والمعقدة، وكانت ثقة المسؤولين عنهم من أهم عوامل نجاحهم في أداء واجبهم، ولأن مجتمعنا صغير في حجمة كبير في طموحه وآماله وتطلعاته، فقد كانت بعض الأنشطة الأهلية في الأندية والجمعيات ومختلف أنشطة المجتمع المدني تتطلع إلى أن تسهم مؤسسات المجتمع المدني في مساعدتهم لإنجاز بعض المرافق التي تتعلق بأنشطتهم فكانوا يستعينون بذوي الخبرة وبالتنسيق مع الوزارات والمؤسسات التابعين لها في تسوية مثلاً أراضي الملاعب الرياضية وتهيئة المساحات في الطرق والحواري بالمدن والقرى، وكانت الوزارات والهيئات والمؤسسات تستجيب لهذه الطلبات، وكان المرحوم سعد سنان مبارك من الذين تتم الاستعانة بهم في تسوية أراضي الملاعب الرياضية ويذكرون زملاء سعد بعض المواقف الظريفة التي كان يقوم بها المرحوم وسببت إحراجاً لدى إدارة هذه الأندية الذين سرعان ما يتلاشى هذا الحرج عندما يدركون أن سعد سنان كان يقوم بعمله بخفة روح وحب تفانٍ في أداء الواجب وإرضاء جمهور الأندية كونه مدركاً بحاجة الأندية ويدرك قيمة أن يكون الملعب مهيئاً لممارسة الرياضية بكل راحة بال.

سعد سنان وغيره من أبناء البحرين سنذكرهم ويذكرهم أجيال عاشت تجربتهم وتفانيهم في أعمالهم، فمهما قلت المهمة الوطنية التي يقوم بها أبناء البلاد فإنها بلا شك أضافت الكثير إلى البنية التحتية والتنمية البشرية وأسهمت في تطور البلاد وفي نفس الوقت أرست قيم احترام العمل اليدوي، وضرورة أن يعمل المواطن بكل الوفاء والإخلاص في إنجاز الأعمال التي تعود على الوطن والمواطنين بالخير العميم..

إن المجالس التي تضمنا نحن المواطنين وانتشارها في مجتمعنا البحريني بالمدن والقرى لا شك أنها أسهمت وتسهم في تفاهمنا وتعارفنا وتبادلنا للذكريات، وانتقال الخبرات والتجارب، وفي نفس الوقت تذيب الفوارق بيننا وتشعرنا بأهمية التواصل المجتمعي الذي قد تصرفنا عنه المشاغل وظروف الحياة القاسية، ومجلس الأخ والصديق محمد بن علي تلفت الأسبوعي بالرفاع جمعنا ومن خلاله كانت تجمعنا كأفراد في مختلف مناطق البحرين المحبة والاحترام والتقدير، وعندما نرى صور رواد هذا المجلس نترحم على أولئك الذين رحلوا عن دنيانا وكان فراقهم صعباً علينا ولكن عزاءنا فيهم أنهم كانوا رجالاً أخلصوا لوطنهم وعملوا في مختلف الأعمال والمهن وضربوا أروع الأمثلة في الخدمة الوطنية، وعشقوا بلادهم فأخلصوا لها وكانت البحرين عزيزة عليهم، وهم يذكروننا دائماً بأهمية احترام عملنا والتفاني في خدمة مملكة البحرين وأهلها الطيبين، سنظل نذكرهم ونحن واثقون بأن أبناءهم وأحفادهم سيسيرون على نفس الدرب الذي سار عليه الراحلون.

رحم الله سعد سنان مبارك المواطن الطيب الذي عمل بصمت فأخلص لمهنته وأخلص لوطنه وسجل بكاميراته الفوتغرافية الكثير من المناسبات التي مرت بالحورة ورحلاته في النادي العربي واحتفظ بسجل من الصور النادرة، جزاه الله خيراً وأدخله جنات النعيم، إنا لله وإنا إليه راجعون.

وعلى الخير والمحبة نلتقي