صدى العرب : "صدي العرب" يطرح السؤال.. من المسئول عن الرقابة على شركات الرعاية الطبية فى مصر؟ (طباعة)
"صدي العرب" يطرح السؤال.. من المسئول عن الرقابة على شركات الرعاية الطبية فى مصر؟
آخر تحديث: الأحد 18/09/2022 05:50 م تحقيق: سميرة سالم
غياب الرقابة المباشرة اتاح لبعض الشركات حصاد ملايين الجنيهات مقابل خصم مبالغ ضخمة من مستحقات مقدمى الخدمات الطبية

رئيس شعبة صيادلة القاهرة الأسبق يقترح إقامة «اتحاد مقدمى الرعاية الطبية» لإصدار قرارات واجبة النفاذ ضد المقصرين

صيادلة يعملون على انشاء مجموعات بمواقع التواصل الاجتماعى للتحذير من شركات الرعاية الطبية سيئة السمعة


بديهى أن يكون هناك رقابة على كل مؤسسة تؤدى عملًا، يستطيع المتعاملون معها أخذ حقوقهم منها أو ردعها إذا ما قامت بمخالفة القوانين، ولكن خلاف ذلك يُعتبر أمرًا غير طبيعي؛ ولذلك نطرح السؤال المنطقى فى ظل زيادة الشكاوى من ممارسات بعضًا من شركات الرعاية الطبية مع مقدمى الخدمات الطبية من صيدليات ومستشفيات وغيرها من المتعاقدين معها دون وجود حدود واضحة لحفظ الحقوق أو تطبيق الجزاءات، أو جهة مباشرة مختصة بالتحكيم ما بين الجهات المتعاقدة غير اللجوء إلى القضاء.

 

قال عادل عبد المقصود، رئيس سابق شعبة الصيادلة بالقاهرة، أن هناك بعضًا من شركات الرعاية الطبية سيئة السمعة تعمل بالسوق المصرى حاليًا، متسائلًا: "أين الجهة الرقابية المنوط بها رقابة هذا النوع من الشركات والتى يتم إنشاؤها بعيدًا عن هيئة الاستثمار؟!".

وتابع: "الرعاية الطبية تشمل جانبين، شركات تأمين طبي، وشركات رعاية طبية، الأولى شركات تأمين من ضمن أنشطتها قطاع طبى تأميني، والمنوط بالرقابة عليها الهيئة العامة للرقابة على التأمين، وتكون المسئول الأول عن حماية أموال المواطنين فى تعاملها مع شركات التأمين".

وأضاف: "فى حين لا يوجد كيان رقابى على أداء شركات الرعاية الطبية، والنتيجة شكاوى متعددة من صيادلة ومستشفيات لهم مستحقات متأخرة لدى احدى تلك الشركات، واحدة من تلك المستحقات بلغت ٢ مليون جنيه وبعد مماطلة من جهة الشركة تم صرف مليون جنيه فى حين تحججوا بوجود خطأ فى صرف روشتة قيمتها ١٥٠٠ جنيه وأن عقوبتها خصم ٨٥٠ ألف جنيه من المليون المتبقية من المستحقات!".

وتابع: "ليس هذا فحسب، فقد فوجئت بأن هذه الشركة قامت بهذا الأمر مع العديد من الصيادلة، فهى تقوم بمحاسبة كل مجموعة منهم على حدا وخصم جزء كبير من مستحقاتهم التى تقدر بمئات الآلاف نظير خطأ مزعوم، ناهيك عن تكرار الأمر مع بعض المستشفيات أيضًا، وعلى المتضرر بالطبع اللجوء إلى القضاء".

ونبه "عبد المقصود" بأن لا يوجد بنود فى العقد تمنح الحق للشركة فى تطبيق تلك العقوبة أو تحديدها، مضيفًا بأن بسؤال مسئولى الشركة كان الرد بأنهم يتخذون القرارات بأنفسهم دون بنود تعاقد؟!".

وأشار إلى أن هذه التجاوزات من قبل هذه الشركات غير قانونية؛ لأن مالم يُذكر بوضوح لا يعتد به، فلا يوجد ما يبيح تطبيق عقوبة غير محددة ببنود التعاقد ما بين الجهتين، وبالتالى ليس من حقهم اتخاذ تلك الاجراءات دون وجود نص محدد متفق عليه بين الطرفين.

وأضاف بأن فى ظل هذه التجاوزات وعدم وجود جهة رقابية منوط بها الرقابة على هذا النوع من الشركات، سنعمل على إنشاء مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعى للتحذير من شركات الرعاية الطبية سيئة السمعة والمعروفة بارتكاب مخالفات عدم دفع مستحقات جهة التعاقد، والتنبيه على عدم التعامل معها.

وأوضح الرئيس السابق لشعبة الصيادلة بأن كل ما يلزم هذا النوع من الشركات للعمل بالسوق المصرى هو مبنى وسجل تجارى وشبكة طبية مرتبطة بكل القطاع الطبى من مستشفيات وأطباء ومعامل تحاليل ومعامل أشعة وصيدليات وغيرها، لتبدأ مرحلة التعاقد معهم بعقود مدون بها بدء الدفع بعد ٤٥ يوم من تاريخ تقديم المطالبة، وبالطبع قد تصل المدة إلى ثلاثة أشهر، فى حين تقوم هذه الشركات بتحصيل مقابل الخدمات التى يتم تقديمها للشركات المستفيدة من الرعاية الطبية مقدمًا.

وارجع "عبد المقصود" قبول مقدمى الخدمات الطبية التعامل مع شركات الرعاية الطبية لحاجتهم لزيادة حجم أعمالهم وتحقيق زيادة فى المبيعات حتى على حساب التنازل عن جزء من أرباحهم عملًا بمبدأ تحقيق مكاسب عن طريق زيادة نسب البيع.

وأشار إلى أن ما يحدث من تأخير مستحقات الصيادلة فقط يتسبب فى تعرضها لخسائر بخلاف الخصم من مستحقاتهم الأمر الذى يُعد كارثة بكل المقاييس.

وتابع: "بالبحث وجدت أن متوسط الربح السنوى للشركة التى تنتهج هذا التصرف المشين يتراوح ما بين ٧٠٠ إلى ٧٥٠ مليون جنيه، بربح شهرى يتخطى ٥٥ مليون جنيه!، وتنقسم هذه الشركات حسب تعاملها إلى نوعين أولهم أن تكون تعمل لحسابها الخاص أو كوسيط لشركات أخرى أو هيئات مقابل نسبة على إدارة المنظومة تتراوح من ١٢ إلى ١٥٪ يضاف إليها نسبة ٥٪ نظير مراجعة المطالبات التى ترد إليها من كافة الجهات المعنية، وفى النهاية تربح ٢٠٪ من حجم الأعمال وهو مبلغ كبير يصل إلى ١١ مليون جنيه شهريًا".

وأضاف بأن مقابل كل تلك المبالغ التى تربحها من عملائها المشتركون فى الرعاية الطبية تقوم بخصم مبالغ ضخمة من مستحقات الجهات التى تقوم بتقديم الخدمات الطبية!، مؤكدًا أن تلك الشركات التى تنتهج هذا الأسلوب تستطيع ن تربح مليارات الجنيهات خلال سنوات، وبعضهم يقوم بتحويلها للخارج والهرب بعد إعلان الإفلاس!.

وناشد "عبد المقصود" بضرورة تصدى الدولة بكل الجهات الرقابية المعنية لأمثال هذه الشركات؛ لحماية المواطن المصرى والمؤسسات التى تقوم بتقديم الخدمات دون الحصول على مستحقاتها، وأن لا تترك المجال لتلك الكيانات العشوائية للعمل دون رقيب يقتص منهم بطريقة فورية.

واقترح "عبد المقصود" إنشاء فرع تابع للهيئة العامة للرقابة على التأمين يكون من اختصاصه الرقابة على شركات الرعاية الطبية، أو إنشاء جهة رقابية مختصة يلجأ إليها أصحاب الحقوق للحفاظ على اقتصاديات الكيانات من مقدمى الرعاية الطبية.

كما اقترح إقامة "اتحاد مقدمى الرعاية الطبية" يكون أعضائه المستشفيات والصيدليات وغيرها من الجهات التى تعمل بالمجال، ويسجل هذا الاتحاد ككيان بالغرفة التجارية وتوضع الآليات الخاصة به ونظام عمله ويتم رفعها لمجلس النواب بحيث يستطيع أن يتخذ قرارات نافذة وفورية ضد كل من يتعامل فى هذا القطاع، والمُقصر يتم إيقافه من العمل.

وتابع: "طالبت الاتحاد العام للغرف التجارية بتقديم طلب لرئيس الاتحاد المهندس إبراهيم العربى ليقوم بمخاطبة رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية لاتخاذ اللازم نحو شركات التأمين الطبى المتعاقدة مع هذه النوعية من شركات الرعاية الطبية كطرف ثالث" نظرًا لأن الأخيرة لا تقوم بصرف مستحقات الصيادلة والمستشفيات".

وأضاف: "تواصلت معى العديد من المستشفيات "رابطة اصحاب المستشفيات" ونصحتهم لتفادى عدم صرف مستحقاتهم أن يقوموا بفتح بوليصة تأمين ضد مخاطر الائتمان بمبلغ يوازى حجم التعامل مع هذه الشركة خلال ٣ أشهر وذلك نظير ١.٢٥٪ وهو رقم بسيط بالمقارنة مع ضياع نسب كبيرة من مستحقاتهم، حتى تقوم الدولة بإنشاء كيان رقابى يختص بهذا الأمر.

وقالت دكتورة غادة الجنزوري، وكيل غرفة مقدمى خدمات الرعاية الصحية باتحاد الصناعات المصرية وعضو مجلس إدارة احدى المستشفيات المتضررة، أن تلك الشركات لا تضر فقط بمقدمى الخدمات بل أيضًا بمثيلاتها من الشركات الملتزمة.

وأوضحت الجنزورى بأنه قد تم تقديم شكوى لهيئة الرقابة المالية التى كان ردها عدم تبعية هذا النوع من الشركات لها، وهنا لا ندرى إلى من نشتكي؟!، مضيفة بأن غرفة مقدمى الخدمات عقدت اجتماعًا بهذا الصدد وتم الاتفاق على أن يتم إعداد مذكرة عند وجود شركة ممتنعة عن دفع المستحقات لإخطار المستشفيات الأخرى بموقفها حتى لا تتضرر منها، ولكن تظل الغرفة ليس لها سلطة رقابية على تلك الشركات.

ويقول دكتور فادى فؤاد الروزيقي، صيدلى وصاحب مجموعة صيدليات، أن جميع تعاملات مقدمى خدمات الرعاية الطبية واموالهم المستحقة من الشركات المذكورة لا تخضع لنظام حماية أو ضمان.

وأشار إلى ضرورة وجود كيان أو جهة مسئولة عن حماية حقوقنا، وإلزام الشركات بتقديم خطاب ضمان لمقدمى الخدمات من الصيدليات والمستشفيات، اسوة بما طالبت به بعض كبرى الصيدليات.