صدى العرب : قريش في بطحاء مكة وظاهرها (طباعة)
قريش في بطحاء مكة وظاهرها
آخر تحديث: الجمعة 30/12/2016 12:01 ص نسابة المدينة المنورة - الشريف أنس بن يعقوب الكتبي


مكة المكرمة بلد في وادٍ غير ذي زرع، تشرف عليها جبال جُرْد، فتزيد في قسوة مناخه, ليس بها ماء غير ماء زمزم ، وهي بئر محفورة، وآبار أخرى مجة حفرها أصحاب البيوت, أما مياه جارية وعيون غزيرة، وكل ما كان يحدث نزول سيول، قد تكون ثقيلة قوية، تهبط عليها من شعاب الهضاب والجبال، وبها تلك الشعاب المذكورة حتى يومنا الحالي كشعب عامر وشعب علي فتنزل بها أضرارًا فادحة وخسائر كبيرة، من معلاتها إلى مسفلتها  وقد تصل إلى الحرم فتؤثر فيه، وقد تسقط البيوت، فتكون السيول نقمة، لا رحمة تسعف وتغيث أهل البيت الحرام ، لذلك لم تصلح أرض مكة لأن تكون أرضًا ذات نخيل وزرع وحب؛ فاضطر سكانها إلى استيراد ما يحتاجون إليه من الأطراف والخارج، وأن يكتفوا في حياتهم بالتعيش مما يكسبونه من الحجاج، وأن يضيفوا إلى ذلك تجارة تسعفهم وتغنيهم، وتضمن لهم معاشهم، وأمانًا وسلمًا يحفظ لهم حياتهم، فلا يطمع فيهم طامع، ولا ينغص عيشهم منغص: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ  } يعود الفضل في بقاء مكة وبقاء أهلها بها إلى موقعها الجغرافي، فهي عقدة تتجمع بها القوافل التي ترد من العربية الجنوبية تريد بلاد الشام، أو القادمة من بلاد الشام تريد العربية الجنوبية، والتي كان لا بد من أن تستريح في هذا المكان؛ لينفض رجالها عن أنفسهم غبار السفر, وليتزودوا ما فيه من رزق , ثم ما لبث أهلها أن اقتبسوا من رجال القوافل سر السفر وفائدته، فسافروا أنفسهم على هيئة قوافل، تتولى نقل التجارة لأهل مكة وللتجار الآخرين من مكة المكرمة فكانت في ذلك رحلة الشتاء والصيف التي نزلت فيها السورة القرانية العظيمة , والتي تشير إلى أصل البيت وضرورة العبادة والتي هي الامان من الجوع والخوف فقد بارك الله البيت وما حوله , وللبيت فضل كبير على أهل مكة، وبفضله يقصدها الناس من كل أنحاء العالم حتى اليوم للحج إليه, وقد عرف البيت بـ"الكعبة"؛ لأنه مكعب على خلقة الكعب , ويقال له: "البيت العتيق" و"قادس" و"بادر"، وعرفت الكعبة بـ"القرية القديمة" .


وبمكة الجبال العظيمة جبل يطل عليها, يقال له: جبل "أبي قبيس"، ذكر بعض أهل الأخبار أنه سُمِّيَ "أبا قبيس" برجل حداد؛ لأنه أول من بنى فيه، وكان يسمى "الأمين" لأن الركن كان مستودعًا فيه, وأمامه جبل آخر؛ وبين الجبلين وادٍ، فيه نمت مكة ونبتت, فصارت محصورة بين سلسلتين من مرتفعات , وقد سكن الناس جبل "أبي قبيس" قبل سكنهم بطحاء مكة، وذلك لأنه موضع مرتفع ولا خطر على من يسكنه من إغراق السيول له. وقد سكنته "بنو جرهم"، ويذكر أهل الأخبار انه إنما سُمّي "قبيساً" ب "قبيس بن شالخ" رجل من جرهم. كان في أيام "عمرو بن مضاض".وهو من المواضع المقدسة عند الجاهليين، فقد كان نُسَّاك مكة وزهادها ومن يتحنف ويتحنث ويترهب من أهلها في الجاهلية يصعده ويعتكف فيه. ولعله كان مقام الطبقة المترفة الغنية من أهل مكة قبل نزوح "قريش" إلى الوادي، وسكنها المسجد الحرام المحيط بالبيت .


ولم يكن هذا البلد الآمن ذا حصون وبروج ولا سور يقيها من احتمال غزو الأعراب أو أي عدو لها ويظهر أن ذلك إنما كان بسبب أن مكة لم تكن قبل أيام "قصي" في هذا الوادي الذي يتمركزه "البيت"، بل كانت على المرتفعات المشرفة عليه , أما الوادي، فكان حرمًا آمنًا يغطيه الشجر الذي أنبتته السيول ورعته الطبيعة بعنايتها، ولم يكن ذا دور ولا سكن ثابت متصل بالأرض، بل كان سكن من يأوي إليه بيوت الخيام، وأما أهل المرتفعات فكانوا، إذا داهمهم عدو أو جاءهم غزو، اعتصموا برءوس المرتفعات المشرفة على الدروب، وقاوموا العدو والغزو منها, وبذلك يصير من الصعب على من يطمع فيهم الوصول إليهم, ويضطر عندئذ إلى التراجع عنهم، فحمتهم الطبيعة بنفسها ورعتهم بهذه الرءوس الجبلية التي أقامتها على مشارف الأودية والطرق. فلما أسكن "قصي" أهل الوادي في بيوت ثابتة مبنية، وجاء ببعض من كان يسكن الظواهر لنزول الوادي، بقي من فضل السكن في ظواهر مكة, أي: على المرتفعات، يقوم بمهمة حماية نفسه وحماية أهل البطحاء من تلك المرتفعات، وهم الذين عرفوا بقريش الظواهر، فلم تعد لأهل مكة سكان الوادي ثمة حاجة إلى اتخاذ الأطم والحصون، وبناء سور يحمي المدينة من الغزو، لاسيما والمدينة نفسها حرم آمن وفي حماية البيت ورعايته , وإذا ذكرت مكة المكرمة وبيتها العتيق ذكرت قريش , ونعتت قريش بـ"آل الله" و"جيران الله" و"سكان حرم الله" وبـ"أهل الله", وقريشًا إنما قيل لهم "قريش"؛ لتجمعهم في الحرم من حوالي الكعبة بعد تفرقهم في البلاد حين غلب عليها "قصي بن كلاب" يقال: تقرش القوم إذا اجتمعوا, وقالوا: وبه سمي قصي مجمعا، أو لأنهم كانوا يتقرشون البياعات فيشترونها، أو لأن النضر بن كنانة اجتمع في ثوبه يومًا، فقالوا: تقرش، فغلب عليه اللقب، أو لأنه جاء إلى قومه يومًا، فقالوا: كأنه جمل قريش أي: شديد، فلُقب به، أو لأن قصيًّا كان يقال له القرشي، وهو الذي سماهم بهذا الاسم، أو لأنهم كانوا يفتشون الحاج فيسدون خلتها، فمن كان محتاجًا أغنوه ومن كان عارياً كسوه ومن كان معدماً كسوه ومن كان طريدا آووه، أو سموا بقريش بن مخلد بن غالب بن فهر، وكان صاحب عيرهم، فكانوا يقولون: قدمت عير قريش وخرجت عير قريش، فلقبوه به, أو نسبة إلى "قريش بن الحارث بن يخلد بن النضر" والد "بدر", وكان دليلًا لبني "فهر بن مالك" في الجاهلية، فكانت عيرهم إذا وردت "بدرًا" يقال: قد جاءت عير قريش، يضيفونها إلى الرجل حتى مات, أو لأنهم كانوا أهل تجارة ولم يكونوا أصحاب ضرع وزرع, أو إلى قريش بن بدر بن يخلد بن النضر, وكان دليل بني كنانة في تجارتهم, فكان يقال: قدمت عير قريش, فسميت قريش بذلك, وأبوه بدر بن يخلد، صاحب بدر، الموضع المعروف إلى غير ذلك من آراء حصرها بعضهم في عشرين قولًا في تفسير معنى لفظة "قريش"، ومن أين جاء أصلها , ويذكر أن جِذْم قريش كلها "فهر بن مالك" فما دونه قريش وما فوقه عرب، مثل كنانة وأسد وغيرهما من قبائل مضر. وأما قبائل قريش, فإنما تنتهي إلى فهر بن مالك لا تجاوزه, ومن جاوز "فهرًا" فليس من قريشومعنى هذا أن جذم قريش من أيام "فهر بن مالك" فما فوقه، كانت متبدية تعيش عيشة أعرابية، فلما كانت أيام "فهر" أخذت تميل إلى الاستقرار والاستيطان، ولما استقرت وأقامت في مواضعها عرفت بـ"قريش" , وذكر أن قريشًا قبيلة، وأباهم النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، فكل من كان من ولد "النضر"، فهو "قرشي" دون ولد كنانة ومن فوقه. وورد كل من لم يلده "فهر" فليس بقرشي, وهو المرجوع إليه .


وعلم مكة وشريف بطحائها قصي , وكانت فاطمة أمه عند كلاب بن مرة فولدت له زهرة، ثم مكث دهرا حتى شيخ وذهب بصره ثم ولدت له قصيا  قال هشام سمي قصيا  لأن أمه تقصت به إلى الشام، وقدم ربيعة بن حرام العذري حاجا فتزوجها، فحملت قصيا غلاما معها إلى الشام فولدت لربيعة رزاحا وحنا ، فجرى بين قصي وبين غلام من عذرة كلام فنفاه العذري وقال: والله ما أنت منا ! فاتى أمه فقال لها: من أبي ؟ فقالت: ربيعة أبوك، فقال: لو كنت ابنه ما نفيت، قالت: فأبوك والله خير منه وأكرم، أبوك كلاب بن مرة من أهل الحرم، قال فوالله لا أقيم ههنا أبدا ! قالت: فأقم حتى يأتي  أبان  الحج ! فلما حضر ذلك بعثته مع قوم من قضاعة وزهرة حي، فأتاه وكان زهرة أشعر وقصي أشعر فقال له قصي: أنا أخوك، فقال زهرة: ادن مني ! فلمسه وقال: أعرف والله الصوت والشبه ! ثم إن زهرة مات وأدرك قصي فأراد أن يجمع قومه بني النضر ببطن مكة فاجتمعت عليه خزاعة وبكر وصوفة فكثروه، فبعث إلى أخيه رزاح، فأقبل في جمع من الشام وأفناء قضاعة حتى أتى مكة، وكانت صوفة هم يدفعون بالناس ، فقام رزاح على الثنية  ثم قال: أجز قصي ! فأجاز بالناس، فلم تزل الإفاضة في بني قصي ، وقد أكد "قصي" على أهلها لزوم إقراء الضيف ورعاية الغريب والابتعاد عن القتال وحل المشكلات حلًّا بالتي هي أحسن كما نظم أمور الحج، وجعل الحجاج يفدون إلى مكة؛ للحج وللاتجار, ثم أكد من جاء بعده من سادة قريش هذه السياسة التي أفادت البلد الآمن، وأمنت له رزقه رغدًا , وكان أول ما أصابه قصي  بن كلاب أنه كان رجل من عظماء الحبشة أقبل إلى مكة بتجارة فباعها ثم انصرف يريد أهله فتبعه قصي وقتله وأخذ ماله فتزوج حبى  بنت حليل  بن حبشية  فولدت له أربعة نفر: عبد الدار، وعبد العزى، وعبد مناف، وعبد بني قصي، وكان قصي يقول: ولد لي أربعة نفر فسميت اثنين بآلهي وواحدا بداري وواحدا بنفسي، وكان قصي شريف أهل مكة لا ينازعه أحد في الشرف، فابتنى دار الندوة ، ففيها كانت تكون أمور قريش فيما ينوبهم وفيما أرادوا من نكاح أو حرب أو مشورة وما عساه ينوبهم حتى إن كانت الجارية لتبلغ  أن تدرع فلا يشق درعها إلا فيها  تيمنا بها وتعظيما لها وتشريفا لأمرها وشأنها قال: فلما كبر قصي ورق  جعل الحجابة والندوة والسقاية والرفادة واللواء لعبد الدار وكان أكبر ولده وكان ضعيفا مسنا،  فخصه بذلك ليلحقه باخوته، وكانت الرفادة خراجا،  تخرجه قريش من أموالها لضيافة الحاج .


وكان لقريش رابطة النسب فقريش قبيلة تامة تقيم مجتمعة في أرض مكة ، وبيوتهم الثابتة  الشامخة بيوت من حجر، بين أفرادها وأسرها وبطونها عصبية، وبينهم معهادات , في تجارتهم واقامة الحدود لكل من دخل إليها للتجارة بتلك الموثيق وهم يكادون شركاء في بيتهم التجاري العريق يساهم فيه كل من يجد عنده شيئًا من مال .


وينقسم القرشيون إلى : قريش البطاح، وقريش الظواهر, فقريش البطاح بيوت عريقة شهيرة ، منهم: بنو عبد مناف, وبنو عبد الدار, وبنو عبد العزَّى, وبنو عبد بن قصي بن كلاب، وبنو زهرة بن كلاب, وبنو تيم بن مرة, وبنو مخزوم بن يقظة بن مرة، وبنو سهم، وبنو جمح ابنا عمرو بن هصيص بن كعب، وبنو عدي بن كعب، وبنو حسل بن عامر بن لؤي، وبنو هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر، وبنو هلال بن مالك بن ضبة بن الحارث بن فهر, وبنو عتيك بن عامر بن لؤي, و"قصي" هو الذي أدخل البطون المذكورة الأبطح, فسموا البطاح, ودخل "بنو حسل بن عامر" مكة بعد، فصاروا مع قريش البطاح، فأما من دخل في العرب من قريش فليسوا من هؤلاء, ولا من هؤلاء .


وقريش البطاح الذين نزلوا أباطح مكة وبطحاءها, أو هم الذين نزلوا الشعب بين أخشبي مكة، وأخشبا مكة: جبلاها؛ أبو قبيس والذي يقابله، قريش البطاح أو قريش الأباطح كما يطلق عليهم ذلك لأنهم صبابة قريش وصميمها الذين سادوا بطحاء مكة بعد نزلوها. وهم شرفائها وكرمائها وحماتها وأهل الكياسة والرياسة فيها , ومن كان دونهم, فهم نزول بظواهر جبالها، أي: قريش الظواهر .


أما قريش الظواهر فهم: بنو معيص بن عامر بن لؤي، وتيم الأدرم بن غالب بن فهر، والحارث ابنا فهر، إلا بني هلال بن أهيب بن ضبة, وبني هلال بن مالك بن ضبة, وعامة بني عامر بن لؤي وغيره, عرفوا جميعًا بقريش الظواهر؛ لأنهم لم يهبطوا مع قصي الأبطح، إلا أن رهط "أبي عبيدة بن الجراح", وهم من "بني الحارث بن فهر" نزلوا الأبطح فهم مع المطيبين أهل البطاحوورد أن "بني الأدرم من أعراب قريش ليس بمكة منهم أحد" .


وقريش الظواهر، فهم الذين لزموا ظاهر الحرم، فأقاموا ببادية مكة ولم يدخلوا بطحاءها ، وكانوا أعراباً ، أي أنهم لم يبلغوا مبلغ قريش البطاح في الاستقرار وفي اتخاذ بيوت من حجر, وكانوا يفخرون على قريش، مكة بأنهم أصحاب قتال، وانهم يقاتلون عنهم وعن البيت , ولكنهم كانوا دون "قريش البطاح" في التحضر وفي الغنى والسيادة والجاه، لأنهم أعراب فقراء، لم يكن لهم عمل يعتاشون منه غير الرعي , وكانوا دونهم في مستوى المعيشة بكثير وفي الوجاهة بين القبائل , رغم اشتراكهم وقريش البطاح في النسب .


ومن قريش قبائل ليست بأبطحية ولا ظواهرية، لم ينزلوا بمكة ولا بأطرافها، وانما هبطوا أماكن أخرى، فاستقر بهم المقام ، وتحالفوا مع القبائل التي نزلوا بينهم , ومن هؤلاء: سامة بن لؤي، وقع إلى عمان، فولده هناك حلفاء أزد عمان والحارث ابن لؤي وقع إلى عمان فولده هناك حلفاء أزد عمان والحارث بن لؤي، وقع إلى اليمامة، فهم في بني هزان من عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار. والحارث، هو جُشَمْ , وخزيمة بن لؤي، وقعوا بالجزيرة إلى بني الحارث بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان وسعد بن لؤي، وبنو عوف بن لؤي، وقعوا إلى غطفان ولحقوا بهم، ويقال لبني سعد بن لؤي بنانة، وبنانة أمهم، فأهل البادية منهم , وأهل الحاضرة ينتمون إلى قريش , ويقال لبني خريمة بن لؤي: عائذة قريش , وكان عمان بن عفان ألحق هذه القبائل، حين استخلف بقريش وهولاء من نسل "لؤي"، أي: من نسل "لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر" وقد تباعدت مواطنهم عن قريش .


ولم يكن أهل مكة كلهم من قريش، بل سأكنيهم أيضاً من كان بها قبلهم، مثل خزاعة وبنو كنانة. وقريش وإن كانت من "كنانة"، إلا إنها ميزت نفسها عنا، وفرقت بينها وبين كنانة , ولكنانة أخوة منهم: أسد وأسده، ووالدهم هو "خزيمة" وهو جدّ من أجداد قريش، كما إن "كنانة" هو جد من أجدادهم. فهؤلاء ليسوا بحمس .


والحمس : قريش وخزاعة ومَنْ قارب بلدة مكة من قبائل العرب . وأصل الحماسة : الشدة ، فسمّوا حُمساً ؛ لأنهم كانوا ذوي تشدد في محلّهم فهذه قبائل قريش ، وقد فصلت واستفضت في ذلك في كتابي الذي سوف يرى النور قريبا منتقلة القبائل العربية ، وقد عرفت قريش بين أهل الحجاز بسخينة , والسخينة طعام رقيق يتخذ من سمن ودقيق , وقيل دقيق وتمر - وهو دون العصيدة في الرقة وفوق الحساء . وانما لقبت قريش بسخينة لاتخاذها إياه ، أي لأفهم كانوا يكثرون من أكلها ولذا كانت تعيَّر به .


فلما هلك قصي أقام عبد مناف على أمر قصي وقام بأمر قريش فأسندت إليه قريش بعد موت أبيه أمورها واختط بمكة رباعا واتخذ أموالا بعد الذي كان قصي قطع لقومه، فهلك عبد مناف يوم هلك فكان ما سمينا لعبد الدار، ثم إن بني عبد مناف أرادوا أخذ ذلك منهم وقالوا: نحن أحق به، فأبت عليهم بنو عبد الدار فتفرقت قريش وتباينت عند ذلك وتشتت أمرها وتفرقت كلمتها ، قال اكتم  بن صيفي  وكان من حكماء العرب وقضاتها : دخلت البطحاء بطحاء مكة، فإذا أنا ببني عبد المطلب يخترقونها كأنهم أبرجة الفضة، وكأن عمائمهم نوق الرجال ألوية، يلحفون الأرض بالحبرات .

ولا تزال قبيلة قريش بفروعها منتشرة في أصقاع الأمصار , كما كان لهم فخر وشرف باختيار النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم منهم ، فكان لقريش بمكانتها أن تكون خاتمة الأديان السماوية بنبياً منهم , كان لهذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم معجزة عن غيره من الأنبياء والرسل بأن أبقى ذريته ونسله حتى يرث الله الأرض ومن عليها .