صدى العرب : رئيس بحوث متفرغ بقسم بحوث الميكروبيولوجيا الزراعية: استخراج 6 مواد من 45 مليون طن «مخلفات زراعية» يحقق مكاسب اقتصادية بـ4 تريليونات دولار سنويا (طباعة)
رئيس بحوث متفرغ بقسم بحوث الميكروبيولوجيا الزراعية: استخراج 6 مواد من 45 مليون طن «مخلفات زراعية» يحقق مكاسب اقتصادية بـ4 تريليونات دولار سنويا
آخر تحديث: الثلاثاء 07/01/2020 01:34 م وائل بدران
عالم مصرى يتقدم بخبرات فى مجال الاستفادة من المخلفات الزراعية تضيف إلى العلوم شيئًا جديدًا الملقب بـ«العبقرى» داخل أروقة معهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية، يعطينا مثالا على ان صناعة الأمل والبحث والعمل والابتكار ليس مكلفًا لكن بضاعة مطلوبة لوضع الحلول للمشكلات والعقبات التى تواجهنا فى شتى المجالات، فهل قادرون على الاستفادة منها، فقد نجح الخبير الزراعى فى إزالة البقعة السوداء على ثوبها الأبيض المتمثلة فى الكميات الهائلة من المخلفات الزراعية والصناعية، والحقيقة ان هذه المخلفات ثروة قومية لمن يحسن استغلالها بل من مقومات الاستثمار البيئى، حيث ادركت دول العالم السنوات القليلة الماضية مميزات المخلفات الزراعية والصناعية فى الاقتصاد القومى وبدأت تعمل على تحويل المخلفات خاصة الزراعية التى تعتبر عبئا على كاهل المزرعة والمزارع وغير صحية على البيئة إلى مادة ذات قيمة اقتصادية يتم التنافس على كيفية استغلالها، ليخرج علينا العبقرى المصرى ببراءة اختراع قادرة على أن تضيف إلى المخلفات الزراعية شيئا وتحقق مردودا اقتصاديا قادرا على نقل مصر إلى مصاف الدول المتقدمة، الدكتور عبدالمنعم عبدالله محمد نصر، رئيس بحوث متفرغ بقسم بحوث الميكروبيولوجيا الزراعية بمعهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية، الحاصل على بكالوريوس فى العلوم الزراعية «شعبة الكيمياء الحيوية الزراعية، كلية الزراعة جامعة القاهرة عام 1979م، وحاصل على ماجستير فى العلوم الزراعية، شعبة الكيمياء الحيوية الزراعية من كلية الزراعة عام 1988م جامعة القاهرة، بعنوان التحولات الكيماوية الحيوية للمواد السلليلوزية، كما حصل على دكتوراه فى العلوم الزراعية شعبة الكيمياء الحيوية الزراعية، كلية الزراعة جامعة القاهرة 1994م، "بعنوان دراسات كيماوية حيوية للاستفادة من قش الأرز كمخلف زراعى".

الحاصل على العديد من الجوائز منها الجائزة الأولى من اتحاد مؤسسات البحوث الزراعية فى الشرق الأدنى وشمال إفريقيا «ارنينيا»، من المملكة الأردنية الهاشمية عام 2013.

كما حصل على براءة اختراع برقم 29403، من أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا المصرية فى 2019/9/8، وعنوان الابتكار سمى «طريقة لفصل مكونات قش الأرز وغيره من المخلفات الزراعية إلى المكونات الأصلية»، ونوه عبدالمنعم انه يعمل فى مجال البحث العلمى منذ عام 1982، حتى الآن.

نجح العالم المصرى فى التوصل لتقنية تساعد على الاستفادة من قش الأرز والمخلفات الزراعية، من خلال ابتكار وبراءة اختراع التى تضمنت التوصل إلى طريقة جديدة للاستفادة من مخلفات قش الأرز، وإعادة تدويرها للاستفادة منها اقتصاديا فى زيادة العائد من تحويل قش الأرز إلى مكونات اقتصادية ذات عائد كبير يضاعف من قيمة قش الأرز أكثر من قيمة الإنتاج ويعمل على الحد من مخاطر حرق قش الأرز خلال موسم الحصاد وانعكاساته السلبية التى تؤثر على البيئة وبالتالى على التربة والإنسان والحيوان والنبات، شأن قش الأرز كذلك شأن باقى المخلفات الزراعية داخل جدار الخلية قائلًا حصلت على براءة اختراع من أكاديمية البحث العلمى، تساهم فى تحويل قش الأرز إلى قيمة اقتصادية تنعكس على إدارة منظومة المخلفات الزراعية المصرية البالغة 45 طن سنويا، منوها إلى أن هذا النجاح يمكن مصر من تحويل هذه المخلفات إلى قيمة اقتصادية جمه من خلال فصل مكونات قش الأرز إلى مكونات ذات قيمة عند تسويقها وتصديرها إلى دول العالم المختلفة.

وأوضح نصر لـ«السوق العربية» أن أهم ما يميز هذا الابتكار أنه يساهم فى الحد من الملوثات البيئية الناتجة عن قش الأرز الذى تتراوح كميته ما بين 4-6 ملايين طن تساهم فى ظاهرة الاحتباس الحرارى والتلوث البيئى وانتشار واسع لما يطلق عليه ظاهرة السحابة السوداء، مشددا على أنه يساهم فى تحول الكثير من شركات تدوير المخلفات إلى الإقبال الكبير على قش الأرز لتحويله إلى قيمة اقتصادية كبيرة أو استخدام منتجاته فى صناعة أعلاف غير تقليدية وذات عائد كبير، لاسيما انها تكون قابلة للهضم فى كرش الحيوان، وبالتالى تستخدم كمصدر للطاقة فى غذاء الحيوان وأطلق عليها «هولوفيد».

ونوه عبدالمنعم بأن الابتكار الجديد يعتمد على أن قش الأرز هو ناتج ثانوى لعملية زراعة الأرز فى مصر وينتج منه ما يتراوح من 4-6 ملايين طن سنويا إلا انه يتم حرقه سنويا فى الأرض الزراعية لصعوبة تجميعه ونقله وعدم الاستفادة منه مما يتسبب عن أضرار حيوية للمجتمع الميكروبى تحت الأرض وتسببه فى أضرار صحية بالمجتمع الآدمى وتلوث بيئى يستمر لعدة شهور بدءا من سبتمبر وحتى نهاية نوفمبر من كل عام مما يكلف الدول ملايين الجنيهات لتقليل هذا التلوث الذى ما زال حدوثه واقعا ملموسا كلما أتى موسم الحصاد، علما بأن الـ4,5 مليون طن قش أرز تساهم فى إنتاج ما يزيد على مليون طن ورق وهو الأمر الذى من شأنه سد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك ومن ثم تصدير الفائض، منوها ان مصر تستورد ما يزيد على مليار جنيه سنويا، لافتا إلى أن سعر طن الورق عالميا يتعدى 1000 دولار.

وأضاف، إنه فى مصر يستخدم حوالى 10% من كمية قش الأرز المنتجة سنويا التى تتراوح ما بين 4-6 ملايين طن فى إنتاج الأسمدة العضوية (الكمبوست) وتنمية المشروم أو عيش الغراب (بروتين ميكروبى) وفى تغذية الحيوان (المعاملة باليوريا والحقن بالمونيا) والكمية الباقية وهى 90% يتم حرقها مما يسبب تلوث بيئى، مشيرا إلى أن هذه التحديات تساهم فى تحديد الجدوى الاقتصادية للابتكار الجديد الذى يمكنه أن يحول هذه التحديات إلى فرص ذات قيمة كبيرة.

قال الدكتور عبدالمنعم نصر أستاذ الأراضى والمياه وصاحب الابتكار الجديد، إن الابتكارات كلها حلول لمشكلات قومية ولكن لم تتح لها الفرصة فى التطبيق، موضحا أن اختراعه الجديد يحول مخلفات قش الأرز إلى قيمة اقتصادية تضاف إلى الناتج القومى ويعادل الدخل الإجمالى للدولة من هذه الاعمال دخل المشروعات الكبرى لاسيما انه لها مردود اقتصادى واجتماعى وبيئى وتنموى، فضلا على آثاره الإيجابية من النواحى البيئية والصحية، وبالتالى ينفع الوطن خاصة والإنسانية عامة، لاسيما ان هذه الابتكارات ليست موجودة فى المجلات العلمية المحلية والعالمية.

ويوضح أنه فى حالة إنتاج لب الورق من قش الأرز ينتج كل 3 طن قش أرز واحد طن ورق بـ800 دولار، و150 كجم سليكا بمبلغ 30000 دولار و210 كجم هيميسلسلوز تحقق صافى أرباح 105000 ألف دولار صافى أرباح، وفى حالة إنتاج مادة الهولوفيد المستخدمة كغذاء للحيوان من قش الأرز، يتيح الابتكار الجديد ان ينتج كل طن قش أرز 950 كجم هولوفيد (مادة كربوهيدراتية مصدر للطاقة فى غذاء الحيوان)، و40 كجم لجنين ليصل السعر إلى 23000 تصرف 3000 دولار ليصبح المكسب 120000 دولار.

واستطرد نصر أن حل مشكلة قش الأرز وغيره من المخلفات الزراعية تتم عن طريق فصل مكونات جدار الخلية كلا على حدة، واستخدام كل مكون فى الصناعات القائمة عليه، منوها بأن أهداف الابتكار هى إعادة استخدام قش الأرز للحد من تلوث الهواء الناجم عن حرقة، وتحسين دخل المزارعين عن طريق تحويل المخلفات الزراعية إلى منتجات حيوية، وزيادة إنتاجية المحصول بنسبة تتراوح ما بين 30:25% للفدان، وتطوير عملية تحويل قش الأرز إلى مواد ذات قيمة اقتصادية عالية من اجل تعزيز أمن الطاقة القومى والاقتصاد الريفى والبيئة الصحية، وخلق فرص عمل للشباب بأجور مرتفعة وتقليص حجم البطالة للوصول إلى حالة استقرار اقتصادى واجتماعى.

وشدد عبدالمنعم، على أنه لابد من توجيه البحث العلمى بالطرق الصحيحة فحينما تواجه الدول الكبرى مشكلات فى شتى المجالات من زراعة وصناعة وغيرها، على الفور يتم توجيه الباحثين على العمل عليه وإيجاد حلول مناسبة، ففى المانيا يصرف على البحث العلمى من خلال المقترحات والحلول التى يقدمها البحث العلمى لمواجهة المشكلات والعقبات التى تواجه أى نشاط أو مجال، كما أتمنى حال وجود عقبات فى مصر يتم توجيه البحث العلمى لإيجاد حلول من خلال النشر فى الجريدة الرسمية أو من خلال الإعلام وشاشات التليفزيون ومواقع التواصل الاجتماعى، من أجل المضى قدما بخطى ثابتة نحو تقدم اقتصادى ملموس، منوها ان التركيز الأساسى لهذا الابتكار كان لإثبات المعالجة المستمرة لقش الأرز وفصل مكوناته البالغة 6 مكونات إلى مواد ذات قيمة اقتصادية عالية بالإضافة إلى إنتاج مشتق كربوهيدراتى يعتبر مصدرا للطاقة فى غذاء الحيوان أو ما يطلق عليه (الهولوفيد)، ذو القيمة الاقتصادية الكبيرة.

مؤكدا ان فصل المكونات يأنى تحت مظلة براءة الاختراع الخاصة به فى بقايا المحاصيل النباتية من قمح وقش الأرز وتبن القمح وتبن الشعير وحطب الذرة وحطب القطن ومصاصة القصب وقوالح الذرة وجريد النخيل، موضحا أن البقايات النباتية للمحاصيل الزراعية وهى مواد كربوهيدراتية بنسبة 70% ومواد أخرى غير كربوهيدراتية بنسبة 30% مثل اللجنين والسليكا والدهون والشموع، وأشار «نصر»، إلى أنه بفضل الاختراع الجديد يمكن الاستفادة من المخلفات الزراعية التى تنتجها مصر سنويا والبالغة 45 مليون طن، تحتوى على 30 مليون طن مادة كربوهيدراتية تحتاج إلى إدارة متكاملة للسيطرة عليها والاستفادة منها.

ذاكرا أن قش الأرز أضحى بارقة أمل تلوح فى الأفق، وأتمنى بعد براءة الاختراع وفصل المكونات الا نرى عفريت علبة آخر كما كان يطلق على قش الأرز قبل ذلك لما له من أضرار بيئية وصحية خطيرة، منوها أن دول الخليج تجاوزت عثرات الماضى منذ سنوات عديدة لما تمتلك من بترول أسفل باطن الأرض، قادر على النهوض باقتصاد أى دولة وإعلاء شأنها، فمصر الأن اصبح لديها بترول فوق الأرض فهناك مقولة لأحد الباحثين «أن ما تحت الأرض سينضب.. فإن ما فوق الأرض باقٍ»، فبترول اسفل الأرض يدر اموالا كثيرة، اما من حيث الطاقة فمصر قادرة على تحويل السلليلوز من المخلفات الزراعية إلى إيثانول واستخراج منه مشتقات بترولية وخلط فى البنزين.