صدى العرب : "صدى العرب" ينشر قصص شهداء الواجب في سيناء (طباعة)
"صدى العرب" ينشر قصص شهداء الواجب في سيناء
آخر تحديث: الأربعاء 22/03/2017 06:56 م ياسر هاشم

الشهيد العقيد رامي حسانين
بطل من ذهب، بعد عودته من حفظ السلام بالكونغو عيُن قائداً لكتيبة بشمال سيناء، وتم إبلاغ أهله قبل أسبوع من استشهاده: "أنا بدافع عن مصر وواخدين بالنا من دم الأبرياء". 

فى 29 أكتوبر من العام 2016 ، انتشر خبر  على مواقع التواصل الاجتماعى كالعادة ، يفيد باستشهاد بطل جديد من أبطال القوات المسلحة، إلا أن الصور التى صاحبت الخبر، والمعلومات التى بدأت تنتشر في المواقع والصحف، تؤكد أنه شهيد فوق العادة، وأن العقيد رامي حسنين قد حفر اسمه من نور بين قائمة الشهداء ممن ضحوا فى سبيل الوطن. 

كان الشهيد رامي حسنين أحد أبرز الضباط الذين يقومون بعمليات مكافحة الإرهاب فى شمال سيناء ضد العناصر الإرهابية والمتطرفة وتم استهدافه يوم 29 أكتوبر الماضي، بعد مرور المدرعة بين حاجزي السدة والوحشي، جنوب الشيخ زويد، الواقعة بين مدينتي العريش ورفح على الحدود مع قطاع غزة.

تسجل السيرة العسكرية للشهيد العقيد رامي حسنين، أنه ولد  بمركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة، متزوج ولديه طفلتين هما نورسين 5 سنوات، ودارين 5 شهور، وله ثلاثة أشقاء أختين وأخ، وتخرج من الكلية الحربية فى أول يوليو 1996، وانضم لسلاح المشاة، تخصص الصاعقة دفعة 90، وحصل على ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان، وتدرج في المناصب العسكرية حتى شغل منصب قائد لكتيبة  صاعقة، بعد عودته من العمل فى قوات حفظ السلام بالكونغو.

وعمل الشهيد رامى حسنين، خلال فترة خدمته فى الصاعقة، وتدرج من قائد سرية وكتيبة وسافر فى عدة بعثات خارجية شملت عدة دول منها إنجلترا وأوكرانيا وتونس، وحصل خلالها على كافة فرق الصاعقة الأساسية والمتقدمة، وبدأ  العمل فى سيناء أواخر عام  2015 . 

ومن جانبها لم تتأخر محافظة البحيرة  في تكريم الشهيد وأسرته، وأكدت محافظ البحيرة، أنه سوف يتم إطلاق اسم الشهيد على مدرسة وشارع بمسقط رأسه بمركز إيتاى البارود تخليداً لذكراه، وقامت بإطلاق اسمه على أكبر مدرجات كلية التربية بدمنهور.

ويقول والده الحاج محمد حسنين، أن الشهيد قبل سفره الأخير قضى يوم الأربعاء مع ابنته نورسين وذهب إلى مقر قيادة وحدات الصاعقة بأنشاص، وسلم على كل زملائه وقياداته، ويوم الخميس جاء إلى إيتاى البارود وأنهى جميع المتعلقات المالية، وجلس مع زوجته الدكتورة رشا فريد، وبناته نورسين، ودارين وكأنه يودعهما.

وأضاف الحاج محمد حسنين،  أن الشهيد البطل كان يؤكد دوماً أنهم يحافظون على دماء الأبرياء فى شمال سيناء، ويعملون على تحري الدقة مع العناصر الإرهابية والمتطرفة، وكان دائماً يصلى ويحفظ القرآن، ويعمل على توجيه النصيحة الحسنة إلى كل من خالفه الرأى.


الشهيد مصطفى حجاجي
دائماً تختلف قصص الشهداء من شهيد لآخر بحسب ما قدموه من تضحيات، وكل تضحية يسجلها التاريخ بحسب ما يسجله الراوي، ويبقى دائماً الاسم خالداً فى صفحات السجلات العسكرية، وشهداء الحرب على الإرهاب في سيناء دائماً ما تجد أسمائهم لا تكفيها السطور فقط من شدة تضحياتهم ولا اللافتات فى الميادين ولكن تبقى رسالة العطاء التي تظهر أثناء التضحيات من أجل بقاء الآخرين، فالشهداء أوجه مختلفة لعملة واحدة وهي بقاء الوطن.
 ومن بين هؤلاء الأبطال قاد بكل ما تحمل الكلمة من معنى وهو الشهيد الرائد البطل "مصطفى حجاجي حلمي محمد"، والذي استشهد فى 18 يوليو 2015 فى ثاني أيام عيد الفطر أثناء استهداف كمين أبو رفاعي فى سيناء، والغريب فى هذا اليوم أنه نفس اليوم الذي تخرج الشهيد فيه من الكلية الحربية عام 2009، وكان الأول على دفعته 103، صاحب التاريخ الكبير من التضحيات أثناء الحرب على الإرهاب فى سيناء.

 وقال المهندس وائل حجاجي شقيق الشهيد، أنه كان دائم الحرص على تجميع أبناء دفعته من أجل المشاركة في أعمال الخير، وكان من المفترض أن يعود إلى بلدته قرية الشغب بالأقصر فى أجازة العيد من أجل البحث عن شريكة حياته، ولكن ذلك لم يتحقق، ونال ما كان دائماً يريد أن يناله وهى الشهادة، حيث أكدت شقيقة الشهيد أنه هو الذي طلب نقله إلى سيناء خاصةً بعد استشهاد المقدم أحمد الدرديري، ابن مدينة إسنا المجاورة لقريتهم، والذي استشهد في الهجمات الإرهابية التي استهدفت كمائن عدة بشمال سيناء فى 1 يوليو 2015، وطلب من قيادته أن يحل مكان الشهيد الدرديري بالكمين، قائلةً: "طلب من قيادته وجوده مكان الدرديري للأخذ بثأره لأنه من نفس بلده على الرغم من شقيقي الذي كان مرشحاً لمنصب أفضل وأعلى داخل القوات المسلحة إلا أنه تسلم موقع عمله بالكمين حتى لحق بابن بلده في الشهادة ونالها".
وأضاف المهندس وائل حجاجي أن شقيقه الشهيد رفض إبلاغ أسرته بالذهاب إلى سيناء خاصة، وأنه كان قائد لسرية مشاة ميكانيكا، ولكنه أبلغ اثنين من قريته وطلب منهم عدم إبلاغ أسرته حتى لا يزداد قلقهم عليه، مشيراً إلى أنه عاد آخر مرة إلى مكان سريته وجمع متعلقاته بالكامل ووضعها فى سيارته الخاصة وأغلقها وأعطى مفاحتها لأحد زملائها وطلب منه أن يسلم المفتاح إلى أسرته لأنه ذاهب إلى سيناء وقال له نصاً: "أنا الشهيد اللي عليا الدور"، وبالفعل أحضر زملائه السيارة الخاصة به وكانت بها جميع متعلقاته كما وضعها بنفسه.

وقص شقيقه الآخر أيام استشهاده قائلاً: "أن الشهيد كان من المفترض أن يحصل على راحة أسبوع إبان استشهاده ولكنه رفض النزول بسبب وجود زميل له كان يرغب فى رؤية ابنته وقام باستبدال الراحة معه، حتى أنه أثناء حضوره الجنازة قال لنا الشهيد كان يحب عمله ويحب الجميع وكان يقوم بعمل كل شىء بنفسه لدرجة أنه كان يشارك فى إصلاح المعدات".
 وأشار إلى أن أحد المجندين كان معه لحظة الشهادة، وقال: "أن هناك قذيفة سقطت فجأة على الكمين والوحيد الذي نطق الشهادة أكثر من مرة هو الشهيد مطصفى حجاجي وكان ذلك في ثاني أيام العيد، وكان دائماً يحرص على الصوم وخاصة يومي الاثنين والخميس طوال العام وأنه عند إبلاغه باستشهاد شقيقه فى سيناء لم يصدق وأخطرهم أن شقيقه ليس متواجداً بسيناء ولكن كان الخبر صحيحاً ولم يبلغنا به".
وتابع: "أن الشهيد له 5 أشقاء منهم 3 مهندسين وطبيبة، إلى جانب أصغر أشقائه الذي التحق بالكلية الحربية بناءًا على رغبة والدته التى أصرت على ذلك، وقالت: "أنه هيجيب حق أخوه الشهيد"، مؤكداً أن هناك مبنى داخل الكلية الحربية باسم شقيقه بالإضافة وضع اسمه على مدرسة داخل القرية.

الشهيد حجاجي كان قريباً من الجميع ومحبوباً لجميع أفراد أسرته، وآخر لقائاته بهم قام بدعوتهم على الإفطار في رمضان وأعد الإفطار بنفسه لجميع عائلته، كما أنه فى وسط الميدان كان قائدًا بما تحمل الكلمة من معنى وملتزماً بالعسكرية المصرية، وقريباً من أفراد سريته. وشيعت جنازته فى مشهد يصعب وصفه، ولكن سيرته بقيت مضيئة في سطور التاريخ.


الشهيد حازم أبو المعاطي
 في معركة الكرامة، قصص وبطولات للشهيد "حازم أبو المعاطي" في ملحمة الـ 20 دقيقة.. تصدى للعناصر الإرهابية بكل شجاعة في كمين "النقب".. ومصر أخذت ثأر شهدائها.
مات الشهم وسط الأبطال، دافع عن أرضه من الإرهاب، قال لعساكره: "اضرب يا واد، دي أرضك وده عرضك أوعاك تهرب أو تخاف".

يومٌ بعد يوم يقدم رجال الشرطة والقوات المسلحة، أرواحهم فداءًا لمصر ولشعبها، يستشهد العديد منهم من أجل حماية الأرض والعرض، يواجهون مخاطر وتحديات كثيرة، في ظل تنامي ظاهرة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية، وانتشار الفكر المتطرف في العديد من الدول.
 
البطل الشهيد رائد/ حازم أسامة أبو المعاطي، قائد كمين النقب بالوادي الجديد، استشهد هو و8 آخرين من أبطال قوات الشرطة البواسل، وذلك بعد قيام مجموعة إرهابية بمهاجمة كمين النقب في الوادي الجديد، وعلى بعد 80 كيلو من مدينة الخارجة، في 16 – 1 – 2017.
 
وكان من المقرر أن ينزل الشهيد أجازته يوم 17 يناير، أي بعد يوم واحد فقط من استشهاده، لكن الله عز وجل أراد أن يلتقيه، بدلاً من أن يلتقي الشهيد أسرته وأهله وأقاربه وأصدقائه.
 
الشهيد من مواليد منطقة «الورديان» بالإسكندرية، من مواليد عام 1987، وقد تخرج من الشرطة  دفعة عام 2008. تزوج عقب تخرجه، ولديه طفلان هما «مهند 5 سنوات – وفرح 3 سنوات»، وقد عمل الشهيد بقسمي شرطة الدخيلة، ومينا البصل، قبل أن ينقل للعمل بمديرية أمن الوادي الجديد منذ عامين.
 
وكان من المقرر أن تنتهي خدمته في الوادي الجديد نهاية العام الحالي ليعود مرة أخري لاستلام عمله بالإسكندرية، وكانت آخر زيارة للشهيد لأسرته وأهله قبل استشهاده بـ10 أيام واطمأن على أولاده في مكالمة هاتفية مع زوجته قبل ساعة من الحادث.
 
اشتهر الشهيد بأخلاقه واحترامه، وفور علم الأهل والأصدقاء والأقارب والجيران بخبر استشهاده، اتشحت منطقته بسواد الحزن الشديد على فراق الابن الغالي، مشهد مأساوي لعائلة الشهيد وزوجته التي تركها حباً في الرفيق الأعلى ثم حب تراب الوطن.

قصة استشهاد البطل
قال العميد حسام أبو المعاطي، والد الشهيد حازم، أن الشهيد استشهد في الساعة السابعة والنصف مساءًا، حيث قام الشهيد بالاشتباك مع العناصر الإرهابية لمدة 20 دقيقة، ورفض أن يترك موقع الكمين هو وعساكره، وظل يتعامل مع العناصر الإرهابية لآخر قطرة نفس، حتى استشهد ومعه 8 آخرين من أبطال الكمين البواسل.
 
وأضاف والد الشهيد البطل أن الشهيد قام بالدفاع عن الكمين بكل بسالة وشجاعة، ونجح في قتل اثنين من العناصر الإرهابية ممن قاموا بالهجوم على الكمين، كما قام العساكر بالتعامل الشجاع مع تلك العناصر الإرهابية، التي لا تعرف ديناً أو إنسانية، لكن الله أراد أن يستشهدوا في سبيل الدفاع عن مصر وشعبها.
 
المكالمة الأخيرة
تحدث العميد حسام أبو المعاطي، والد الشهيد حازم، عن الساعات الأخيرة قبل استشهاد البطل، حيث أوضح أن «حازم»، قام بالاتصال بوالدته في نفس يوم استشهاده، بالإضافة إلى أنه قام بالاتصال بزوجته قبل استشهاده بفترة ليست بكبيرة، ليطمئن عليها وعلى أولاده.
   
جُثمان البطل في مثواه الأخير
قال العميد حسام أبو المعاطي: "عندما أتى جثمان الشهيد من الوادي الجديد إلى الإسكندرية، وقفتُ مرفوع الرأس لأن ابني شهيد وسينتقل إلى الرفيق الأعلى، إلى منازل الشهداء".
 
وأوضح والد الشهيد أنه تمت تأدية صلاة الجنازة على «حازم» بحضور قيادت أمنية وعسكرية وتنفيذية والعشرات من محبي الشهيد، وارتفعت حينها أصوات الهتافات ؛ "لا اله إلا الله الشهيد حبيب الله، القصاص القصاص، الله أكبر، في الجنة ياشهيد".
 
هواية الصيد عند الشهيد
تحدث والد الشهيد عن الهوايات المفضلة للشهيد حازم، حيث أوضح أنه كان يُحب أن يصطاد، وكان يمتلك بندقية "رش"، يقوم بعمليات صيد متنوعة بها، وكان يقوم بـ «التنشين» على الأهداف بدقة عالية، وكان مميزاً في «الرمي»، ونتيجة ذلك قام الشهيد باصطياد عنصرين إرهابيين أثناء الهجوم على الكمين الذي كان يتولاه. 
 
مصر تثأر لشُهدائها
وعقب مقتل الشهيد والأبطال الثمانية الآخرين في كمين النقب، تشكلت مجموعة عمل مشتركة من قبل القوات المسلحة والشرطة، لرصد والتعامل مع العناصر الإرهابية التي قامت بتلك العملية الغادرة، وبعد توفر المعلومات وعمليات الرصد المتنوعة، استطاعت قوات الأمن بتحديد منطقة تجمع تلك العناصر الإرهابية التي قامت بتلك العملية الغادرة.
حيث تجمعت عدد من العناصر ممن قاموا بتلك العملية في محافظة أسيوط، وعلى الفور، تم التعامل معهم، وقامت القوات بالثأر لشهداء كمين النقب، لينعم الشهداء بالراحة بعد أن أخذ زملائهم حقهم من تلك العناصر الإجرامية والإرهابية، التي لا تعرف ديناً أو وطنا.


الشهيد العقيد أحمد الدرديري
الشهادة في سبيل الوطن شرف لا يضاهيه شرف، ينالها من كتبها الله عز وجل عليه ليكون في مرتبة عالية ومنزلة كبيرة منحها الله سبحانه وتعالى له، فأبطال القوات المسلحة الذين يقدمون التضحيات فداءًا للوطن لم يبخلوا قط بأرواحهم ودمائهم في سبيل حماية الوطن، وسجل الشهداء خير شاهد على ذلك فكم من بطولات خلدها التاريخ لأبطال القوات المسلحة الذين استشهدوا دفاعاً عن الأرض .

إن الحرب التي يخوضها الجيش المصري الآن في سيناء مع الجماعات الإرهابية لا تقل ضراوة عن الحروب التي واجهتها مصر على مر تاريخها بل تزيد عليها ؛ لأن جيشنا الوطني يحارب عدواً مستتراً وليس جيشاً نظامياً كما كانت الحروب التقليدية، فالعدو الآن يعتمد على زرع العبوات الناسفة واستخدام السيارات المفخخة التي تستهدف أبنائنا من الضباط والجنود من خلال حرب غير شريفة. 
ومع إصرار وعزيمة الجيش المصري وبسبب عقيدته التي لا تلين، أخذت القوات المسلحة على عاتقها عهداً أن تقطع دابر الإرهاب وتستأصل شأفته مهما كلفها من تضحيات في سبيل حماية الوطن .

وفي ذكرى يوم الشهيد وتخليداً لبطولاته التقينا زوجة الشهيد العقيد أركان حرب/ أحمد عبد الحميد الدرديري، أحد أبطال القوات المسلحة الذي قدم نموذجاً رائعاً في التضحية والإيثار والذي استشهد في الهجوم الإرهابي المسلح على أحد كمائن سيناء حيث ضحى بنفسه من أجل أن يعيش زملائه وجنوده. 
دماثة خلقه وتدينه وبره لوالديه وسلوكه الطيب وسط زملائه وجنوده صفات رائعة تحلى بها الشهيد الراحل، إلى جانب حبه الشديد لوطنه وبلاده، فكانت البطولات العسكرية لأبطال وقادة حرب أكتوبر العظماء قد شكلت في وجدان الشهيد "الدرديري" شغفاً قوياً وحباً للحياة العسكرية وهذا ما دفعه للالتحاق بالكلية الحربية حيث كان يعتبر قادة الحرب قدوته ومثله الأعلى في التضحية والفداء.  
في البداية قالت السيدة "ياسمين مصطفى" زوجة الشهيد البطل أحمد الدرديري: "أن الشهيد التحق بالكلية الحربية عام ٩٧ وتخرج عام ٩٩ دفعة ٩٣ حربية سلاح المشاه، والتحق بعد التخرج بالجيش الثاني الميداني بمدينة القنطرة في الإسماعلية، ثم سافر إلى السودان ليشارك قوات حفظ السلام هناك عام ٢٠٠٥ وذلك عقب زواجه ب ٣ شهور، واستمر لمدة عام ، ثم عاد بعد ولادة نجله الوحيد عمر ب ٣ شهور، ثم أكمل خدمته في الجيش الثاني الميداني ثم الجيش الثالث الميداني". 
وأضافت: "أن البطل الشهيد شارك في التدريبات المشتركة التي نظمتها القوات المسلحة مع المملكة العربية السعودية ضمن قوات المشاه، حيث ربطته علاقات وطيدة مع عدد كبير من زملائه الضباط من الجيش السعودي وذلك لدماثة خلقه وطيبته".  
وتابعت: "أنه بعد إنهاء فترة التدريبات المشتركة عاد ليخدم في الكلية الحربية لمدة ٤ سنوات وعقب خدمته بالكلية الحربية التحق بكلية القادة والأركان حيث حصل على الدورة  (٦٣ أركان حرب)، ليعود مرة أخرى إلى صفوف قوات إنفاذ القانون بسيناء وخلال هذه الفترة كان قد قدم عدة طلبات أفصح فيها عن رغبته الشديدة في المشاركة في العلميات العسكرية في سيناء أو رفح أو الشيخ زويد أو العريش، وكل ذلك كان سراً دون علمنا على الإطلاق".

وبحسب ما روته زوجته عن طريق زملاء الشهيد المقربين له أنه تمت الموافقة على طلبه بالفعل، لينقل إلى الشيخ زويد وذلك في شهر ٤ عام ٢٠١٥، حيث أوكل إليه مهمة الإشراف على تأمين سلسلة كمائن بالشيخ زويد، وهي كمائن سدرة أبو الحجاج، والتي أُطلق عليها كمائن الزلازل والتي كان الهدف من إقامتها قطع الطريق عن الجماعات الإرهابية وذلك بسبب تكرار الهجوم الإرهابي المسلح على بعض النقاط الأمنية.
  
وأضافت: "أن هذا العمل كان يتطلب من الشهيد المبيت يومياً في كل كمين بالتوالي، لافتةً أنه كان يمارس مهام عمله وسط زملائه من الجنود والضباط في جو أسري ويشاركهم الإفطار في رمضان .

وتابعت: "أنه في الأول من يوليو ٢٠١٥، حدث هجوم إرهابي على ٦ كمائن بالتزامن، حوالي الساعة السادسة صباحاً، حيث اقتحمت الكمين سيارة مفخخة وقامت قوات الكمين بتدميرها قبل وصولها إلى الكمين، ثم تلى ذلك محاولة اقتحام أخرى للكمين بسيارات دفع رباعي تحوي كل سيارة على ما يقرب من ٢٠ أو ٢٥ عنصراً إرهابياً وكانوا مسلحين بـمجموعة (آر بي جي) وأسلحة قنص وأسلحة متعددة، فقام الشهيد أحمد بتفجير سيارتين قبل وصولهما إلى الكمين، حيث استشهد أحد زملائه الضباط خلال عملية محاولة اقتحام الكمين، ثم أعقب هذا الهجوم هجوم آخر عن طريق مسلحين على دراجات نارية يحملون الرشاشات، وعلى الفور تعاملت معهم كل قوات الكمين حيث صفوا منهم عدداً كبيراً وهنا أصيب أحمد في قدمه اليمنى وواصل القتال حتى أصيبت قدمه الأخرى، وخلال هذه المعركة الضارية أوشكت ذخيرة الكمين أن تنفذ فأعطى الشهيد الدرديري أوامره لجنوده أن يحتموا داخل مدرعاتهم ويذهبوا لكمين آخر لإمدادهم بالذخيرة، ولكن رفض الجنود أن يتركوه بمفرده، إلا أنه أصر وطلب منهم أن يحتموا بالمدرعة من النيران الكثيفة الموجهة إليهم من قبل الجماعات الإرهابية، وظل أحمد مع اثنين من جنوده يقومون بحماية ظهر بقية الجنود لحين عودتهم بالدعم والذخيرة، وفي لحظة اخترقت رصاصة  موجهة من أحد قناصة الجماعات الإرهابية رقبة أحمد، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة وأودت بحياته في الرابع عشر من رمضان حوالي الساعة العاشرة صباحا". 
واستطردت زوجته: "أنه كان يشعر في آخر أجازة له معنا أنه لن يعود مرة أخرى ولم يخبرنا على الإطلاق أنه يشارك في العمليات العسكرية في الشيخ زويد، وكل ما نعلمه أنه في مدينة القنطرة حيث الهدوء والعمل المستقر بعيداً عن العمليات العسكرية، مشيرةً إلى أن آخر ما قاله لها: "خلي بالك من عمر وخليه يختم القرآن علشان بمقاش قلقان عليه"، وقال لابنه: "خلي بالك من ماما وأنا مش موجود"، مضيفةً أنه بعد سفره ب ٤ أيام وقع  الهجوم على الكمين ونال الشهادة .  
وبحسب رواية زملائه أنه كان يردد أن عساكره وجنوده أغلى من ابنه لأنهم أمانة في رقبته . 


الشهيد المقدم شريف محمد عمر
أم الشهيد: "دعيت له ربنا يجعلك في أعلى العليين، وقال لي مش هاسيب سينا إلا ملفوف بعلم مصر" 
رفض أن يطلق النار على سيدتين كانتا تراقبان المداهمة ففجرتا عبوة ناسفة فور دخوله المنزل

دفتر الشهادة يفتح صفحاته ليضم بين جنباته أحد خيرة الشباب، ليس لأن الشهيد "شريف" ابن السكندري الخلوق محمد عمر، المدير الفني لنادي الاتحاد السكندري اﻷسبق ومدير منتخب مصر العسكري لكرة القدم، وابن شقيقة المحلاوي الأصيل شوقي غريب، ولكن لأنه ابن مصر، المقدم المقاتل الشهيد شريف محمد عمر.

رفض اﻷب التحدث عن ابنه وحاول أن يظهر متماسكاً وذكر فقط آخر ما قاله وهو يودع ابنه وقرة عينه شريف في الجنازة العسكرية التي شارك فيها اﻵلاف ودعا باكياً: "إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا شريف لمحزونون".

قصة استشهاد البطل تثبت أن أرض سيناء الطاهرة مروية بدماء اﻷبطال من كل المحافظات، ودليل حي ينفي مايردده الموتورون أن أبناء الكبار والمشاهير، لا يذهبون إلى أرض المعركة، لوا يذهب إلى سيناء إلا أولاد الفلاحين، أما أولاد علية القوم فلا يذهبون.!

واقعة استشهاده:
عندما تم تحديد المهمة قال له قائده المباشر: "المكان ده ما يبقاش بعيد عليك يا شريف" 
الشهيد: "ما فيش حاجة بعيدة يا أفندم" 
بهذه الكلمات أتم الشهيد البطل المقاتل شريف محمد عمر، آخر كلام يقوله منذ عام بالتمام قبل أن يغادر دنيانا، وهو يستأذن في تفتيش مكان شديد الخطورة، وكأنه كان يقول: "دا الجنة هناك  يا أفندم لو سمحت ما تأخرنيش". كان طلب الشهيد بإلحاح لم اعتده عليه من قبل حيث كان شديد الهدوء والطاعة، كانت قدم الشهيد أول قدم تطأ هذا المكان منذ بدء العمليات في سيناء، بكل شجاعة دخل المكان وكشف أسراره وما كان مُخبأ به ولكنه لم يخرج كما دخل، دخل وقدمه تطأ الأرض فخرجت تطأ السماء، دخل وهو بيننا فخرج وهو بين الأنبياء والصديقين والشهداء، فما أن دخل المنزل إلا وانفجرت عبوة ناسفة، ثم  حاول الإرهابيون إيذاء البطل بعد أن فاضت روحه، حيث لم يكن أحد يجرؤ أن يقترب منه أو من رجاله وهو حي، ثبت الرجال المقاتلون الذين كانوا من حوله حتى لا يُمس جسده الطاهر بأذى، ولم تمنع كثافة النيران حول جسده الطاهر أن يستمر البطل المقاتل "محمد الجارحي" في الدفاع عنه ولا حتى اختراق الطلقات لجسده، لم تمنع الطلقات التي كانت تلاحق البطل المقاتل "عمر عابد" في حصد أرواح التكفيرين الذين ظهروا من خلف المنزل واحد تلو الآخر. إنهم جيش مصر، خير أجناد الأرض.

فى طريق المداهمة برفح رأى المقدم الشهيد سيدتين من بعد وكاد أحد الجنود أن يصوب سلاحه تجاههما، فلا شك أنهم ينقلون أخبارهم من هذه المنطقة، لكن البطل الشهيد رفض وقال: "من امتى جيش مصر بيقتل نساء، هاتان السيدتان اللتان أعفى عنهما كانا سبب استشهاده، وفقاً لاعترافات المقبوض عليهم بعد ذلك، وهما من أبلغتا بدخوله المنزل الذي انفجر فور عبور الشهيد لبابه.

بطولة المقدم شريف، ابن العائلة الشهيرة، والده محمد عمر، وخاله شوقي غريب، من نجوم الدائرة المستديرة ، أما اﻷم السيدة إيمان غريب، والتي تحدثت بكلمات من القلب قائلةً:  "شريف ابني بطل وشرفنا كلنا، وهو ليس استثناءًا، بل تأكيدٌ على أن جيش مصر لا يفرق بين أبنائه فى الخدمة الوطنية، وتربية أسوده على الفداء، وهم فى رباط إلى يوم الدين، لا فارق بينهم، صف واحد، القادة يتقدمون الصف، كتفاً بكتف مع ضباط الصف والجنود، يتسابقون نحو الشهادة، ويا لها من شهادة تخضبت بدماء برائحة الجنة، مسك يعطر الوجود".

وأكملت أم الشهيد: "مر عام و في يوم ١٦ مارس من العام الماضي، وفى الدقيقة 9:20 صباحاً، اخترقت شظية الغدر من تفجير العبوة الناسفة بالمنزل الذي داهموه، لتستقر في قلبي قبل قلبك ياشريف يا بني وكانت النهاية الجميلة طبعاً، عشان شريف راجل وبطل، قولولي معناها إيه لما ضابط قائد يترك الدنيا كلها وراء ظهره ويدخل بيت ملغم على مسؤوليته الشخصية ليحمي بلده ويستشهد من انفجار عبوة ناسفة؟ افتدى البلد بعمره، وبعذاب فراق أهله ليه، ابني قائد، و يا بطل يا ابن مصر هنيئاً لك الجنة والشهادة مكافأة ليك ولينا من ربنا سبحانه وتعالى، في الفردوس الأعلى يا حبيبي بإذن الله إلى أن نلقاك قريباً بإذن الله".

وتابعت قائلةً: "لسه فاكرة زي دلوقتي يوم ١٥ مارس كان آخر كلام بيني وبينك يا شريف، كان آخر مره اسمع صوتك وقلت لي إنك هاتبقي الصبح شهيد، صح ياحبيبي، ربنا استجاب لطلبك وبقيت شهيد وبقيت أنا أم الشهيد البطل المقدم "شريف محمد عمر"، حرقت قلبي عليك يابني، معقول سنة من غير ما اسمع صوتك. يا رب الصبر من عندك على فراق ابني، يارب تقرب أيامي ليه وابقى جنبه، وفي نفس اليوم فضلت اردد لنفسي: أنا دلوقتي في انتظار أجمل خبر، خبر استشهادك يابطل.

أم الشهيد لم تتوقف يوماً عن مخاطبة الابن الذي نجح قبل استشهاده فى رفح من تعطيل ١٩ عبوة ناسفة، وتتحدث مخاطبة الابن البطل: "زي دلوقتي ياحبيبي جالي خبر هو حلو ومش حلو، جالي خبر زفّتك للجنة يا شريف، في نعيم الله يابني وكده خلاص هانبتدي عمرك الحقيقي سنة أولى شهادة يا بطل ياسيادة المقدم الشهيد "شريف محمد عمر"، في أمان الله يا ابن عمري".

وعن آخر دعوة قالتها اﻷم للبطل الشهيد، قبل سفره: "كلمني ودعيت له يا رب أشوفك فى أعلى العليين وفى السماء العليا، ما كنتش أعرف إن ربنا هايتقبل مني وتبقى عريس الجنة".

البطل متزوج وله ابنتان فى عمر ٤ و٥ سنوات، من الضباط المتميزين ؛ حيث قضى ست سنوات من خدمته مدرساً فى كلية الضباط الاحتياط، قبل أن ينتقل إلى رفح لمدة عام، وكلما سألته أمه "ها تتنقل امتى؟" يرد "أنا مش هانزل من سينا إلا وأنا ملفوف بعلم مصر".

تحكي أم البطل أصعب لحظة تمر بها وهي ترى كيف تقف ابنته فريدة وحيدة في الشقة أو في الشرفة، تحادث صورة والدها الشهيد، وتروي كيف قامت مدرسة  بتمثيل عمل فني عن بطولة اﻷب و محاكاة عملية لقصة استشهاد البطل شريف، الذي أطلق اسمه على مدرسة الرمل الإعدادية بنات، مع توزيع مطويات فيها نبذة عن حياته وعرض تقديمي له واستعراض "سلم على الشهدا اللي معاك"، ليتعرف الجيل الجديد وينشأ على تقدير تضحية اﻷبطال الذين ضحوا بحياتهم ليعيش الوطن.