صدى العرب : أسبوع ثقافة القرية (طباعة)
أسبوع ثقافة القرية
آخر تحديث: الإثنين 17/02/2020 01:35 م
أشرف أبو طالب أشرف أبو طالب
أتذكر عندما كنا صغاراً منذ أكثر من ثلاثين عاما كان هناك نشاط ملموس لوزارة الثقافة في نشر الفكر التنويري من خلال أنشطة عدة ، كانت تلك الأنشطة تتمثل في مختلف المجالات التثقيفية كالفنون الشعبية و المسرح و الموسيقى العربية و الأدب و الشعر و الفنون التشكيلية وغيرها من الفنون التي تنمي الفكر التوعوي لدى المواطن و تجعل منه مبدعا في تلقي ثقافات التنوير بصدر رحب .

كانت وزارة الثقافة متمثلة في بيوت و قصور الثقافة في مختلف القرى و النجوع و المحافظات و الأقاليم شعلة نشاط تعمل على مدار أيام الأسبوع - صباحا و مساءً - تقدم وجبات ثقافية و تنويرية دسمة للجماهير في مختلف مناحي الثقافات الوجدانية من طرب و غناء و شعر و موسيقي و رقص شرقي من خلال فرق الفنون الشعبية و المسرحية و أندية الأدب ، و كانت تلقب آنذاك بالثقافة الجماهيرية و كانت وزارة الثقافة الأكثر تأثيرا على عقول الجماهير خاصة فى الأقاليم و القرى و النجوع ، أتذكر أنني إبن هذا الجو الثقافي - الصحي - و مازلت ، فكنت دائما أحرص على حضور كل - أو معظم -   أنشطة وزارة الثقافة التى كانت تتم في القرى و النجوع في صعيد مصر و كان لي شرف المشاركة في العديد منها بصفتي شاعر و عضو نادي أدب سوهاج بل و الأجمل من ذلك كانت الثقافة الجماهيرية تقوم بعمل نشاط مهم جدا و هو أسبوع ثقافة القرية و يتم من خلاله تقديم الأنشطة الثقافية و الغنائية و الفنون الشعبية و الشعر و الأدب لمدة أسبوع في إحدى قرى الأقاليم تحت مسمى أسبوع ثقافة القرية و كل أسبوع فى قرية أخرى على مدار العام و هذا ما يؤكد على مدى التواصل الثقافي الجاد بين المواهب الثقافية و الفنية و الجماهير.

 الحركة الثقافية آنذاك كانت متوهجة ، كانت شعلة نشاط مضيئة ، كان للمثقفين و الأدباء و المفكرين صوت لا يعلو صوت أمامه ، و كان لوزارة الثقافة شأن عظيم فى حواري و نجوع و قرى مصر، وكانت الدولة تحارب الفكر المتطرف بفكر المثقفين و الشعراء ، كانت تقام الأمسيات الدينية و الشعرية و تلتف حولها قلوب البسطاء من أبناء القرى و النجوع فى أقاليم و صعيد مصر ، و كانت الدولة وقتها تدرك مدى قوة و تأثير الكلمة سواء كانت هذه الكلمة قصيدة شعر أو نص مسرحي أو أغنية يشدو بها ، أيا كان فالكلمة تؤثر لأن الجمهور وقتها كان يمتلك الحس المرهف و يدرك قيمة و معنى الكلمة ، فلقد ولدنا و نحن نعلم قيمة و قامة تلك الحروف التى تخرج من الألسنة.

كل ما قلته عن أنشطة وزارة الثقافة مازال موجودا حتى الآن و لكن الزمن أصبح غير الزمن فلم يعد جيلي و ما سبقنا من أجيال - للأسف -   قدوة لهذا الجيل الذى أصبح له معتقدات غير ما كنا نعتقد و له زمن غير زمننا و ذوق غير أذواقنا فأجيالنا عاصرت لغتنا الجميلة للرائع المرحوم فاروق شوشة و تغنت بقصائد فاروق جويدة و أمل دنقل و الأبنودي و غيرهم و قرأت لطه حسين و العقاد و هيكل و غيرهم و استمعت لأم كلثوم و عبد الوهاب و فريد و حليم و غيرهم ، أما هذا الجيل فلمن قرأ في زمن الفيس و اليوتيوب ، و لمن سمع سوى لحمو بيكا و شاكوش و المدعو محمد رمضان ،، للأسف أصبحنا في زمن محمد رمضان ، و من هنا فإنني أوجه رسالتي للدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة ، أين دور الثقافة الجماهيرية ،، أين الأمسيات الدينية و المحاضرات الدينية و الندوات الشعرية و الثقافية ،، أين فرق الفنون الشعبية و المسرح و الموسيقى العربية ،، أين أسابيع ثقافة القرية ،،، أين الدور الحقيقي لوزارة الثقافة ؟!!!! 

 وإن كانت هذه التساؤلات اجابتها بوجود دوركم و انشطتكم فأين التأثير لهذه الأنشطة والفاعليات، أين الثقافة مما نحن فيه الآن يا - سيادة -  الوزيرة ، إنني أحمل وزارة الثقافة - أولا - مسؤولية انتشار وباء مطربي المهرجانات أمثال بيكا و شطة و شاكوش و رمضان و غيرهم ، تلك الآفات التي تخللت عقول الشباب فأصبحت خطرا يهدد مجتمعاتنا الشرقية الأصيلة ، أصبحت خطرا لا يقل عن أهمية عن الإدمان و تعاطي المخدرات ، فإذا كان تعاطي المخدرات إدمانا جسديا فإن هذه النوعية من الأغاني إدمانا يدمر الفكر و العقل ، أتمنى أن تلتفت وزارة الثقافة لهذه الظاهرة و أن تعود الثقافة الجماهيرية لسابق عهدها شعلة تضيء كي تنير ظلام العقول و أن تعود ليالي مصر المحروسة الثقافية لسابق عهدها.