صدى العرب : شباب الوطن حامل راية المستقبل (طباعة)
شباب الوطن حامل راية المستقبل
آخر تحديث: الجمعة 10/11/2017 06:42 م
أحمد المرشد أحمد المرشد

 
عكس منتدي الشباب العالمي الذي استضافته مدينة شرم الشيخ المصرية خلال الأسبوع الماضي أهمية اعتماد الدول علي الشباب وتكريس دورهم في بناء الأوطان بصفتهم العماد والأساس لمستقبل أي بلد، فالشباب حقا هم عماد الأوطان ومستقبلها، ولدينا المرجعية التاريخية والإسلامية في هذا، فقد عين رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم أسامة بن زيد قائدا لجيوش المسلمين وعمره 17 عاما لغزو الروم  بالشام رغم وجود كبار الصحابة بالجيش، وكان ذلك في العام 11 هجرية. ليس هذا فقط، فقد ولي أول خليفة للمؤمنين أبو بكر الصديق قيادة الجيش لأسامة بن زيد أيضا  عندما  توفي  رسول الله، فسار الجيش الي الوجهة التي وجهه إليها رسول الله ومشي بن زيد ومعه أبو بكر يودعه..ومع تولية الشباب كانت نصيحة الشيوخ،  حيث أوصي أبوبكر أسامة بن زيد بوصية تصلح لكل زمان ومكان لمن يقود حربا، وجاء فيها :" سيروا علي بركة الله واغزوا باسم الله وقاتلوا من كفر بالله ولا تغدروا ولا تغلوا ولاتقتلوا شيخا كبيرا ولا امرأة ولا طفلا ولا تقطعوا شجرة ولا تذبحوا شاه إلا للأكل". كما شارك بن زيد في حروب الردة والكثير من الفتوحات الإسلامية التي أبلي فيها بلاء حسنا، وعرف عنه بصمته القوية ودوره العظيم  في فتح كثير من البلاد ونشر الإسلام بها.

كما  روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: ما بعث الله نبيا إلا شابا، ولا أوتي العلم عالم إلا شابا، ثم تلا الآية:(قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم)، وقد أخبر الله تعالى به ثم أتى يحيى بن زكريا الحكمة وقال تعالى: (وآتيناه الحكـم صـبيا). وقال تعالى: (إذ أوى الفتية إلى الكهف)وقال جل شأنه: ( إنهم فتية آمنوا بربهم) وقال جل من قائل: (وإذ قال موسى لفتاه). وكثيرا ما  ضرب القرآن الكريم المثل بالشباب، وعلي رأسهم سيدنا النبي إبراهيم عليه السلام الذي امتلك  الشجاعة العالية وتأمل وفكر في ملكوت السموات والأرض، ذي حتى أدله الله تعالى على الحقيقة. ولن نغفل بطبيعة الحال المثالي القرآني الرائع والمتمثل في النبي يوسف عليه السلام الذي آتاه الله العلم والحكمة عندما بلغ أشده، وأصبح الفتـى القوي  الصابر الصامد أمام عواصف الإغراء بالجنس والمال والجاه، وصمد بقوة أمام ضغوط الاضطهاد والقمع والتهديد بالسجن والنفي، وقال تعالى: ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَينَاهُ حُكماً وَعِلماً وَكَذَلِكَ نَجزِي المُحسِنِينَ ) يوسف : 22 . ونكتفي بمثالنا الثالث وهو موسى عليه السلام الذي تربى في محيط الطاغوت والجبروت والتـرف الجاه والدلال، ولكنه انتصر للمظلومين ودافع عنهم ومد يد العون  ومساعدة الضعفاء والمحتاجين، وتحمل في سبيل رسالته الآلام والمعاناة والمطاردة والهجرة، وقال عنه المولي عز وجل:( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاستَوَى آتَينَاهُ حُكماً وَعِلماً وَكَذَلِكَ نَجزِي المُحسِنِينَ ) القصص : 14.

 

فالشباب هم القاطرة لبناء المجتمع وتقدمه ودعامته الأساسية، فقوة الشباب  وطاقاته المفعمة بالحيوية هي سبب نهضة الكثير من الأمم، لأن بنيان أي دولة يتطلب في تشييده سواعد قوية، ولكن لا نغفل هنا مشورة الشيوخ ونصائحهم للشباب، لتكتمل  دور الطاقة والعمل.  لقد أصبح الشباب رقما صعبا في بناء الدولة الحديثة وجزءا مهما في معادلة التغيير للأفضل، وهم الأمل الذي تستند عليه جميع الأمم في بنائها ورقيها ونمائها..كما أًصبح طموح الشباب سببا لتحفيزهم  على بذل المزيد من الجهود في سبيل الوصول إلى ما يصبون إليه في سبيل الإنجاز والنجاح والاستعداد للمستقبل الواعد.

 

وعودة لمنتدي شرم الشيخ،  فمجرد فكرة التقاء الشباب من مختلف أنحاء العالم يعد أساسا قويا  لتلاقي المبدعين والملمهين والخبراء وصغار العلماء، واتاحة الفرص أمامهم لرسم خارطة تنموية عالمية تمهد لنجاح دولهم..فاستخلاص الأفكار عملية مهمة في طريق النجاح أمام الشباب  ليضعوا أقدامهم على طريق  التقدم.فالشباب هو الفئة القادرة علي مواجهة  مسؤوليات وتحديات جسام، وهم الذين سيجنون عوائد العملية التنموية التي يمر بها العالم، خاصة في ظل تبادل الشباب خلال المؤتمرات والمنتديات التجارب الناجحة والتي تحفزهم على الإبداع وحشد هممهم وطاقاتهم الكامنة ليكتبوا حكاية النجاح الخاصة بهم.

 

ولعل من الأهمية بمكان، أن يكون لدي كل دولة عربية إرادة سياسية حقيقية للتواصل مع الشباب، وهذا يعد تحديا كبيرا في صناعة المستقبل، وأي غياب أو تغييب لتلك الفئة المهمة في المجتمع سينعكس بالضرر والسلب علي المجتمع ذاته، فيما ترسم عملية التواصل تشابك الأجيال وتبادل الأفكار والنصائح. وإذا تحدثنا تحديدا عن  عملية الابتكار والمعرفة، فهي عملية شابة لا يقوم بها سوي الشباب الواعد القادر علي الاندماج في مجتمعه والمشاركة في صنع مستقبله، بما يمكن من خلاله استثمار كل الإمكانيات المتوفرة لتحقيق التنمية المستدامة والارتقاء بحياة الشعوب.  لقد أوضح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أحدي جلسات المنتدي، أن "استراتيجية مصر 2030" تنقسم الي 12 محورا رئيسيا، تشمل: التعليم، والابتكار والمعرفة والبحث العلمى، والعدالة الاجتماعية، والشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية، والتنمية الاقتصادية، والتنمية العمرانية، والطاقة، والثقافة، والبيئة، والسياسة الداخلية، والأمن القومى والسياسة الخارجية والصحة. وأمامنا 4 محاور علي الأقل تتعلق بالشباب بل ترتبط بهم ارتباطا كليا، وهم التعليم والابتكار والمعرفة والبحث العلمي، ويمكن اضافة محاور أخري في صميم عمل الشباب ولكننا نكتفي بالإشارة الي طاقات الشباب وإبداعهم في المجالات التي ذكرناها.

 

ومن الأهمية بمكان أيضا أن تكون لدي  القيادات الرغبة الأساسية لتنفيذ توصيات منتديات الشباب،  فتلك التوصيات لا تخرج هباء، وإنما بعد جهد ومناقشات ورصد وتحليل وتقويم دراسات عديدة تم استعراضها مع الأفكار التي تم مناقشتها باستفاضة، وتكون النتيجة الفعلية لتنفيد تلك التوصيات علي أرض الواقع المساهمة في صناعة المستقبل بأيسر السبل.

 

ليس هذا فحسب، فثمة مطلب مهم مع رغبة القيادة في تنفيذ توصيات المؤتمرات، هذا المطلب يتعلق بضرورة تمكين الشباب ومشاركته في تنفيذ أفكاره، ليقف علي حجم التحديات الموجودة بعيدا عن الأحلام الوردية، خاصة في ظل أن البعض يعتقد أنه بمجرد طرح فكرة أو مبادرة يكون من السهل تنفيذها علي أرض الواقع، ولكن بمشاركة الشباب وتمكينه في صناعة القرار، سيتفهمون عن قرب حجم التحديات التي تواجه أي صانع قرار.

 

وعلي سبيل المثال، ساهم منتدي شرم الشيخ في طرح أفكار مبدعة أمام كل الوزارات تقريبا، وإذا أراد أي وزير أو مسؤول النهوض بوزارته، فعليه عمل تصور عام للأفكار القابلة للتنفيذ التي خرجت وناقشت العديد من القضايا،  خاصة وأن المناقاشت ولدت أفكارا جديدة في جميع المجالات لتطبيقها. وأذكر منها ما أشار اليه أحد المشاركين الشباب الذي أصر علي طرح فكرته أمام الرئيس المصري، وكانت فكرته تحديدا تصب في اتجاه إمكانية زرع كلي صناعية لمرضي الكلي  بما يوفر ملايين الجنيهات لميزانية الدولة ناهيك عن الهدف الأسمي من الاختراع وهو سهولة علاج المرضي وتخفيف آلامهم، مجرد فكرة عرضت في المنتدي كفيلة بفتح مجال علاج مرض صعب ويوفر للدولة أموالا طائلة تصرفها في عمليات جراحية وأدوية وخلافه.

 

كتبت قبل شهرين تقريبا عن ضرورة تأهيل الشباب الخليجي للعمل خارج النطاق الحكومي والتأهل للمشاركة بقوة في القطاع الخاص للمساهمة في تنمية المجتمعات الخليجية، وربما توفر تلك المنتديات الشبابية الأفكار والمبادرات التي تمكن الشباب من اسثتمار معارفهم ومؤهلاتهم العلمية وثرواتهم حتي لو كانت محدودة في فتح آفاق جديدة أمامهم بدلا من انتظار الوظيفة الحكومية التي باتت حلما في وقتنا الراهن.

 

ويكتب للبحرين تنظيمها مؤتمر الشباب الدولي الثامن قبل عام تقريبا بمشاركة 1600 مشارك يمثلون 32 دولة، والذي نقل للعالم أجمع انجازات شبابنا في المجالات الرياضية والإنسانية والعلمية والثقافية والاقتصادية والتجارية، شباب قوي نمتن له ونقدره  لما بذلوه  من أجل رفع مكانة البحرين وجعل رقيها هدفا أسمى في مسيرة نجاحهم.. ولم لا؟ وقد تم مشاركته في صنع القرار وتمكينه في قيادة مؤسسات الدولة من خلال توليه المناصب القيادية المختلفة.