صدى العرب : بلكي بيوعي الضمير (طباعة)
بلكي بيوعي الضمير
آخر تحديث: الأربعاء 10/05/2023 10:16 ص
السفير: خليل الذوادي السفير: خليل الذوادي
في أغنية للرائعة فيروز من كلمات وألحان الأخوين رحباني في العام 1956م شدت فيروز بمطلع الأغنية، 

مريت بالشوارع.. شوارع القدس العتيقة قدام الدكاكين.. البقيت من فلسطين حكينا سوى الخبرية وعطيوني مزهرية قالوا لي هيدي هدية من الناس الناطرين.. 

نعم يطول انتظارنا كثيرًا في هذا الزمن بانتظار أن يوعى الضمير، وما أقدس وأروع الضمير عندما يدرك الطريق الأسلم والأصح لتغيير مسار حياتنا فمغرايات الحياة كثيرة، وما يوضع أمامنا من عراقيل وعقبات تجعل الحياة أمامنا صعبة وقاسية، فنخشى أن يصيبنا الهوان والضعف فلا نقوى على مقاومة سطوة الأيام، وما يحاك ضدنا وضد بلداننا وشعوبنا من دسائس ومؤامرات تشيب لهولها الولدان. 

إن هذا الضمير الذي أودعه الخالق - جلَّ وعلا - في نفوسنا هو صمام الأمان لكل ما نقدم عليه ونعرضه على هذا المقياس الرباني فيجنبنا الوقوع في المحظور، ويرشدنا إلى الطريق الأقوم والأصح فنجنب أنفسنا وأهلينا ومواطنينا وبلادنا عواقب غيبة الضمير، فيصيبنا مالا يحمد عقباه.. 

كان أستاذ الشريعة المرحوم الدكتور أحمد الغندور من جمهورية مصر العربية الشقيقة في جامعة الكويت «مثواه الجنة» يؤكد علينا ونحن طلبته عبارة «استفت قلبك ولو افتاك الناس»، وكان يشرح ذلك بتمكن واقتدار، مؤكدًا على أهمية استحضار الضمير الإنساني فينا لكي تكون خطوتنا واثقة، ونؤدي واجنبًا ونحن مرتاحو الضمير، وواثقون من أنفسنا. 

نحتاج فعلاً في أيامنا هذه أن نحكم العقل والفكر والضمير في كل ما نقدم عليه من أعمال، فالطالب عليه أن يحكم الضمير في علمه ودراسته كي يتخرج وهو متسلح بالعلم النافع وحاصل على أعلى الدرجات؛ تمهيدًا لدخوله إلى الجامعة والدراسات العليا وهو بذلك يرضي طموح أولياء أمره وبالتحديد الأم والأب فيتفاخرون به وبإنجازاته، والموظف والعامل عليه أن يحكم ضميره الواعي في انجاز عمله واتقانه ويبذل الجهد المستطاع في التطوير والنماء والبناء، ولاعب الكرة أو الألعاب الرياضية الأخرى عليه أن يحكم ضميره في انجاز ما يأمل فيه القائمون على تدريبه وصقل قدراته ومواهبه، فيحقق لهم ولوطنه المأمول منه، وكذلك في كل أعمالنا ومهننا وكل عمل يسند إلينا ويأمل المسؤولون عنا أن ننجزه بالوقت المحدد وبالكفاءة المعهودة. 

والضمير مجالاته واسعة فهو يبدأ من الفرد وينتهي بالمجموع ولكل ما فيه خير للفرد والوطن وربما الأمة.. نحن بحاجة للتغلب على مشاكلنا بالبذل والعطاء والشعور بأن الخير يجب أن يعم، والشر لا سمح الله يجب أن يخص ولا يتعدى إلى الغير، فنحن مكلفون بالحرص على أوطاننا وامتنا وشعوبنا وأن نسعى للخير لهم وتسهيل الأمور وتجنب العقبات والزلات التي تكون نتائجها وخيمة على الفرد والوطن والأمة، جوانب الخير كثيرة وسبل المنفعة لما يعود على الجميع بالخير وفيرة، فعلينا أن نحكم الضمير فيما نحن مقدمين عليه، ونتصالح مع أنفسنا قبل أن نتصالح مع الغير لما فيه الخير للجميع. 

إن الضمير الذي يعيش معنا كأفراد يجب أن يعم خيره الجميع فمن يشاركوننا في الوطن فنسعى جاهدين لصحوة الضمير في كل ما نقدم عليه لكي نعيش في أمن وسلام وراحة بال فننجز ما يطلب منا من أعمال بل ربما نتجاوز ذلك إلى ما هو أنفع وأفيد، ولذلك فليس من المستغرب عندما يوصف شخص ما نتيجة ما انجزه من أعمال توصف بالدقة والاتقان بأن يوصف هذا الشخص بأن ضميره حي، ويعمل بضمير يقظ وحسّ إنساني رفيع، فيستحق منا كل الإطراء والثناء على ما أنجزه، وبذلك نرفع من معنوياته ونزيد من يقظة الضمير عنده، وبقدر حرصنا على وعي الضمير لدينا فإننا مكلفون بالإشادة بمن يعمل بضمير يقظ وينجز عمله بإتقان وتميز وبذلك نرفع من معنوياته وصحوة الضمير لديه. 

ونختم بقول فيروز المتألقة دومًا: يا صوتي ضلك طاير زوبع.. بهالضماير.. خبرهن علي صاير بلكي.. بيوعي الضمير. 

فما أروع الغناء الملتزم، وما أروع القول الذي يحمل كل المسؤولية من أجل خير الوطن، وما أنفع النصيحة عندما تصدر من قلب نقي صاف يقظ العقل والضمير فالخير للجميع والأيادي القادرة على العطاء يتوجها الضمير الحي اليقظ الذي ينشد الخير ويزرع كل ما هو نافع للبشرية جمعاء. 

وعلى الخير والمحبة نلتقي.