صدى العرب : «فطوطة» و«الميليشيات الإلكترونية» و«الرموز».. «تعويذة الشر» فى الكرة المصرية (طباعة)
«فطوطة» و«الميليشيات الإلكترونية» و«الرموز».. «تعويذة الشر» فى الكرة المصرية
آخر تحديث: السبت 15/08/2020 03:33 م
بقلم: أحمد اسماعيل بقلم: أحمد اسماعيل
فى منتصف الثمانينيات، وبالتحديد عام 84، ظهرت فوازير فطوطة، وهو قزم يرتدى بدلة خضراء وحذاءً أصفر كبيراً، وأدى الشخصية الفنان الكبير سمير غانم، وكان منبع الضحك فى شخصية "فطوطة" أنه كان كاذباً، أو بمعنى أدق "فشّاراً" يتحدث عن بطولات خارقة قام بفعلها، وهذه آفة العديد من مسؤولى الأندية المصرية، يتحدثون وكأنهم يملكون القدرة على بناء الأهرامات الثلاثة على غرار الفراعنة، وأنهم يملكون عبقرية"أينشتاين"، لكن واقعهم مرير، ويعتمدون على الفهلوة فى إدارة شؤونهم، ويطبقون سياسة "الأقربون أولى بالمعروف"، وإتمام صفقات اللاعبين عن طريق وكلاء اللاعبين المقربين، ولو أعلن كل ناد مدى خسائر ناديه فى صفقات اللاعبين، سنجد أننا أمام جحيم من الخسائر الفادحة، وأصبحت ميزانية الفريق الكروى كأنها "أسرار عسكرية" وإعلانها يمثل خطراً على الأمن العام الكروى فى أى ناد، يتحدثون عن صفقات اللاعبين الجدد، وكأنهم تعاقدوا مع لاعبين من كوكب المهارات، ويمنحونهم أوصافاً خرافية، مثل "خرتيت" الكرة المصرية، و"الأسد" و"الفهد" وكأنهم تعاقدوا مع لاعبين من الغابات الإفريقية، لنكتشف أن "الخرتيت" تحول إلى "قنفذ" يتمحور حول نفسه فى المباريات الرسمية، أسوة بـ"مروان محسن" مهاجم الأهلى، الذى يتمسك به ناديه، ويدرس تجديد عقده لموسم 2023، رغم أنه لم يحرز سوى "17 هدفا" مع "الفريق الأحمر"، فى "4 مواسم"، وجماهير الأهلى تطالب برحيله من فرط غضبها منه، وكأن إدارة النادى تقول للجماهير على طريقة أحمد راتب فى فيلم "الإرهابي": "لا تجادل يا أخ على"؟!

هكذا عدد من مسؤولى الأندية يعتقدون أنهم "ترعة المفهومية" و"العبقرية الفذة" الذين يقودون أنديتهم عبر صاروخ يسير بسرعة الضوء، ولكنهم فى الواقع يقودون أنديتهم بـ"توكتوك" بسرعة "أم أحمد"؟!

هكذا هناك أكثر من "فطوطة" فى الأندية يتحدث أكبر من إمكانياته.

بينما المحور الثانى فى "تعويذة الشر" التى تهدد تقدم الكرة المصرية، ما يسمى "لعنة الرموز"، وهو تدعيم الرموز فى انتخابات الأندية، على حساب كفاءات يتوافر لديها الإبداع، وأقرب مثال إلى ذلك انتخابات النادى الأهلى الأخيرة، فاختار أعضاء القلعة الحمراء، محمود الخطيب بـ"عواطفهم"، وتخلوا عن "العقلانية" التى كانت ترجح كفة المهندس محمود طاهر، الذى أدار النادى بمنتهى الحكمة والهدوء، وحافظ على هيبة الأهلى التى لم يقهرها الزمن، حتى جاء عهد الخطيب الذى هدم "قلاع الهيبة الحمراء" بـ"أزمته الشهيرة" مع الوزير السعودى تركى آل الشيخ، إلى جانب مسلسل هروب اللاعبين وفى مقدمتهم عبدالله السعيد، وأخيراً رمضان صبحى، أحد الأعمدة الرئيسية فى صفوف الفريق، والرقم المهم فى معادلة تحقيق الأهلى الانتصارات.

ويعد محمد مصيلحى، رئيس نادى الاتحاد، هو الوحيد الذى حارب ظاهرة الرموز "المائعة"، فعند اختيار رئيس قطاع الناشئين، اصطف رموز "القلعة الخضراء" يتساءلون ويتهامسون حول من منهم سيكون رئيساً للقطاع، ومن سيتولى تدريب الفرق كما جرت العادة فى نادى الاتحاد، وغالبية الأندية المصرية، رغم أن هذه الرموز فشلت فى النهوض بقطاع الناشئين فى "زعيم الثغر"، غير أن "مصيلحي" انحاز لـ"الكفاءات" بصرف النظر عن مصطلح أبناء النادى، وتعاقد مع إمام محمدين، رئيساً لقطاع الناشئين، وهو صاحب تجربة فريدة مع نادى إنبى، وحقق طفرة مع النادى البترولى على مستوى قطاع الناشئين، وخاض معركة شرسة مع "رموز النادى"، وانحازت الجماهير لـ"رئيس النادى" فى هذه المعركة، من منطلق أن مصلحة "الكيان الأخضر" العليا، أهم من الأشخاص.

وفى كوكب "الأندية الأوروبية" لا توجد تلك المصطلحات المائعة "الرموز" و"أبناء النادى"، لأنهم يدركون أنه لا توجد "وظائف ثابتة" فى كرة القدم، وأن العامل الوحيد لحجز مقعد لك هو "الكفاءة" و"الاجتهاد" و"تطوير الذات"، لكن إذا وقفت محلك سر، ولم تسارع فى مجابهة "عجلة الزمن"، سيكون مصيرك فى "سلة مهملات" تفكير مسؤولى الأندية، وربما هذا "السر الأعظم" فى تقدم الكرة الأوروبية.

بينما "محور الشر الثالث" فى منظومة الكرة المصرية، هو "الميليشيات الإلكترونية" التى يصنعها عدد من مسؤولى الأندية، ويدفعون رواتب ضخمة، لتقوم هذه "الميليشيات" بالدفاع عنهم، وتصويرهم على أنهم "أنبياء" يحملون "أفكاراً مقدسة" لتطوير أنديتهم، ولا ينبغى المساس بهم على قارعة"السوشيال ميديا" حتى لا تغضب عليهم السماء، وتنذرهم بـ"عقاب أليم".. وهذه كارثة فى حد ذاتها، فبدلاً من أن يقوم مسؤولو الأندية بمواجهة أخطائهم، يعتمدون على سياسة التبرير عبر "دول التواصل الاجتماعى".