صدى العرب : من ينقذ السكة الحديد من عثرتها؟ (طباعة)
من ينقذ السكة الحديد من عثرتها؟
آخر تحديث: الأربعاء 27/09/2017 11:44 م
هاني أبو الفتوح هاني أبو الفتوح
 انتابني شعور متناقض بين الفخر والحسرة. أفتخر أن سكك حديد مصر هي أول خطوط سكك حديد يتم إنشاؤها في أفريقيا و الشرق الأوسط، والثانية على مستوى العالم بعد المملكة المتحدة، حيث تم إنشائها في خمسينيات القرن التاسع عشر، غير أني اشعر بالحسرة لما آل إليه الأمر في هذا المرفق الحيوي، فأصبحت حوادث القطارات وسؤ تشغيلها خبر روتيني في وسائل الاعلام، أما خسائرها المتراكمة، فحدّث ولا حرج.  

يبلغ عدد رحلات السكة الحديد ٩٣٦ رحلة قطارات يوميا تنقل  نحو ١٫٤ مليون راكب، بينما توظف الهيئة القومية لسكك حديد مصر نحو ٨٦ ألف موظف ومهندس وسائق. وقد وصل حجم خسائر السكة الحديد مبلغ  47 مليار جنيه ترتفع سنوياً بسبب خسائر التشغيل، وقلة الايرادات، وضعف تحصيل الهيئة للمديونيات لدى مختلف قطاعات الدولة والوزارت، حيث بلغ إجمالي المديونيات نحو 3.3 مليار جنيه.

 بالقطع هذا الحال المؤسف لقطاع السكة الحديد يؤثر بشدة على المواطن ويعيق تنفيذ خطط التنمية التي تعتمد بشكل كبير على خطوط تربط محافظات مصر لنقل الركاب والبضائع. فلماذا تحولت السكة الحديد من مرفق يحقق أرباح حتى عام 1998 إلى وضع كارثي يحقق خسائر مالية ضخمة، وحوادث متكررة راح ضحيتها مئات من الأبرياء؟ السبب بإيجاز هو الفساد والمحسوبية وسوء الإدارة وانعدام الكفاءة وضعف الرقابة في جميع أنحاء المرفق.

ولكن هل يكفي لتطوير السكة الحديد توفير الموارد المالية، والتي تقدر بنحو 45 مليار جنيه، فحسب؟  المعلوم أن أغلب الجهات الحكومية التي تقدم خدمات للمواطن يسودها مناخ الترهل الاداري والاهمال والمحسوبية وغياب المسائلة. كل هذه الأمراض الادارية يمكن تخفيف أعراضها بتطبيق الأنظمة الادارية الحديثة، ورفع كفاءة الموارد البشرية ثم تفعيل المحاسبة لكي ينال المجتهد حقه من التقدير المادي والمعنوي، بينما ينال المهمل والفاسد الجزاء الرادع. فبدون تفعيل مبدأ الثواب والعقاب لن ينصلح الحال أبداً.

أما الحديث عن خصخصة السكة الحديد فهو أمر يصعب تحقيقه لاسيما تجربة بريطانيا لم تكن ناجحة تماما، كما أن المواطن المصري لديه حساسية مفرطة من تجارب الخصخصة السابقة في مصر. والبديل الأفضل هو تعديل قانون السكة الحديد لكي يسمح بدخول القطاع الخاص في إنشاء وإدارة الخطوط والتشغيل وصيانة الورش.

 وبالتأكيد أن القطاع الخاص يمكنه تطبيق نظم إدارة حديثة، وتوظيف الكوادر البشرية أصحاب الكفاءات مما يعني أن الترهل الاداري في القطاعات التي سوف يشارك في إدارتها سيختفي تدريجياً، وبالتالي ستساهم مشاركته فى رفع كفاءة السكة الحديد والقطارات. 

ختاما، نحن على أمل أن تكون مشاركة القطاع الخاص هي الحل الناجز لمشاكل السكة الحديد وأداة لتطوير هذا المرفق الحيوي الذي طالته يد الاهمال والفساد لسنوات طويلة.