صدى العرب : التقاعد البحريني (طباعة)
التقاعد البحريني
آخر تحديث: الأربعاء 07/06/2017 06:11 م
السفير: خليل الذوادي السفير: خليل الذوادي


كتاب «التقاعد البحريني بين الأصالة والمعاصرة» للأستاذ محمد عبدالغفار محمد العلوي مدير عام الهيئة العامة لصندوق التقاعد الأسبق، هو سجل دُوّن فيه جزء من التنظيم الإداري والمالي عبر قرن، وهو كتاب توثيق وتسجيل للأنظمة السابقة والمعاصرة في مملكة البحرين.
وفي مقدمة هذا الكتاب يروي لنا «بو يوسف» قصته في هذا الكتاب قائلاً: «لم أكن أدرك في حقيقة الأمر أن المشوار الذي قضيته في إعداد هذا الكتاب سيثير في نفسي ووجداني كل هذا الشعور الذي يختلج في قلبي ويختمر في عقلي، من صدى ذكريات أعتبرها عزيزة عليَّ، حيث إن حقبة اجتهدت في الحصول على ما يعين على سبر أغوارها من وثائق وأنظمة لكي أخرج بهذا الكتاب إلى حيز الوجود، والأمل يراودني في أن يحقق الفائدة المرجوة منه».
والكتاب الذي أهداني إياه نيابة عنه شقيقه أحمد عبدالغفار العلوي في أجزائه السبعة سجل توثيقي على غاية من الأهمية، ويعكس بما لا يدع مجالاً للشك التنظيم الإداري والمالي الذي شهدته البحرين من بواكير القرن الماضي، وتراكمت الخبرة إلى أن وصلنا إلى ما نحن عليه الآن، وما يمكن أن يطرأ على ذلك من تطور بحكم صيرورة الحياة وتغير المجتمع والحاجة دائما إلى التجديد..
واسمحوا لي قبل أن نقيم بشيء من التواضع لهذا الكتاب أن نستعرض عناوين الأبواب علها تفتح أمامنا أبوابًا مغلقة لم يخطر في بالنا يومًا أن يكون بهذا العمق إلا لمن كان معنيًا بدراسة هذه الأنظمة والقوانين، التي هي بطبيعة الحال، يهتم بها المعنيون المتبحرون في أنظمة التقاعد والأنظمة الإدارية والمالية، غير أننا -كوننا مواطنين- متأثرون بشكل مباشر وغير مباشر بأنظمة التقاعد في القطاع العام والقطاع الخاص، وإن كانت هناك دعوات لتوحيد هذه الأنظمة مع تعقد تركيبة الدولة، والحاجة دائما إلى التطوير الذي هو سنة الحياة. فالكتاب الذي نشرته الهيئة العامة لصندوق التقاعد في العام 1422هـ/2001م يتناول تدوين جزء من التنظيم الإداري والمالي عبر قرن، ويشمل ذلك التنظيم الإداري والوظيفي، والتنظيم المالي.
ويلقي الضوء على نظام النقد الاحتياطي، إذ يشمل بزوغ فكرة تأسيس صندوق النقد الاحتياطي وتقنين نظام النقد الاحتياطي، وتفسير الأحكام التي اشتمل عليها نظام النقد الاحتياطي عام 1929م ونظام النقد الاحتياطي عام 1960م، إلى أن يشمل التطوير لهذا النظام في العام 1964م، ويتضمن ذلك النظام المحاسبي لنظام النقد الاحتياطي، والمشتركون في هذا النظام والذين أوقف اشتراكهم في 1/‏‏10/‏‏1975م.
والكتاب أيضًا لا يغفل نظام قروض البناء عام 1960م وأحكامه وايضاحات بشأن هذا النظام. كما تلقي فصول الكتاب الضوء على مشروع نظام فائدة اعتزال الخدمة المدنية وما صدرت بهذا الشأن من تشريعات في 1956م-1966م.
كما ينقلنا الكتاب إلى ما كان معمولاً به في نظام معاشات التقاعد للموظفين البحرينيين في شركة نفط البحرين المحدودة بابكو لعام 1966م.
إلى أن نصل في الفصل السابع والحديث عن نظام التقاعد البحريني المعاصر، ويشمل ذلك فئات الخاضعين لقانون التقاعد المدني والعسكري للبحرينيين، وتمويل نظامي التقاعد المدني والعسكري للبحرينيين، والمزايا التأمينية في نظامي التقاعد المدني والعسكري للبحرينيين، واستبدال المعاش والإقراض مع إيراد أمثلة توضيحية.
إلى أن نصل إلى الخاتمة التي هي في غاية الأهمية، التي يمكن قراءتها في السطور التالية؛ لما لها من انعكاسات على واقع التطور الاجتماعي والحضاري والإنساني في مملكة البحرين، إذ إن هذه الخاتمة شكلت فيما شكلت كشافًا للشخصيات الرسمية البحرينية والعربية والأجنبية والمؤسسات والشركات، وفهرس الأوامر والوثائق والخطابات الرسمية الهامة في سجلات حكومة البحرين، بالإضافة إلى كشاف المصطلحات للكلمات والعبارات المهمة.
والكتاب يتصدره تقديم جميل من عبدالله بن حسن سيف وزير المالية والاقتصاد الوطني السابق، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لصندوق التقاعد سابقًا، مستشار سمو رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، قائلاً: «في بادرة طيبة قام الأخ محمد بن عبدالغفار العلوي مدير عام الهيئة العامة لصندوق التقاعد بتوثيق وتسجيل مسيرة وأنظمة التقاعد بدولة البحرين عبر قرن من الزمان ليكشف بذلك عن العمق التاريخي والحضاري لهذه المسيرة الإنسانية، التي بدأتها دولة البحرين في مطلع القرن العشرين تحقيقًا لمبدأ كفالة الدولة لمواطنيها، فكانت بذلك سباقة بين الأمم إلى تقنين مبادىء حقوق الإنسان بوجه عام وحقوق المواطن البحريني بوجه خاص».
وقد أشار الوزير في سياق استعراض هذا الكتاب في التقديم إلى أن التوثيق الذي يتضمن البحث لأنظمة المعاشات التقاعدية خلال النصف الأخير من القرن الماضي نال الاهتمام الخاص الذي أولاه المغفور له بإذن الله تعالى صاحب العظمة الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين وتوابعها، وابنه الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه أمير البلاد الراحل، وتواصل هذا العطاء إلى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، بمشاركة حكومته الرشيدة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر حفظه الله ورعاه، وبمساندة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد النائب الأول لرئيس الوزراء حفظه الله ورعاه، ويختم الوزير عبدالله حسن سيف المقدمة بقوله: «فقد صدرت في العهدين الزاهرين تشريعات في هذا الخصوص توجت بنظام التقاعد المعاصر الذي تضمنه القانون رقم (13) لسنة 1975م بشأن تنظيم معاشات ومكافآت التقاعد لموظفي الحكومة، وكذلك بنظام معاشات ومكافآت التقاعد لضباط وأفراد قوة دفاع البحرين والأمن العام الصادر بالمرسوم بقانون رقم (11) لسنة 1976م».
إنه جهد كبير اتسم به هذا الكتاب إحاطة ومعلومات موثقة، وجهود بذلت فيه من قبل أفراد وجماعات وهيئات لتسجل بالوثائق والأدلة مرحلة مهمة في نظام التقاعد، وجهود بذلتها الدولة من أجل ضمان حق المواطن العامل والموظف، وأسرته من بعده.
إنه تاريخ للتنظيم الإداري منذ العشرينات من القرن الماضي يتجسد فيه الوطن بحكامه ورجالاته، ويشار إلى أن توظيف وتعيين الموظفين البحرينيين بالحكومة في الوظائف القيادية الرئيسة، كما يذكر الكتاب، يكون بأمر من نائب حكومة البحرين حمد بن عيسى بن علي آل خليفة، في عهد والده المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين 1869م - 1932م.
والكتاب -بالإضافة إلى الوثائق والمخطوطات والرسائل والأوامر- هو سجل لتاريخ رجال من رجالات البحرين الذين خدموا بإخلاص وتفانٍ في مختلف قطاعات الدولة آنذاك، ومهما اختزلنا في استعراض هذا الكتاب فلا يمكن أن نوفيه حقه من فهم أسراره ومراميه وأهدافه، فهذا الجهد المقدر يستحق من الجميع أن يُتناول من زوايا مختلفة، وأن تعقد من أجله الندوات والمناقشات للاستفادة من تلك المعطيات، التي جعلت من كل هذا العطاء الوطني شاهدا على ما وصلنا إليه اليوم من أنظمة وقواعد تخص «التقاعد البحريني»، وأحسب أن كل أسرة من الأسر البحرينية هي معنية بهذا الكتاب، ومن خلال الوجوه التي ألفناها والتي سمعنا عنها ودرسناها يتضح لنا مقدار الجهد والإخلاص والتفاني لهؤلاء الرجال الذين من واجبنا جميعًا دراسة حياتهم ومكانتهم في مجتمعهم، وإسهامهم فرادى وجماعات في خلق بيئة وظيفية لها أركانها ومكانتها في الدولة؛ اقتصادًا وتجارة وثقافة واجتماعًا، وكيف كان أبناء البحرين متعاونبن مع من أتى إلى بلادهم من جنسيات مختلفة ومن بلدان شتى، فاستفادوا من خبرتهم وأفادوهم من أجل العطاء الوطني.
والبحرين في تاريخها القديم والحديث والمعاصر، تحرص دائما على أن تستفيد من الخبرات والتجارب من أجل مصلحة الوطن العليا، وتفتح ذراعيها لكل من يريد أن يسهم في التطوير والبناء.
إن ما أقدمت عليه الهيئة العامة لصندوق التقاعد، بتكليف الأستاذ محمد عبدالغفار محمد العلوي بإصدار هذا الكتاب، يدعونا لمطالبة هيئات حكومية ووزارات مختلفة لإصدار مثل هذا الكتاب الذي يعكس بالوثائق والمخطوطات والأدلة الجهود التي بذلت على مدى تاريخ هذا الوطن، فبالتأكيد سنرى مثل هذا السجل الناصع لإنجازات وطنية تستحق أن نقف عندها طويلاً متأملين ودارسين ومطلعين؛ لأن المستقبل أمامنا يدعونا لأن نستفيد من تجارب الماضين؛ تشريعات وقوانين، وعطاء رجال أخلصوا من أجل البناء والتعمير، فمن حق أجيالنا أن يقرأوا تاريخ بلادهم وانجازاتها، والرجال الذين هم خلف هذا الإنجاز من أجدادهم وآبائهم في مختلف مناحي الوطن.

 وعلى الخير والمحبة نلتقي