صدى العرب : رحلة الأمل والعطاء ما بين عهدي الملك حمد الأول والملك حمد الثاني (طباعة)
رحلة الأمل والعطاء ما بين عهدي الملك حمد الأول والملك حمد الثاني
آخر تحديث: السبت 14/04/2018 12:25 ص
أحمد المرشد أحمد المرشد

("وأن الفضلَ بيدِ اللهِ يؤتيهِ من يشاءُ واللهُ ذو الفضلِ العظيمِ" (صدق الله العظيم)..لقد أنعم الله بكرمه وتوفيقه على مملكة البحرين وأبنائها منذ مئات السنين بالقدرة على التقدم والتميز في العطاء، ولقد كان لآبائنا وأجدادنا الدور الرائد في صياغة نهضة حضارية وإنسانية، حققت للبحرين الريادة والسبق في مجالات الطب والتعليم والصناعة وأن تكون مركزا مهما  للمال والتجارة والخدمات الصحية)..من أرجع الفضل لصاحب الفضل هوحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسي آل خليفة عاهل البلاد المفدي حفظه الله ورعاه، فقد حبانا المولي عزوجل  بنعم جليلة جعلت البحرينيين يتميزون بالتقدم والتميز في العطاء، فكان لمملكة البحرين العظيمة الريادة في صناعة النهضة الحضارية والإنسانية، هذه النهضة التي حققت للبلاد التقدم في كافة المجالات التي ذكرها الملك حمد، في كلمته بمناسبة زف البشري لأهل البحرين باكتشافات موارد حقل "خليج البحرين" التي تقدر بـ٨٠ مليار برميل نفط و٢٠ تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.

لقد أنعم الله بخيره الوفير في عهد الملك حمد الاول  " وعهد الملك حمد الثاني اطال الله في  عمره "، ففي عهد المغفورله عظمة الملك حمد بن عيسي بن علي الأول تم اكتشاف أول بئر للبترول في عام 1932 والذي نقل البحرين من عصر البحر والغوص واللؤلؤ الي عهد بناء الصناعة والتنمية،  وحرصت إدارة الدولة منذ ذلك الاكتشاف النفطي التاريخي، على تسخير موارده وتنمية مشتقاته بما يعود بالنفع على مسيرة الوطن ولرفاه المواطن البحريني..واليوم وفِي عهد حضرة صاحب الجلالة الملك الثاني حمد بن عيسي بن سلمان آل خليفة يأتي الاكتشاف الأكبر من النفط والغاز الطبيعي، لتمتد مسيرة الخير والنماء التي تميزت بتوظيف مواردنا الطبيعية لصالح التنمية والتطوير بمملكة البحرين.

ولعل من يقرأ كلمة جلالة الملك حمد حفظه الله  وهو  يزف البشري للشعب بهذا الاكتشاف الضخم، أن يرصد جملة من الحقائق قلما تتوافر في قائد آخر، ومن أهمها الاعتراف بالتقصير في إدارة بعض موارد الدولة، وتحديدا قطاع النفط في البحرين، فقال ذكر الملك حمد :" بالنظر إلى ما مر به القطاع النفطي من نمو على مدى عقوده الأولى، إلا أن وبعد تغير في السياسات التي اتخذها المسئولون عن القطاع آنذاك، أدت إلى ضعف الخطط الموجهة لاستكشاف المزيد من الموارد الطبيعية وكانت الحجة ندرة الفرص الواعدة".. إلا إنه وسرعان ما يضع يده علي الاكتشاف ويعيد إلينا الأمل ويقول:" واليوم قد حان الوقت لتجنب ما تسبب في عدم اكتشاف أي حقل جديد منذ الاكتشاف الأول، حيث أن رغبتنا لزيادةِ وتيرة النمو كانت دوماً أكبر وأعمق من واقع الحال، واستطعنا، ولله الحمد من خلال عزمنا واصرارنا بالتوجيه نحو تكثيف خطط البحث والتنقيب".

وإذا كانت  كلمة الملك قد بدأت بالاعتراف بالتقصير في إدارة ملف قطاع النفط،  فلم  ينس جلالته أن يتحدث عن المواطن صاحب الدور المهم في نهضة البحرين، ليؤكد على الدور المحوري للمواطنين في الاستمرار في بناء وطنهم وتحقيق تـقدمه ونـهضته، وذلك عبر إخلاصهم وطموحهم. ثم يحفز الملك طاقة المواطنين لاستثمار  هذه الموارد التي ستحقق لمملكة البحرين ومواطنيها الخير والازدهار..وهي الموارد التي قادت الي الفرح الذي نعيشه اليوم بهذا الإنجاز الكبير، لنكتب بذلك قصة نجاح جديدة لقدرتنا على تطويع التحديات وتحويلها لإنجازات.

ولكن ومع هذا الاكتشاف الأضخم في تاريخ البحرين، لا يجب أن ننسي ما حققناه من انجازات طوال الفترة الماضية من عهد الخير والنماء، حيث تم وبشكل موازي لتنمية الاقتصاد الوطني، استحداث وتدشين حزمة من أكبر المشاريع في قطاعات النفط والغاز والبنية التحتية والمواصلات وتقنية المعلومات ، ليصب ذلك في خلق الفرص الواعدة لجميع أبناء الوطن. وفي هذا الإطار، تواصل المملكة عمليات التطوير والتنمية والاستمرار في تنفيذ البرامج والمبادرات الفعالة لزيادة الإيرادات غير النفطية والتوظيف الأمثل للموارد المالية، وصولا لرؤيتنا في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.


وليس أمامنا الآن سوي ربط هذا الاكتشاف بالتقرير الأخير لوكالة التصنيف الائتماني الأشهر العالمية "ستاندرد آند بورز" في أواخر العام المنصرم، حول مستوى التصنيف الائتماني لمملكة البحرين، عندما أشادت الوكالة بالأداء الإيجابي لاقتصاد المملكة الذي ارتفع خلال النصف الأول من عام 2017 بنسبة 3.4% مقارنة بنسبة 3.2% في عام 2016.  فمدخلات إنتاج البحرين الجديد من النفط والغاز المعلن عنها حديثا ستكون قيمة مضافة الي الاقتصاد الوطني، يزيد مما  حققه  القطاع غير النفطي من  نمو ملحوظ في النصف الأول من عام 2017 بنسبة 4.7% مقارنة بنسبة 4.0% في عام 2016. ويأتي هذا النمو مع استمرار انخفاض أسعار النفط والعجز في الميزانية، ولكنه يعكس المبادرات التي اتخذتها الحكومة البحرينية، والممثلة في خفض المصروفات وزيادة الإيرادات غير النفطية، بالإضافة الى الإجراءات الأخرى المنظمة لتحسين البيئة القانونية، والانظمة الخاصة بالنشاطات الاقتصادية المختلفة التي ساهمت في تحسين بيئة الاعمال المحلية وجاذبية البحرين للاستثمار. ودفعت كل هذه الإجراءات الي ارتفاع  قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر الي مايقارب 695 مليون دولار حتي شهر أكتوبر من عام 2017 مقارنة مع 280 مليون دولار خلال عام 2016.

ثم نأتي لنقطة جديرة بالملاحظة، وهي أنه بالرغم من تراجع مساهمة النفط في الاقتصاد الى 20%،  إلا أن إيرادات النفط مازالت تشكل المصدر الرئيسي في الميزانية العامة وهو الأمر الذي يوفر للاقتصاد دخل مستمر من العملات الأجنبية التي تساعد على تلبية الاحتياجات من الواردات السلعية وغير السلعية والتحويلات المالية المختلفة الى الخارج. ولعل من المهم الإشارة ايضا الى أن ما يميز مملكة البحرين هو وجود قطاع مالي متطور يخضع لبيئة تشريعية ورقابية تطبق أحدث المعايير الدولية. وبلغت قيمة الودائع لدى مصارف قطاع التجزئة 45.1 مليار دولار أمريكي في أكتوبر 2017 بارتفاع  4.5% مقارنة بنفس الفترة من عام 2016. كما تتمتع البنوك بقاعدة مالية ومستوى ربحية ممتازة، حيث بلغت نسبة كفاية رأس المال للقطاع المصرفي 19.8٪ في سبتمبر من عام 2017، بما يدل على مكانة القطاع المصرفي وتمتعه بسيولة عالية لتحقيق متطلبات كافة العملاء من أفراد وشركات.

نحمد العلي القدير نحن أهل هذه البلاد، علي ما أنعم به علينا من خير النعم، وقيادة رشيدة تعمل ليل نهار علي إسعادنا ورفاهيتنا، لنحقق كل هذه الإنجازات التنموية والعمرانية والحضارية الرائدة، فاستطاعت مملكة البحرين عبر التوظيف الأمثل لمواردها البشرية أن تتغلب على تحدياتها الاقتصادية الناجمة عن نقص الموارد الطبيعية وارتفاع الكثافة السكانية، إدراكا من قيادتنا بأن الإنسان هو أغلى الموارد والثروة الحقيقية للوطن، لتتحقق  إنجازاتنا السياسية واقتصادية والاجتماعية والثقافية في إطار تواصل مسيرة الإصلاح والتنمية وترسيخ دولة القانون والمؤسسات، وبالتوافق مع الرؤية الاقتصادية 2030. تلك الإنجازات التي جعلت البحرين مركزا تجاريا وماليا واستثماريا وسياحيا رئيسيا في منطقة الشرق الأوسط، وتتبوأ صدارة البلدان العربية في الحرية الاقتصادية، وموقعا متقدما في التنمية البشرية.  فالبحرين تعد المركز المالي الأسرع نموا في الشرق الأوسط، إذ ترتكز المملكة على سياسة الاقتصاد الحر والمفتوح، واقتصادها هو الأكثر حرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ليعترف البنك الدولي بأن اقتصاد البحرين من  اقتصادايات الدخل المرتفع، ناهيك عن وصفه بأنه "اقتصاد عصري"، ويتمتع بشبكة اتصالات وبنية تحتية متقدمة، مما مكنه من جذب العديد من الشركات الدولية التي تتخذ من البحرين مقرا لها وتعمل في شتى دول الخليج العربي.

واستكمالا لما سبق، فإن ما تم الإعلان عنه من اكتشاف لأكبر حقل في تاريخ البحرين هو بشرى خير سيكون لها صدى إيجابي على تعزيز مكانة المملكة في العالم واستمرار مسيرة التنمية الشاملة لصالح جميع أبنائها، وستحكي عنه بكل فخر أجيالها القادمة..نسأل الله عز وجل أن يحفظ البحرين وأهلها، وأن يديم علينا جميعا نعمته. وما علينا الآن سوي  الحفاظ على روح العمل الجماعي المشترك وقبول التحدي والاستمرار في دعم النمو الاقتصادي المعروف بتنافسيته مقارنة بدول كثيرة.. ولكن - وهذا هو الأهم - ما أكده جلالة مليكنا المفدي   حمد الثاني يحفظه الله  بأن المواطن البحريني يتميز بحبه للعمل ويعتبره أمرا مقدسا حيث يبدأ بأداء مهامه في الصباح ويبدي استعداده لمواصلة القيام بها بعد انتهاء الدوام الرسمي. وكما ذكر الملك، فإن ثقافة حب العمل والتفاني والاخلاص في المواطن البحريني متأصلة لدى جميع المواطنين البحرينيين والذين لم تنتشر بينهم ثقافة التقاعد وترك العمل لأن هم المواطن البحريني هو خدمة وطنه. وهذا أمر في حد ذاته نعمة قلما تتوفر لدي شعوب أخري.

وليس أمامنا في وقتنا الراهن، سوي مواصلة العمل وأن تعم هذه الروح وثقافة العمل المخلص على الجميع، لأن العالم أصبح يتطلع إلى الاحترافية في كل المجالات،  تلك  الاحترافية التي  أصبحت عنصرا هاما ومكونا أساسيا لابد من السعي لتطبيقه دائما، لنكون في المقدمة دوما.
حفظ الله البحرين قيادةوشعب  

احمد المرشد
كاتب ومحلل سياسي بحريني