صدى العرب : يا زيد.. رد الزمل باهل عبرتي (طباعة)
يا زيد.. رد الزمل باهل عبرتي
آخر تحديث: الأربعاء 12/07/2017 12:03 م
نوال الدوسري نوال الدوسري

عندما تحب المرأة، فهي لا ترى الرجال إلا الرجل الذي تحب ولا ترى صديقًا ولا محبوبًا سواه، المرأة إن أحبت أحبت بصدق ومن أعماق قلبها، فهي مستعدة أن تضحي بكل شيء من أجل مَنْ تحب سواء كانت مراهقة أو شابة أو تجاوزت الاربيعينات أو أكثر، فالمرأة هي المرأة، بل المرأة كل ما تقدمت بالسن تحتاج الى الحب وللرجل أكثر، فهي تحس معه بالأمان والسند والصاحب لها، وهي المرأة التي تغفر للرجل عيوبه وأخطاءه وأعذاره - طبعًا - إلا الخيانة.

المرأة تحب بعينها ثم بقلبها وأخيرًا بعقلها ويعتمد ذلك على طبيعة المرأة والبيئة التي تربت فيها، تحب بكل جوارحها فهي تفتح قلبها وتغلق أبواب عقلها، أنت في معقل عزيزي الرجل من الصعب الخروج من قلب حبيبتك، ولكن حذارِ  حذارِ من الخيانة، أي ان على قدر حب المرأة لك أيها الرجل هناك شيء يسمى انتقام كبير منها لأن الوضع لا يغتفر.

قد تختلف النساء عن بعضهن في أسلوب الحب وإظهار المشاعر، فهناك من لا يتحملن كتم مشاعرهن، يبادرن لإظهارها والبوح عما يكن في جوارحهن من حب  للطرف الآخر، وهناك صنف من النساء يحافظن على كتم مشاعرهن وعدم البوح لأي أحد حتى ولو كان الطرف الآخر متيم بها.

وهناك المرأة الحساسة وهي أكثر النساء إيمانًا بمشاعرها الصادقة، فهي تؤمن بالحب وتبادر البوح بمشاعرها للطرف الآخر، فلا تفكر بعواقب الامور وما سيحدث بعد هذه العلاقة وعادة ما تنجذب للشاب الذي يوصف بالهدوء، فهي تحب ان تكون محبوبته الأولى فسرعان ما تنجذب للطرف الآخر وإظهار مشاعرها.

جميع النساء يؤمنَّ بالحب، ولكن هذا الصنف من النساء كتوميات، فالمرأة منهن لا تثق بمشاعر الرجل وتعتقد انه سيتلاعب بمشاعرها، فاذا شعرت بحبها له، ستحاول أن تلهي نفسها وتبتعد عن أي مكان يجتمع مع هذا الشخص وتشغل نفسها في أمور عدة.

ذكرتني بقصة العجوز البدوية مع أحد رجال البادية، حينما تزوج للمرة الثانية من امرأة كان لديه قبلها زوجة وأولاد، وبعد فترة من زواجه ولم يكن هذا الشك مبنيًا على صواب، إنما على أوهام من وحي خياله، صوّر له إن هذه المرأة لا تميل له، وقد كانت لا تحدثه إلا نادرًا، ولا تبتسم أمامه مطلقاً، على هذا الاحساس اعتقد ان لها رغبة برجل غيره قبل ان ترتبط به، هذا الشك سبب له قلقًا وحيرة، ولم يتبدد إلا بعد ان هام على وجه بالصحراء، فذات يوم التقى بامرأة عجوز بالصحراء، وأخبرها بأمر زوجته وخوفه ألا تكون تحبه طالبًا منها بطريقة يتأكد من مشاعر زوجته، قالت العجوز عليك ان تصطاد أفعى، وتخيط فمها وتضعها فوق صدرك أثناء نومك، وعندما تحاول زوجتك إيقاظك، اصطنع الموت، وفعل مثل ما أمرت به العجوز، وفي الصباح وكالمعتاد جاءت زوجته لتوقظه من النوم فلم ينهض ولم يتحرك، وعندما رفعت الغطاء ورأت الأفعى وظنت أنها لدغته وقد توفي، أخذت تصرخ وتنادي على ابنه زيد ابن زوجته الأولى وأثناء وهي في حالة الذهول التي أصابتها أنشدت الشعر بقصيدة طويلة مطلعها:

يا زيد.. رد الزمل باهل عبرتي

على أبوك عيني ما يبطل هميلها

أعليت كم من سابق قد عثرتها

بعود القنا والخيل عجل جفيلها

بعد أن سمع الزوج هذه القصيدة، وتأكد من مشاعر زوجته وعرف مدى الحب الذي تخفيه حياءً لا أكثر نهض من فراشه فرحًا يبشرها بأنه لم يمت، ولكن الزوجة توارت حياءً لانها كشفت عن مشاعرها ... وكامرأة بدوية عادة تخجل من البوح بمشاعرها بهذا الشكل العلني وحينها عرفت ان الأمر ليس إلا مجرد خدعة لاختبارها، فقد أقسمت بألا تعود اليه إلا بشروط (أن يكلم الحجر الحجر، وأن يكلم العود العود) وهي تقصد استحالة أن تعود اليه مرة أخرى .. وهنا أصبح الرجل في حيرة من أمره نقول (يعني بيكحلها  عماها) ولم يجد أمامه إلا العجوز صاحبة الفكرة الاولى، ربما تجد له مخرجًا من ورطته. وبالفعل كانت العجوز من الذكاء بحيث قالت له: أحضر الرحى، والرحى معروفة في طحن الحبوب  والحنطة وغيرها وهي تطلق صوتًا عن استخدامها وعادة ما تجاوبها النساء بالغناء، وهذا عن الحجر، أما العود فذكرت له الربابة، وأضافت واذا كان لزوجتك الرغبة وتحبك فستعود اليك، وفعلاً عادت له زوجته بهذه الطريقة.

 

المرأة بصفاتها سواء كانت حضرية او بدوية، قروية او مدينة، فالمرأة امرأة بصفاتها، وهي عبارة عن مشاعر متلاحقة من الحب والعاطفة، وهي أكثر تأثرًا بمشاعر الحب لأنها ناعمة ومرهفة الحس بعكس الرجل، ودائمًا ما تحلم المرأة بذلك الفارس الذي يمتلك صفات الاهتمام بها حتى تعتمد عليه وعلى رجولته وتشعر بالانجذاب نحو شخصيته فتزداد ثقة الحب بينهما، هي تراه في عينيها ذاك الشاب الأنيق في ملبسه والجريء في البوح لها بمكنون حبه ومدى تعلقه بها ومثابرته في العمل والإصرار بالتمسك بها، فالمرأة بطبيعتها تحب الرجل المثابر تحبه حتى لو كانت محاولاته فاشلة، فمثابرته وإصراره تجعلها تميل له.. فهل من متعظ أيها الرجل؟!!.