صدى العرب : السكندرى والوحدة والوطنية (طباعة)
السكندرى والوحدة والوطنية
آخر تحديث: الأحد 12/01/2020 06:07 م
سوزان جعفر سوزان جعفر

لا مؤامرة ولا طائفية

إحنا بيوتنا بيوت مصرية

رافعين راية الحرية

فى الإسلام أو فى المسيحية

بنعبد رب واحد وشعبنا واحد

مش راح نبقى فى يوم اتنين

ومش راح يقدر إنسان جاحد

يقسم مصر فى يوم شعبين

كلمات الشاعر: وليد الوصيف

الوحدة الوطنية هى عملية لتحقيق الوحدة بين الناس من الديانات المختلفة لخلق هوية واحدة للهند باسم «وحدة الشعب». إنها طريقة واحدة وحيدة لإزالة عدم المساواة والقضايا الاجتماعية الأخرى مثل الاختلافات والتمييز العنصرى وغيرها فى المجتمع بالإضافة إلى تعزيز التضامن والوحدة. ومصر بلد متعدد الطبقات ومتعدد اللغات حيث يعيش أشخاص من مختلف الطبقات ويتحدثون لغات مختلفة. يتبعون عاداتهم وتقاليدهم الخاصة وفقًا للدين الذى ينتمون إليه.

يشير الاندماج الوطنى أو الوحدة الوطنية إلى الشعور بالوحدة بين مواطنى البلد. إنه اعتراف بكونك واحدًا على الرغم من اختلاف الطائفة والعقيدة واللون والدين.

التكامل الوطنى ضرورى للغاية للحفاظ على السلام والازدهار فى أى بلد.

إن البلد الذى يعيش فيه الناس فى وئام مع بعضهم البعض يتمتع بفرص أفضل للنمو والتنمية مقارنة بالبلد الذى يفتقر فيه الناس للوحدة.

يجب على الحكومة اتخاذ مبادرات لاستدعاء وتعزيز الشعور بالوحدة بين المواطنين.

إن أهمية التكامل الوطنى فى أى دولة واضحة بلا منازع لأنها تساعد على استقرار الديمقراطية وزيادة النمو الاقتصادى وتنمية الأمة ومنح الناس جميع الحقوق والواجبات الحيوية.

لو أمعن الحمقى النظر فى احتفالاتنا المسيحية بالأعياد لعرفوا أن الوطن أبقى ألف مرة مما خضعوا له من غسل أدمغة وطمس أذهان على مدار نصف قرن. ولو أمعن هؤلاء فيما يحدث حولهم فى منطقة قابعة على صفيح سياسى ونفطى وغازى واستعمارى ساخن، لعرفوا أن بنى وطنهم وعاداتهم وتقاليدهم وتاريخهم وجغرافيتهم أبقى مائة مرة من آخرين يكيلون لهم العداء والكراهية، ولو تمكنوا من رقابهم لأطبقوا عليها. إنها الطقوس نفسها.

الكعك هو نفسه، واللحوم والفتة والموائد العامرة بأشهى الأكلات المصرية الأصيلة متطابقة. والتضرع إلى الله واحد، وشكره لا يختلف عليه اثنان. وما عدا ذلك من اختلاف، فهو لا يهدد إلا ضعاف النفوس وأولئك المتزعزع إيمانهم من الأصل.

فمن يشعر بأن من يختلف عنه فى محتوى عبادته يهدد دينه ويمثل خطرًا على عقيدته لمجرد أنه مختلف، فهو حتمًا يعانى ضعف الثقة فى إيمانه.

ومن يشعر أن دينه لن يستوى، وإيمانه لن يكتمل إلا بالقضاء على المظاهر الإيمانية المختلفة عنه، وطمس معالم الاختلاف من أمام عينيه فهو أحمق وأرعن ويعانى عقد نقص حقيقية. ومن نقل هذا العوار وأذعن لهذه الخزعبلات دون أن يفكر مرتين فى جدوى ما يفعل أو فى قدرة الخالق عز وجل وإرادته لخلق الناس مختلفين شكلًا وموضوعًا، فعليه أن يراجع إيمانه بحثًا عن درجة أعمق من الإيمان، أو طبيبه النفسى أملًا فى علاج شاف مما يعانى.

مصر عانت الكثير على مدار نصف قرن مضى من التجهيل باسم الدين، والفتنة تحت راية نصرة المتدينين، والعنف والانغلاق والظلام على أنها أدوات المتدين لحماية دينه.

وما جرى هو العكس تمامًا! فقد تحول الكثيرون مظهريًا، وتدهورت النفوس والسلوكيات والمعاملات كليًا.

ومن يدعى أن هذا لا علاقة له بذاك، نقول له بل إن بينهما كل العلاقة.

لقد تم تغييب قطاعات عريضة من المسلمين عن دنياهم عبر أسلحة التفسير المتشدد المحتكر لمنصة شرح القرآن الكريم بتوجهات دنيوية محددة سلفًا، تخدم مصالح سياسية وترسخ مفاهيم تبدو دينية لكن باطنها هيمنة وسيطرة من أجل تحريك الناس على خشبة مسرح الماريونت.

وكان لهم ما أرادوا، وتكفى نظرة واحدة على مصر اليوم، ومصر قبل 50 و60 و70 عامًا مضت من حيث الأخلاق والسلوكيات والنظافة وقيمة العمل وتواؤم مكونات الشعب مع بعضها البعض، رغم أن المجتمع المصرى كان أكثر تنوعًا وأثرى اختلافًا.

مصريون ومسيحيون ويهود، ويونانيون وإيطاليون وأتراك وغيرهم. هؤلاء اندمجوا فى نسيج واحد دون أن يفقد كل منهم هويته، ودون أن يتعرض أحدهم لتهديد «الأغلبية». لماذا؟ لأن الأغلبية وقتها كانت أعمق إيمانًا وأكثر ثقة فى نفسها، لذا لم تشعر بالتهديد من الاختلاف.

واليوم، وفى محبة الاختلاف الجميل الذى يزيدنا ثراء وجمالًا، كل عام ونحن بخير وتنوير وأكثر قدرة على إزالة «الجلخ» الرابض على العقول.