صدى العرب : اجتماع دول الجوار العراقى نقطة فاصلة فى اقتصاد المنطقة (طباعة)
اجتماع دول الجوار العراقى نقطة فاصلة فى اقتصاد المنطقة
آخر تحديث: الخميس 09/09/2021 08:40 م تحقيق- نسرين قاسم
الرئيس عبد الفتاح السيسى فى المؤتمر: سياسة مصر الثابتة تتركز فى دعم الدولة الوطنية واستقرار الدول ووقف التدخلات الخارجية

كانت مصر بعيدة النظر فى رهانها على الاتجاه نحو العراق ودعمها لذلك فنتائج الاجتماع الأول لدول الجوار للعراق، الذى شارك فيه الرئيس عبدالفتاح السيسي، على رأس وفد مصرى رفيع المستوى، ستكون لها انعكاسات إيجابية على مستقبل المنطقة كلها، بالنظر إلى أهمية الملفات التى تم بحثها، وبعد أن شاركت كل من السعودية، إيران، تركيا، الأردن، الكويت، قطر، الإمارات، وفرنسا، وبحضور منظمتى الجامعة العربية، والتعاون الإسلامى على طاولة واحدة فى بغداد، حيث جاءت هذه القمة كجزء مكمل لحوارات واتصالات عراقية مع دول الجوار على مدى شهور ترجمت فى النهاية إلى قمة ذات طابع سياسى رغم عناوينها الاقتصادية والأمنية.

يقول دكتور عبد الكريم الوزان استاذ الاتصال السياسى العراقى إن مؤتمر جوار العراق يمثل انعكاسة سياسية واقتصادية وأمنية على العراق خاصة وعلى المنطقة العربية بشكل عام حيث احدث هذا المؤتمر تقاربات بين بعض الدول فى الداخل مثل السعودية وايران فلاول مرة تجلس السعودية وايران على طاولة واحدة وبالتالى هذا المؤتمر يعمل على تمكين الجانب الاقتصادى ووحدة اتخاذ القرار السياسى ووحدة القرار تجاه مكافحة الارهاب والتنسيق الامنى ومن أبرز نتائج قمة بغداد أنها تعد التحضير السياسى العملى الأول لمغادرة أمريكا بشكل نهائى للعراق مع تخفيض وجودها فى دول خليجية أخرى، نهاية العام الجاري، وهو ما يستدعى صفحة جديدة للتعاون وخفض التوتر والبحث عن مجالات للتعاون والتفاهم، والتأكيد على أن العراق ليس منفردا، وأن دول الخليج أيضا ليست بمفردها ومع ذلك ينتقد الوزان مشاركة ايران فى هذا الموتمر مشيرا إلى انها هى من سلخت العراق من محيطها العربى والاسلامى اضافة إلى أنها هى من سلمت امريكا العراق وانتقد عبد الكريم حضور وزير خارجية ايران ووقوفه فى الصف الامامى بجانب الرؤساء والقادة معتبرا ذلك رسالة أرادتها ايران لإظهار القوة والغطرسة على الشعب العراقى كما انتقد عبد الكريم الموتمر حيث أشار الى انه كان يحمل الضبابية فى الاعداد له والنتائج التى ترتبت عنه وأوضح عبد الكريم انه برغم من اهمية الموتمر التى يشير اليها العالم إلا ان الشعب العراقى لا يعول عليه ولا يثق فى نتائجه حيث إن مشاركة امريكا وايران لا وفرنسا ايضا فى هذا الموتمر يجعل الموتمر اقرب لتقاسم الغنيمه وليس للدعم.

ويؤكد الوزان أن وقت اجتماع القادة فى العاصمة العراقية بغداد، ثمرة لمساع وخطوات جرت على مدى الأعوام الأخيرة، فهذا المؤتمر الذى ينعقد بمشاركة كل من مصر والأردن وتركيا وإيران والسعودية والكويت وقطر والإمارات وفرنسا، إضافة إلى المنظمات الإقليمية الكبرى، ممثلة فى الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجى ومنظمة التعاون الإسلامى، هذا الحضور، يعكس نجاح العراق فى بناء استقرار بعد سنوات من الصراع والارتباك. وحسبما أعلن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمى، فإن قمة بغداد «حدث مهم ليس للعراق فقط، بل للمنطقة كلها»، وهو كذلك لأن استعادة العراق لقوته وتأثيره الإقليمى يدعم التوازن الاستراتيجى فى المنطقة، بعد سنوات أدى الاختلال إلى اهتزاز وصراعات ضاعفت من معاناة الشعوب العربية فى أكثر من مكان، وغيبت تأثير دول عربية ذات وزن فى التوازن الإقليمى.   

ويرى السفير جمال بيومى الامين العام لاتحاد المستثمرين العرب ان أبرز نتائج هذا الموتمر هو الحوار الذى تم وحضور وزير خارجية ايران والحضور التركى وطبعا حضور الاردن فهذا الطريق الصحيح والتزام معظم الدول بمحاربة الجريمة المنظمة سواء الارهاب او غسيل الاموال الاتجار فى البشر والهجرة غير الشرعية يعتبر خطوات إيجابية وبناءة ورضافة إلى أن الحوار دائما افضل من المجابهة والانعزال موضحا بيومى بأن الانعزال ليس من سياسة العصر من جهة أخرى أكد بيومى أن هذا الموتمر هو خطوة للإمام لتعاون اقتصادى يشمل دول الجوار وان عائد هذا الموتمر يكون بناء ومؤثر على المستوى الاقتصادى قريبا خاصة على مصر وتمثل مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى مؤتمر بغداد، تأكيدًا لموقف مصر الداعم لوحدة واستقرار العراق، واستمرارًا لجهود مشتركة ثنائية وثلاثية مع الأردن، وهى ليست المرة الأولى التى يزور فيها الرئيس السيسى العراق، فقد كان أول رئيس مصرى يزور العراق منذ 30 عامًا، وذلك فى يونيو الماضى، وهذه الزيارة، والسابقة، لهما أثر سياسى واقتصادى يؤكد دعم موقف العراق، فضلًا عن جهود التقارب العربى والتنسيق والتعاون فى العديد من الملفات ثم إن الحضور الإقليمى القوى لدول جوار العراق، والحضور الدولى ايضا، ممثلًا فى فرنسا، أحد أهم الأطراف الأوروبية، من شأنه أن يساهم فى تدعيم مبادرات الحل السياسى، وطرح القضايا الإقليمية فى سياقات ثنائية، يمكن أن تمثل تقاطعًا مع القضايا المطروحة إقليميًا.

وأكد بيومى أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، للعراق، هى استكمال لعلاقات تم بناؤها على مدى السنوات، وتعززت باتفاقات اقتصادية وتجارية، ولجان مشتركة، فضلًا عن تنسيق المواقف العربية والإقليمية بشكل يدعم نظرية الفعل العربى، بديلًا عن انتظار تحركات قوى كبرى مشغولة بقضاياها ومنافساتها، ويؤكد الرئيس دائمًا، دعم مصر للدولة والحكومة فى العراق، بينما يؤكد الجانب العراقى حرص العراق على الارتقاء بالتعاون مع مصر إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، لمصلحة الشعبين الشقيقين، وحجر أساس للحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمى، وإعادة التوازن للمنطقة، وذلك فى ضوء الأهمية المحورية لمصر إقليميًا ودوليًا حيث اكد الرئيس السيسى سياسة الدولة المصرية، خلال السنوات الأخيرة التى تتركز فى دعم الدولة الوطنية واستقرار الدول، ووقف التدخلات الخارجية، وترى أن دولًا كثيرة عربية تعرضت، خلال السنوات الماضية، إلى ارتباكات أفقدتها قدرتها، وأضعفت الموقف العربى، وصنعت نوعًا من الفراغ، أدى إلى ظهور التنظيمات الإرهابية، فضلًا عن التدخل الخارجى، وترى مصر أن الإرهاب ليس أمرًا محليًا، فقط، ولكنه أمر يؤثر على العالم كله، وسلط الضوء على التأثيرات السلبية للإرهاب على الشعب العراقى وغيره من الشعوب العربية. وجدد الرئيس دعمه للعراق، فى طريق استعادة قوته، فى ظل العلاقة الممتدة بين الشعبين المصرى والعراقى، على مدى عقود، ووجه فى نهاية كلمته دعوته للشعب العراقى، أن يشارك فى الانتخابات لاختيار ممثليه، واستعادة الاستقرار، كمقدمة للتنمية، بما ينعكس على الشعب العراقى وشبابه، وأيضًا يقوى الاستقرار فى المنطقة.

بينما يرى الدكتور حسن سلامة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ان الاجتماع جاء بعد جهود تمت على مدى ثلاث سنوات ادت الى بناء تعاون ثلاثى بين مصر والعراق والأردن، منذ مارس 2019، تطور بشكل متواصل، ولايزال البناء يجرى على ما تحقق خلال ثلاث قمم عززت التشاور السياسى، ومواجهة التحديات المشتركة محليًا وإقليميًا، حيث من صالح المنطقة أن تتوقف التدخلات الخارجية، والصراعات، لصالح حلول سياسية تمهد لاستقرار يفتح الباب للتنمية. هذا التنسيق الثلاثى يمثل أحد أهم محاور التعاون الإقليمى لمعالجة تأثيرات مرحلة من الارتباك امتدت لأكثر من عقدين، بعد الغزو الأمريكى الذى أثر على التوازن الإقليمى، وتسبب فى خلل سياسى واجتماعى وأطلق صراعات طائفية وعرقية أنتجت داعش أحد أخطر التنظيمات المتطرفة والإرهابية، وانتزاع مساحات إقليمية ومزاعم إقامة دولة الخلافة الوهمية، وبجهد كبير استعاد العراق سيطرته، ومثلت هزيمة داعش مقدمة لاستعادة الاستقرار المفقود، وفتح الباب لمداواة التأثيرات السلبية التى انعكست فى فساد وتراجع التنمية، وأطاح بالقدرات الاقتصادية، ويرى سلامة ايضا ان العراق يواصل مساعيه لاستعادة مكانة مهمة فى التوازن الإقليمى، وهو أمر يدعمه التعاون والتنسيق مع مصر والأردن والدول العربية، وانعكس فى انعقاد ونجاح  مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة وهنا يؤكد سلامة ان هذا الاجتماع الهام رغم صبغته وعناوينه الاقتصادية إلا أن مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى أعطى لهذه القمة وزنا سياسيا وأهمية كبرى، يترجم الثقل السياسى والاقتصادى لمصر التى أصبحت نموذجا يحتذى، واستعادت دورها الذى سيظل حيويا للغاية لضمان الأمن القومى العربى فى المستقبل المنظور، إضافة إلى الإعلان الرسمى عن قدرة مصر على أن تكون اللاعب والمؤثر الرئيسى فى مستقبل الشرق الأوسط سياسيا واقتصاديا.

وقال ان من المؤكد كذلك أن السلوكيات السياسية والعسكرية التى تصدر من واشنطن منذ وصول الرئيس بايدن كانت سببا مباشرا فى بحث دول المنطقة على ملفات اتفاق وعناوين تفاهم ووسائل جديدة لخفض التوتر والحوار الذى يخدم مصالح كل دولة خاصة بعد الانسحاب الأمريكى المفاجى والسريع من أفغانستان؛ وعودة التطرف العنيف بوجه القبيح للمنطقة، ومباحثات العودة إلى الاتفاق النووى مع إيران، وهو ما دفع دول الجوار للعراق إلى التفكير فى مسارات جديد للدبلوماسية يتركز على خفض التصعيد وهو ما نجحت فيه بغداد على مدى شهور.

 وقال سلامة إن المشاركة الفرنسية فى أعمال المؤتمر وما تلا ذلك من جولات للرئيس الفرنسى فى العراق، وزيارته لمواقع دينية أثرية إسلامية ومسيحية كانت الحدث الأبرز ولذلك حرص الرئيس الفرنسى على المشاركة الفعالة فى القمة بهدف استعادة دور شبيه بما تفعله فى الملف اللبناني، من خلال السعى للعب دور أكثر حيوية داخل العراق، وملء الفراغ الذى سيتركه الانسحاب الأميركى نسبيًا، ولذلك طرحت فرنسا فى بغداد أفكارًا حول التهدئة السياسية الداخلية العراقية، مقابل سعى فرنسا لرسم خريطة طريق، والمساهمة فى إعادة الإعمار

وأخيرا اكد سلامة  إن مظاهر النجاح الذى أسفرت عنه قمة بغداد هو التأكيد على دور مصر الحيوى فى ضمان أمن المنطقة ونقل التجربة المصرية الرائدة فى التنمية إلى العراق، وأن مصر أصبحت محور أى تفاهمات إقليمية جديدة فى المنطقة، وأن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمى لدية قدرة كاملة أن يضمن الاستقرار داخل العراق على الصعيد الأمنى خاصة بعد أن مرت القمة بسلام وهو أمر لم يحدث منذ سنوات وبعد أن كان القادة يتجنبون زيارة العراق على مدى عقود، كما أن هذه القمة الناجحة تعد خطوة فى طريق عودة العراق للعب دوره التاريخى الكبير فى الإقليم عامة وفى الشرق الأوسط خاصة، بعد الجهود العراقية من اجل فتح صفحات جديدة مع دول الجوار خلال الأشهر الماضية، والتى أسهمت بالفعل فى خفض التوتر بين دول المحيطة بالعراق بعد أن أسهمت فى تذويب جزء من الجليد بين البلدان، وربما تفتح وبشكل جزئى الآفاق المغلقة منذ سنوات.