صدى العرب : ضربة جزاء كاشفة: ما بين أحمد سامي وعلي خليل (طباعة)
ضربة جزاء كاشفة: ما بين أحمد سامي وعلي خليل
آخر تحديث: الإثنين 06/03/2017 01:15 م
بهجت العبيدى البيبة بهجت العبيدى البيبة

أية كارثة تلك التي وقعت على رؤوسنا، نحن أبناء الشعب المصري؟ أية مصيبة حلت على مجتمعنا؟ أي مستوى وصلنا إليه في معالجة قضية لم تتعد كونها واقعة في "لعبة"؟

جهاد جريشة وقف في زاوية خاطئة فلم تر عيناه أحمد سامي لاعب مصر المقاصة طائرا مبعدا  كرة عرضية للاعب الزمالك بيده في منطقة الجزاء، كانت تستجوب أن ينفخ في صافرته معلنا عنها، ليريح أعصابنا من هذا الهراء الحادث في الوسط الرياضي، وتلك التهم المرسلة على عواهنها تطول العديد والعديد من المشتغلين في الحقل الرياضي.

عميت عين جريشة عن لمسة اليد تلك، ذلك العمى الناتج عن تمركز خاطئ له في وقت اللعبة، ما يؤكد عدم كفاءته للتصدي للتحكيم في مباريات بحجم مباراة الزمالك ومصر المقاصة، فما بالنا بمباراة أكثر شأنا منها، ما يثير تساؤلات حول مستوى التحكيم المصري، باعتبار جريشة أحد أهم عناصره.

إن حسن نيتي يفرض عليّ أن أصدق أن جهاد جريشة لم يتعامي عن احتساب ضربة جزاء متعمداً، ولكنه عُمِيَ عليه فلم يحتسبها، ولكن هناك جانبا آخر لهذه القضية، مهما تمثلت حسن النية لديّ، فإنها لا تستطيع بحال من الأحوال أن تتجرعه، يتمثل في الخلق القويم، فضلا عن الأخلاق الرياضية، تلك التي يضرب بها المثل، حيث أن من أهداف الرياضة العظمى هو الارتقاء بالخلق ليصل للرفيع، وهو ما كان يقتضي من اللاعب أحمد سامى مدافع المقاصة الذي طار في لعبة أكروباتية ليبعد الكرة بيده قبل أن تصل لأحد لاعبي الزمالك، الخلق الرياضي الرفيع كان يقتضي من هذا اللاعب اعترافا بأنه أبعد الكرة بيده، هنا كنا قد انتهينا من هذا الجدل القائم، ولكن اللاعب لم يفعل، لأنه ببساطة لم يعلم شيئا عن أهداف الرياضة ولكنه اتخذها مهنة يتربح منها، ولم يتعرف على تاريخ عظماء اللعبة خلقا في مصر، حيث لو كان لديه القليل من الثقافة الرياضية لعلم كيف أنه لهذه اللحظة تلقب جماهير الكرة المصرية علي خليل نجم  نادي الزمالك السابق بالأمين لأنه اعترف بعدم صحة هدف سجله لفريقه فى مرمى الإسماعيلى موسم ٧٨- ٧٩.

 إن هذه القضية كشفت عيوبنا ظاهرة جلية، لتنبئ عن أزمة أخلاقية في ملاعبنا، هي على الأرجح، امتداد لأزمة أخلاقية خارج الملعب، ذلك الذي يفترض أن يكون أكثر الأماكن تَحَلُياً بالخلق الرفيع.

لم ينته الجدل القائم حول ضربة الجزاء هذه لتستقبل وسائل الإعلام المصرية بل العربية تصريحات نارية لرئيس نادي الزمالك المستشار مرتضى منصور الذي أدخل في الساحة الرياضية عن عمد أسلوبا جديدا من الهجوم مستخدما ألفاظا  لم نكن نسمع بمثلها في الوسط الرياضي ولا في الإعلام على وجه العموم إلا على استحياء، وإذا بالمستشار مرتضى منصور بما له من أداء كارزمي يجعلها لغة عادية في الوسط الرياضي وعلى وسائل الإعلام، فلم يعد أحد يستنكرها، بل ربما انتظرتها مجموعة من محبي الرجل، بل وهؤلاء الرافضين له، الذين دائما في انتظار ما يصدر عن المستشار مرتضى منصور، ومن ناحية أخرى فإن المتابع يلحظ بكل بساطة تلك المحاولات المستميتة لإرضاء الرجل وعدم اتخاذه خصماً، خوفا من الرجل ورعبا، وكأني بالجميع في مصر وعلى رأسه "بطحة"!!!، فلا يجرؤ على التصدي للرجل، أو أن للرجل الحق كل الحق فيما يقول مستخدما تلك اللغة الهجومية الشرسة.

إن ضربة الجزاء غير المحتسبة في مباراة الزمالك والمقاصة كشفت بما لا يدع مجالا للشك خللا في المنظومة الرياضية المصرية، ومن قبله خللا في المجال الرياضي نفسه، ومن قبل كل ذلك خللا في المجتمع المصري، فلقد انفجرت وسائل التواصل الاجتماعي بين فريقين مثلا معظم أبناء الشعب المصري، في مباراة خسر فيها الفريقان نتيجة لما عكسه ذلك التراشق بأدنى الألفاظ وأنباها، ما يؤكد حاجتنا إلى إعادة التفكير الجدي في منظومة التربية في بلادنا، تلك التي تنضبط بها الأخلاق والسلوك والألفاظ المستخدمة في كل موقف من المواقف.