صدى العرب : السيدة زينب بنت سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنهما .. (طباعة)
السيدة زينب بنت سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ..
آخر تحديث: الجمعة 21/10/2016 12:05 ص إسلام يحيى سليم


السيدة زينب الكبرى بنت السيدة فاطمة الزهراء البتول ، بضعة سيدنا الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم .

أبوها:  سيف اللّه الغالب سيدنا عليّ بن أبي طالب .

وجدتها:  خديجة بنت خويلد .

وأخواها الشقيقان:  الإمام أبي محمد الحسن ، والإمام أبي عبد اللّه الحسين رضي اللّه عنهم جميعا .

وقد ولدت بعد مولد الحسين بسنتين  "وكلاهما ولد في شهر شعبان" ، أمّا هي ففي السنة الخامسة ، أو السادسة للهجرة ، وكانت رابع مولود لسيدنا على كرم الله وجهه ، فعاصرت إشراق النبوة عدة سنوات ، وسماها الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم  "زينب"  إحياء لذكرى ابنته  "زينب"  التي استشهدت في  "بدر"  بعد أن طعنها مشرك في بطنها وهي حامل، " ومعنى زينب:  الفتاة القوية المكتنزة الودود العاقلة ".


اشتهرت زينب بجمال الخلقة والخلق ، اشتهارها بالإقدام والبلاغة ، وبالكرم وحسن المشورة ، والعلاقة باللّه ، وكثيرا ما كان يرجع إليها أبوها وأخوتها، في الرأي ويأخذون بمشورتها لبعد نظرها وقوة إدراكها .

تزوجت بابن عمها عبد اللّه بن جعفر "الطيّار"  بن أبي طالب ، و كان عبد اللّه هذا فارسا شهما نبيلا كريما اشتهر بأنه  "قطب السخاء ".

وهو أول طفل ولد أثناء الهجرة الأولى بأرض الحبشة ، و هو يكبر  "زينب"  بخمس سنوات ، أي أنه عاصر إشراق النبوة عشر سنوات ، ومنه أنجبت ذكورا وإناثا، ملئوا الدنيا نورا   وفضلا ، وهم:  جعفر ، وعليّ ، وعون الأكبر ، ثم أم كلثوم ، أم عبد اللّه ، وإليهم ينسب الأشراف الزيانبة ، وبعض الأشراف الجعافرة  .

ولما شغلت السيدة زينب رضي اللّه عنها بأمر الدعوة ، مع أخويها الإمامين:  الحسن والحسين رضي اللّه عنهما ، وكان لها درس دوري حافل تثقف فيه النساء وتعلمهن أمور الدين والدنيا .. ولما رأت أنّها لا تستطيع أن تجمع بين واجب الجهاد وواجب الزوجية ، أذنت لزوجها عبد اللّه بن جعفر أن يتزوج ، فتزوج الخوصاء الوائلية " ، ورزق منها ب  "محمد وعبيد اللّه" ، اللذين استشهدا مع الإمام الحسين في كربلاء ، ثم تزوج عبد اللّه ب " جمانة المزارية بنت المسيب أمير التوابين الذين خرجوا بعد مقتل الحسين رضي اللّه عنه على ابن زياد ، من أجل أهل البيت " ورزق منها  " بــ "عون الأصغر" ، الذي استشهد يوم الحرة ، مع  "أبي بكر" أخيه من "الخوصاء"  زوجة أبيه .

ولمّا خرج الإمام الحسين رضي اللّه عنه في جهاد الغاصب الفاسد  "يزيد بن معاوية"  شاركته " زينب"  في رحلته وقاسمته الجهاد ، فكانت تثير حمية الأبطال ، وتشجع الضعفاء ، وتخدم المقاتلين .. وقد كانت أبلغ وأخطب وأشعر سيدة من أهل البيت خاصة والنساء عامة في عصرها .

لما قتل الحسين وساقوها أسيرة مع السبايا ، وقفت على ساحة المعركة تقول : » يا محمداه ، يا محمداه هذا الحسين في العراء .. مزمّل بالدماء ، مقطع الأعضاء ، يا محمداه .. هذه بناتك سبايا ، وذريتك قتلى تسفي عليها الرياح « فلم تبق عين إلا بكت ولا قلب إلا وجف .

كما كان لها مواقفها الجريئة الخالدة مع ابن زياد ، و مع يزيد ، و بها حمى اللّه فاطمة الصغرى بنت الحسين من السّبي والتسري ، وحمى اللّه عليّا الأصغر زين العابدين من القتل ، فانتشرت به ذرية الإمام الحسين ، واستمرت الثورة على الفساد ، ولا تزال ، ولقبت زينب بلقب "بطلة كربلاء:  زينب"  .

ولما أعادوها رضي اللّه عنها إلى المدينة المنورة ، بعد أن استبقوا رأس الحسين بدمشق ليطوفوا به الآفاق إرهابا للنّاس ، أحسوا بخطرها الكبير على عرشهم ، فاضطروها إلى الخروج ، فأبت أن تخرج من المدينة إلا محمولة ، و لكن جمهرة أهل البيت أقنعتها بالخروج ، فاختارت مصر لما علمت من حب أهلها وواليها لأهل البيت .

فدخلتها في أوائل شعبان سنة 61 من الهجرة ، ومعها فاطمة وسكينة وعليّ أبناء الحسين ، واستقبلها أهل مصر في "بلبيس"  بكاه معزين ، واحتملها والي مصر  "مسلمة بن مخلد الأنصاري"  إلى داره بالحمراء القصوى عند بساتين الزهري "حيّ السيدة الآن" .

وكانت هذه المنطقة تسمى  "قنطرة السباع"  نسبة إلى القنطرة التي كانت على  "الخليج المصري" وقتئذ لأنها كانت مزينة من جوانبها بسباع منحوتة من الحجر، و لما ردم الجزء الذي عليه القنطرة من الخليج زالت القنطرة فاتسع الشارع ، وظهر مسجد السيدة بجلاله وتوالت التجديدات عليه ، قد أنشئ هذا المسجد في العهد الأموي ، وزاره كبار المؤرخين وأصحاب الرحلات .. فأقامت بهذه الدار أقل من عام عابدة زاهدة تفقه النّاس ، وتفيض عليهم من أنوار النبوة وشرائف المعارف والبركات والإمداد ، حيث توفيت في مساء الأحد 15 من رجب سنة 62هـ  ودفنت بمخدعها وحجرتها من دار  "مسلمة"  التي أصبحت قبتها في مسجدها المعروف الآن .

وقد توفيت وهي على عصمة زوجها  "عبد اللّه " ، وأمّا قصة طلاقها منه فكذب من وضع النواصب "خصوم أهل البيت " ، أو هي على أحسن الأحوال وهم واختلاط وتشويش على أهل البيت .

  

وقد كان أهل البيت جميعا يرجعون إلى رأي  "أم هاشم"  زينب الكبرى ، ولهذا سميت  " صاحبة الشورى " ولما جاءت مصر كان الوالي ورجاله يعقدون جلساتهم بدارها وتحت رياستها ، فسميت  "رئيسة الديوان " ، وكان إليها يرجع آل البيت في أمورهم فسميت  "عقيلة بني   هاشم " ، وعرف أولادها ب  "بني العقيلة " ، وكانت دارها مأوى لكل ضعيف ومريض ومحتاج فسميت  "أم العواجز"  ، وكان لها مع اللّه جانب عظيم ، فظلت في الحياة وبعد الممات مهوى الأفئدة ، ومناط الاستشفاع والبركة ، ولهذا جعلت الجماهير أسماءها ألقابها وكناها إشارات ورموزا إلى بعض المعاني الروحية والغيبية .

 

ومما ينسب إلى السيدة زينب بنت عليّ رضي اللّه عنها من الشعر ، قولها للعراقيين ، وهي محمولة وآل بيتها على الأقتاب إلى دمشق للقاء يزيد بعد مذبحة كربلاء واستشهاد الحسين  ،  "وإهانة من بقي من أهله وأحبابه " : -

ماذا تقولون إن قال النبيّ لكم

ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم

بعترتي وبأهلي بعد فرقتكم

منهم أسارى ، و منهم خضبوا بدم

ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم

أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي


و مما ينسب إليها بعد أن وصلت إلى مصر قولها :


إذا ضاقت بك الأحوال يوما

فثق بالواحد الأحد العلي

ولا تجزع إذا ما ناب خطب

فكم للّه من لطف خفي