صدى العرب : سوريا تنزف والعالم يعزف (طباعة)
سوريا تنزف والعالم يعزف
آخر تحديث: الإثنين 17/10/2016 11:33 ص
الإعلامي نبيل الهاشيمى الإعلامي نبيل الهاشيمى

سجلت الساحة العربية ولا زالت تسجل صمتا رهيبا، لما يتعرضوا إليه إخواننا السوريون من قتل وإبادة جماعية بمساعدة من رئيس كان من المفترض أن يكون حامي الوطن، وأول المدافعين عنه ضد أي تدخل إرهابي وأجنبي بالمنطقة.

لم أجد بداية مناسبة لهذا المقال إلا إعادة صياغة أبيات شعرية "للشاعر المصري هشام الجخ"، في قصيدته "التأشيرة"، عند لومه لحكام العرب، "...لقد عُلمتُ في صغري أن بلاد العُرب أوطاني وكل العرب إخواني، وأن بلادنا تمتد من أقصى إلى أقصى وأن حروبنا كانت لأجْل المسجدِ الأقصى، وكنا مَحْضَ أطفالٍ تحرّكنا مشاعرُنا، وأفكار تعلمنا مبادئها على يدكم أيا حكام امتنا، ألستم من تعلمنا على يدكم بأن العودَ محمي بحزمته ضعيف حين ينفرد. لماذا الفرقة  الحمقاءُ تحكمنا؟

عندما سمعت ولأول مرة عن جامعة اسمها "جامعة الدول العربية"، ظننت أنها هيأة عليا تظم إلى جانبها جميع الدول العربية من المشرق إلى المغرب، وتسهر على حل مشاكلهم العالقة، لكن حينما كبرت شيئا فشيئا وبدأت أعي الأمور اكتشفت أن ظني بهذه الجامعة كان خاطئا،  فهي مجرد بناية  عادية منبثقة عن الأمم المتحدة وفي تبعية عمياء لها، وأنها ما هي إلا أداة لتفريق الأمة لا لتوحيدها، فكل ما يمكننا أن نقوله عنها أنها مجرد "لوبي" غربي بالمنطقة لا أقل ولا أكثر، لكن أكثر ما يحز في النفس هو كوننا شعب عربي تجمعنا عقيدة واحدة، ولغة واحدة، ومع ذلك متفرقين، وعلى عكس ذلك فالدول الأوربية كل دولة لها لغة  مختلفة عن الدولة الأخرى، لكن استطاعت أن توحد نفسها تحت مسمى "الاتحاد الأوربي"، من اجل مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية و تكوين قوة عظمى ذات كلمة ونفوذ، أما نحن فلا زلنا نتجادل في المتاهات، ونتخبط في الترهات، ونعيش على واقع مجدنا الضائع.

وأخيرا ما يقع في سوريا بغض النّظر عن كل هذه التفاصيل, هو درس تاريخي للجميع, مفاده أن كل يوم في عمر الاستبداد, يُشكل فُرصة لتغوّله و استقوائه, و أن كل خيانة للوطن لحساب المتربّصين في الخارج, له كُلفة باهضة.. وأن من سيدفع الثمن عاجلا أو آجلا هو الشعب, و لا أحد غير الشعب..

من رحم المعاناة يولد الأمل.., ولا تُصنع العجّة إلا بكسر البيض.., وهذا ما يقع الآن في سوريا, التي تشهد حالة ولادة قيصريّة لجنين "الحريّة".