صدى العرب : الطلاق في البحرين والتجربة الماليزية (طباعة)
الطلاق في البحرين والتجربة الماليزية
آخر تحديث: الأحد 30/10/2016 11:16 م
القبطان محمود المحمود القبطان محمود المحمود
 الإحصائيات الأخيرة الصادرة من وزارة العدل والشؤون الإسلامية اشارت إلي وجود 15،111 حالة طلاق حدثت في البحرين خلال العشر سنوات الماضية وذلك من أصل 60 ألفاً و978، أي بنسبة تقارب ٢٥٪ من المتزوجين، وبلغ عدد البحرينيات اللاتي خلعن أزواجهن 251 حالة. 
وكشفت الإحصائيات أن المحاكم الشرعية كانت تصدر عقود طلاق للبحرينيين تتراوح بين 110 - 161 عقداً شهرياً العام الماضي، بمعدل حالة واحدة إلى 5 حالات طلاق باليوم أي أن خمس الذين تزوجوا العام الماضي تطلقوا.  
الأرقام الواردة في الإحصائيات تدق أجراس إنذار كثيرة، وتحتاج إلى بحث رصين يصل إلى أسباب المشكلة ويضع حلولاً لها لتوقف النزيف الحاصل في العائلات، وما يتبع الطلاق من مشكلات تمس قطاع عريض في المجتمع، تبدأ بالأطفال ولا تنتهي حتى عند الأهالي، وتؤثر كثيراً في مستوى الإنتاجية للفرد والمجتمع وعلى إقتصاد الدولة أيضاً. 
 وربما تظهر الإحصائيات واحدا من أسباب وقوع الطلاق حيث كشفت عن وجود 989 حالة زواج لفتيات بحرينيات ضمن الفئة العمرية من 15 إلى 19 سنة مقابل ١٧٧ من الذكور، وتتركز حالات الطلاق بين الفئة العمرية بين 20 إلى 29 سنة للذكور والإناث، وهنا تتضح أهمية الوعي بمسؤولية الزواج ومدى إدراك الشباب لهذه المرحلة الإستراتيجية في أعمارهم، فالكثيرين يركضون خلف الزواج بدافع الرغبة الجنسية دون التفكير في قدرتهم على تكوين أسرة تصمد وتحمل رسالة الجيل القادم. ولدولة ماليزيا تجربة رائدة في هذه القضية، فبعد أن كانت نسبة الطلاق 32% إستطاع رئيس الوزراء الماليزي السابق والعبقري مهاتير محمد أن يخفض تلك النسبة لتصل إلى 7% فقط ولم يأتي ذلك من فراغ بل تم من خلال تطبيق تجربة فريدة من نوعها ولافتة للانتباه، فماذا فعل مهاتير محمد؟. 
 التجربة بدأت بعد عام 1992 حين اكتشف مهاتير محمد أن نسبة الطلاق وصلت إلى 32%، وكان رئيس الوزراء الماليزي على وعي تام بأن هذه النسبة المرتفعة تعوق طموحات بلاده في التطور ولها تأثير سلبي على مستقبل ماليزيا، خاصة وأنه كان مفكراً اقتصادياً وحريصاً على مستقبل بلاده بين النمور الآسيوية، ووجد أن مشكلة الطلاق ستعوق خططه وتؤثر في الاقتصاد لما لها من آثار إجتماعية واقتصادية في المجتمع. وعندها لجأ مهاتير محمد إلى استحداث أسلوبه الفريد لعلاج المشكلة والمسمى برخصة الزواج (على غرار رخصة السياقة) الذي ألزم من خلاله كل شاب يرغب في الزواج من الجنسين بأن يخضع لدورات تدريبية متخصصة يحصلون في نهايتها على رخصة تخولهم الزواج، وفي خلال عشر سنوات، انخفضت نسبة الطلاق في ماليزيا إلى 7%، وتعتبر اليوم من أقل دول العالم في نسبة الطلاق. لا ننكر أن البحرين تمارس تجربة مشابهة لتجربة ماليزيا لكن مع فارق بسيط، وهو أن مهاتير محمد قرر إعفاء المقبلين على الزواج من العمل لمدة شهر، لكي يجتازوا الدورة ويحصلوا على رخصة الزواج، وهو أمر لم نفكر فيه، وربما سيهاجمني بعض المسؤولين وآخرين ممن طافهم القطار، بأني أختلق ذرائع للشباب كي يتهربوا من أعمالهم، لكن بمقارنة بسيطة بين الفائدة النفسية والإقتصادية الكبيرة في الحد من مشكلة الطلاق، وخسائر غياب الموظف عن عمله لمدة شهر، فبالتأكيد سنجد أن مهاتير محمد كان صاحب رؤية بعيدة أسهمت في رفع مستوى ماليزيا اجتماعياً وإقتصادياً.
 اتمنى أن تستطيع البحرين استيعاب الهدف الأسمى من الفكرة المقترحة، والمثبتة عملياً ومعملياً في ماليزيا، وأتمنى أن يغامر المسؤولين بتطبيقها ولو على شريحة من الشباب بفترة تجريبية، وقياس مدى نجاحها لتعمم فيما بعد على الجميع.