صدى العرب : الصداقه ... والعدل (طباعة)
الصداقه ... والعدل
آخر تحديث: الأربعاء 08/03/2017 11:06 م
نوال الدوسري نوال الدوسري

  

الخل الوفي من ثالث المستحيلات  من بعد الغول والعنقاء , وقد تناقلتها قصص وحكايات واساطير العرب , البعض يدرك انها من صنع الخيال  والاخر يقول لا وجود له في الحقيقه , لذا قالوا عنه انها من المستحيلات الثلاث , واعتادوا العرب حينما يريدون تأكيد  حدوث الشيء واستحالة وقوعه فيقولون أنه من رابع المستحيلات  والتي جمعها احد الشعراء القدامى في قوله :

رأيت بني الزمان ومابهم خل وفي  للشدائد اصطفي , ايقنت أن المستحيل ثلاثه الغول , العنقاء , والخل الوفي .

كانت الامهات قديما يرون هذة الحكايات لاطفالهن قبل النوم عن قصه (الغول ) بأنه شخص شرير يأكل الحيونات ويمص دماء البشر فهو يأكل وينام في الظلمه الحالكه , وكانت العرب تعرف بالغيلان حين تتغول في الصحراء فتضل الناس عن طريقهم , ومنهم من يعتقد تاكل المسافرين , فكانت الامهات والجدات يرهبن اطفالهم المشاغبين والمشاكسين , حين يصفونه انه من مردة الجن , ضخم كثيف الشعر وعيناه مشقوقه بالطول سريع الجري يتشكل بعدة اشكال . أما العنقاء هو طائر خرافي كبير الحجم والكثير من القصص والاساطير تربط بين اصحاب الرس هم اصحاب النبي حنظله بن صفوان ابتلاهم الله بطير عظيم كان فيها من كل لون , وسميت بالعنقاء لطول عنقها , وايضا زعمت الروايات اخرى إنه طائر خرافي تواجد في الهند والحجاز يخطف الاطفال  وقد قذف عليها احد الانبياء فاختفت .

حتى لااطيل عليكم من تضارب القصص والاقاويل ومانراه اليوم نحن ماينافي العقل والمنطق فخلاصه القول اسطوره لاوجود لها .

أما الخل الوفي والصديق الصدوق , شغل كثير من المفكرين والفلاسفه منهم , ( ابن حيان ) وقد انشغل فكرة بالصداقه فألف كتابا ( رساله الصداقه والصديق ) وهذ الكتاب جاء رافضا لوجود معنى الصداقه , ولوجود صديق , وينبغي ان نثق تماما بانه لاصديق ولامن يشبه بالصديق , اما المتنبي  فقد قال : صحبه الاخيار تورث الخير وصحبه الاشرار تورث الندامه , وقد اوصانا الرسول عليه الصلاه والسلام باختيار الصديق لانه مرآه شخصيته , الانسان قال أشرف الخلق ( المرء على دين خليله فلينظر الانسان من يخالل)

ولكن حينما نتوقف برهه الاترون في زمننا هذا الكثير من الغيلان , والوحوش التي تمتص دماء الشعوب في بيعهم وغشهم وخداعهم وتطاولهم على اراضي الغير واموال العامه , وانتشار الجشع والفساد في كل مكان , وكذلك هناك من يشبه العنقاء فتطاولت اعناقهم فتراه , يرتكب الجرائم والمجازر بحق الانسانيه او باسم الدين وبدون وازع ضمير اوبمسميات غريبه ودخليه علينا وعلى الاسلام  .

اما عن الخل الوفي وهو الصديق الذي نبحث عنه طوال حياتنا , متمثلافي صورتنا وطباعنا , أملا في الحصول على المحبه والاخلاص .

ارسطو ساهم لنا في مفهوم الصداقه والعدل والعلاقه مع الغير والصداقه لدى مفهومه في كتابه ( الاخلاق الى نيقو ماخوس )هي حد بين حلقتين فالصديق هو الشخص الذي يعرف كيف يكون مقبولا من الاخرين كما ينبغي , فهل الصداقه تختلف حينما نكون شبابا او وصلنا مرحله الشيخوخه  او في حالتي الغنى والفقر , وهناك ايضا تساؤل اذا حصلت دعمت الصداقه فلا نحتاج الى عدل وسن القوانين , اي العدل يكون اذا توفرت الصداقه , اذن الصداقه اهم من العدل لذلك يشتغل عليها المشروعون ويسعون الى نشرها .

وهنا طرح اطروحه بان تعد الصداقه المبنيه على الفضائل والاخلاق قيمه ساميه وشريفه لانها عين الانسان في كل احواله وتأسس الحب والخير المتبادل , ولكنها تبقى نادرة في الوجود . الا لما تحتاج الناس الى اقامه العدل والقانون .

السؤال هنا على اي اساس تقوم العلاقه بين الناس ؟ هل هي اساس الصداقه والمحبه , ام على اساس الصراع والكراهيه , نظريته تقول بإن اهميه الصداقه مبنيه على الفضيله ويبرز اهميتها فيصرح ( متى احب الناس بعضهم لم تعد الحاجه هناك حاجه للعدل ولكن الواقع يشهد ان الناس يؤطرهم القانون والعدل لغياب هذه الصداقه الافيما ندر .

وتطرق الى كثير من انواع الصدقات صداقه اللذه وصداقه المنفعه وهنا دعوته ركزت على دعوة الاخلاقيه وانسانسه صريحه الى احلال قيم الصداقه الحقه والمحبه الانسانيه على قيم الظلم والكراهيه .

لابد لنا من الصدقات فالانسان بطبيعته اجتماعي , ويحتاج ان يكون له جليس وصاحب يفضفض له ويستشيره في كثير من الامور , واهم من ذلك يحتاج الى الوفاء , حيث لايقاس الوفاء بما تراه امام عينك بل مايحدث وراء ظهرك وهنا هو مربط الفرس .

هناك صداقات لها اشكال وانواع مثل صديق الفزعه , يكون بعيدا عنك ولكن يفزع لك وقت الحاجه حين تتطلب المساعدة , وهناك الصديق الوصولي . المتسلق والصديق السلبي مماتزيد الخلافات بسبب الفروق بين الاصدقاء وتصادم المنافع والمصالح بل تزيد التفرقه بل تتعداها الكرة والشقاق بين الافراد .

ولكن ماعليك قبل كل الشيء الان تخالط وتجالس من حولك وتتعرف على طباعهم واخلاقياتهم دون صداقه , ثم تمهل وتتدرج بالاختيار وقرب من هم يشاركونك من الاهتمامات من هوايه قراءة الكتب او ارياضه وضع دوائر وحدود حولك يجب عليه الا يخترقها الصديق بل بالعكس احترام خصوصياتك .

اعتقد لحد الان لم نجد الخل الوفي حيث صفاء النفس وخلوص القلب من الشوائب واحترام الاخرين , هل حقا استحاله في ايجاد الصديق الوفي المخلص وخاصه في هذا الزمان اعتقد بان المستحيلات كلها سقطت من الاستحاله ماعدا الخل الوفي .