صدى العرب : حرب أشباه الموصلات تستعر بين الغرب والشرق (طباعة)
حرب أشباه الموصلات تستعر بين الغرب والشرق
آخر تحديث: الأحد 19/03/2023 04:31 م أشرف كاره
مع تصاعد التوترات الجيوسياسية مع الصين، تتجه الولايات المتحدة لتصنيع المزيد من المنتجات والمكونات بدلا من استيرادها. ويتجلى هذا أكثر ما يكون في أشباه الموصلات، التي تعد مكونا أساسيا في كل شيء من السيارات إلى أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية والأجهزة والمعدات الطبية.
ومن المعلوم أن  الصين وشرق آسيا تستحوذ على نحو 75% من حصة السوق العالمية لتصنيع أشباه الموصلات، وتعد تايوان وحدها مسؤولة عن 92% من صناعة الرقائق المتقدمة. بينما في الجهة الأخرى تراجعت حصة الولايات المتحدة من 37% عام 1990 إلى 12% فقط في 2020، بينما تمثل أوروبا 9%. ومن المتوقع أن تشهد الاقتصادات الغربية مزيدا من الانخفاض في حصتها خلال العقد الحالي، مع تراجع حصة أمريكا إلى 10% وأوروبا إلى 8%. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تستحوذ اقتصادات شرق آسيا على 77% من حصة السوق العالمية.
و تعتبر شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات (تي إس إم سي) أكبر شركة رقائق في العالم بحصة سوقية تقارب 54% من السوق، بينما تمتلك شركة سامسونج الكورية 16.3%، وتصنع الشركة التايوانية العملاقة نحو 24% من رقائق العالم، وأكثر من 90% من رقائق 5 نانومتر الأكثر تقدما، والمستخدمة في الطائرات المقاتلة الأمريكية وأجهزة أيفون وأجهزة الكمبيوتر العملاقة، والذكاء الاصطناعي للسيارات والمعالجات الأكثر تطورا.
وتعد  تي إس إم سي وسامسونج من بين عدد قليل من الشركات التي تنتج أصغر وأسرع شرائح 5 نانومتر، حيث تغلبت سامسونج الصيف الماضي على منافسيها لتصنيع أول شريحة 3 نانومتر في العالم، والتي تقول إنها تعمل على تحسين أداء الحوسبة بنسبة 23% وتقليل استهلاك الطاقة بنسبة 45%، وهي أصغر بنسبة 16% من شريحة 5 نانومتر. وفي الوقت نفسه، لا تزال شركة إنتل الأمريكية تواجه صعوبات لإنتاج أول شريحة 5 نانومتر.
وبدورها تمثل أمريكا الشمالية 65% من مبيعات تي إس إم سي، وهذه الإحصائية تسبب القلق لصناع السياسة والشركات في الولايات المتحدة بشأن تصعيد التوترات بين واشنطن وبكين حول وضع تايوان، حيث يقع مقر الشركة. وكثفت بكين من التدريبات العسكرية حول الجزيرة العام الماضي، وسط حرب كلامية مع الولايات المتحدة. وتعهد الرئيس جو بايدن مرتين بأن الولايات المتحدة ستدافع عسكريا عن تايوان ضد أي هجوم تتعرض له. وذكر نائب رئيس شركة فورستر للأبحاث والاستشارات لبيزنس إنسايدر أنه "إذا غزت الصين تايوان، سيكون ذلك أكبر تأثير نراه على الاقتصاد العالمي، وربما على الإطلاق".
و تشجع إدارة بايدن مصنعي الرقائق الرئيسيين على استثمار مليارات الدولارات في إنشاء مصانع على الأراضي الأمريكية، في محاولة للتحوط ضد أي مواجهات مستقبلية مع الصين قد تؤدي إلى توقف سلسلة التوريد، وفق وثائقي سي إن بي سي. وتعمل تي إس إم سي على بناء مصنع ضخم للرقائق بقيمة 40 مليار دولار في مدينة فينيكس بولاية أريزونا، والذي من المتوقع أن يبدأ العمل بحلول عام 2024، مع خطط لمزيد من التوسع في المستقبل. بينما تؤسس سامسونج مصنعا بقيمة 17 مليار دولار في ولاية تكساس، مع توقعات ببدء العمل في 2024 أيضا. وتستثمر شركة إنتل 20 مليار دولار في مصنعها العملاق بأوهايو، والذي من المفترض أن يبدأ الإنتاج بحلول عام 2025.
ومن جانبه فقد أقر الكونجرس الأمريكي قانون أشباه الموصلات في الصيف الماضي، والذي يوفر نحو 39 مليار دولار في شكل حوافز وائتمان ضريبي بنسبة 25% لمصنعي أشباه الموصلات المحليين، إضافة إلى 13.2 مليار دولار أخرى للبحث والتنمية، بحسب بيان البيت الأبيض. وأعلنت شركات مايكرون وكوالكوم وجلوبال فاوندريز استثمار أكثر من 44 مليار دولار لتصنيع الرقائق في الولايات المتحدة، بالتزامن مع بدء العمل بالقانون الجديد.
وفى الوقت نفسه ما زال البعض يشكك في جدوى صناعة الرقائق الأمريكية، حيث يواجه مشروع فينيكس التابع لشركة تي إس إم سي شكوكا حول جدواه. ويقول كيرك يانج رئيس شركة كيركلاند كابيتال للاستثمارات الخاصة إن "استثمار تي إس إم سي في الولايات المتحدة ليس له معنى على الإطلاق من منظور الأعمال"، خصوصا مع التكلفة المرتفعة والمشاكل الإدارية. بينما يشير آخرون إلى أن المصنع يأتي كامتياز للولايات المتحدة ولأسباب سياسية فقط.
فيما نأتى الحوافز الأمريكية ليست خالية من القيود... فيجب على مصنعي أشباه الموصلات الذين يحصلون على مساعدة من خلال القانون الجديد أن يتعهدوا بعدم توسيع العمليات في الصين لمدة 10 سنوات، بموجب القواعد الجديدة التي فرضتها وزارة التجارة الأمريكية الأسبوع الماضي، حسبما ذكرت فايننشال تايمز. وفرضت إدارة بايدن في سبتمبر الماضي حظرا على شركات الرقائق الأمريكية التي تبيع أشباه الموصلات للصين، مما زاد من حربها التكنولوجية ضد بكين.