صدى العرب : رمضان هل هلالك علينا وعليكم شهر مبارك (طباعة)
رمضان هل هلالك علينا وعليكم شهر مبارك
آخر تحديث: الجمعة 26/04/2019 09:32 م
أحمد المرشد أحمد المرشد

رمضان علينا يعود..يطل علي أمتنا العربية والإسلامية  بعد أيام قليلة لنستبشر خيرا به لوله، فعندما يأتي رمضان يأتي الفرح،ولكن الإنسان ينسي فقد خلق بطبعه نسايا..عندما يأتي رمضان تستعد الشعوب له بشراء حاجياتها والاستعداد له، فطوبي لمنصام نهاره وقام ليله ولمن دفع الأجر عن البلاء، لمن أحسن الي الفقراء والمساكين والمعوزين، لكي يشعر هؤلاء بأنهم جزء من هذا النسيج وأن الاخرين يهتموا بهمويهمهم أن يكون إفطارهم إفطارا مشمولا بما يفطر غيرهم.

 

بداية، نشكر كل هؤلاء الذين يقومون بعمل الخير، وهؤلاء كثيرون، فمنهم من يقيم موائد الإفطار، فهنا في مصر تري الكثير من المقتدرين يقيمون تلك الموائد في الشوارع، ليدخلها المارة بالصدفة وقتحلول آذان المغرب ليشربون ويأكلون مماهو موجود.. ففي الصومِ فرصة للجميع علي  أن يعملوا لانهاء الفقر والجوعواطعام المساكين وكفالة الايتام،  وهناتكمن أهمية شهر رمضان المبارك.  فكماقال رسول الله في خطبته الشهيرة:"تصدّقوا على فقرائكم ومساكينكم، ووقرّوا كباركم، وارحموا صغاركم.. ومن أكرم فيه يتيماً أكرمه الله يوم يلقاه.. أيّها النّاس منفطّر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشّهر كانله بذلك عند الله عتق رقبة، ومغفرة لمامضى من ذنوبه".

 

فرمضان هو شهر التعاطف مع الفقراء،وهنا نتسلح بخطبة رسولنا الكريم فياستقبال شهر رمضان للاستدلال على أهميةوعظمة هذا الشهر إذ قال: "أيها الناس إنهقد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمةوالمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور،وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي،وساعاته أفضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهلكرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب". فقد أوضحت هذه الكلمات القليلة برنامج كل مسلم صالح ليحقق الشق الديني الايماني، والشق العائلي الاجتماعي، ورعاية الايتام والتكافل بينالمسلمين.

 

في شهر رمضان نستدرك العبر، ولا أعرفلماذا لا نتحلي بأخلاق رمضان  طوال العامونركز علي رمضان فقط في عمل الخير،فيجب علينا أن نجعل طول العام وكلأشهره مثل رمضان، ليس بالصيام فقط  ولكن بزكاته، بتآلفه، بالرفق علي المساكين،فكل ما يجري في الشهر المبارك لهو دليلعلي علي صلة الرحم والجود والكرموالإحسان، فهذه النظرة الإنسانية اليالمحتاجين والمعوزين تدفع المجتمع لأنيكون أكثر تماسكا وتلاحما. وتتماثل أمامنافي هذه اللحظة مشاهد  رمضان الجميلةالدالة علي تبادل المنافع والإكرام عندالفطور بين الجيران والأقارب، حتي يأتيآخره ليخرج الجميع زكاة الفطر التي تعليمن مشاعر المسلمين الحية بالعطفوالحنان على الآخرين .

 

وإذا تحدثنا عن فضائل شهر رمضان، فأولما نقوله هو ما حثنا فيه القرآن والسنة عليالوحدة، فرمضان يجسد هذا المعنيالجميل طوال أيامه سواء بين الأسرة أوالجيران أو الأقارب حتي في البلد الواحد، فلا توجد أمة في العالم تلتف على طاولةالطعام في وقت محدد يوميا كما نفعلنحن المسلمين، وكذلك لا نجد أمة تمتنععن الطعام والشراب في وقت واحد يومياسوي نحن المسلمين أيضا. فرمضان يحثناعلي هذه الوحدة والتضامن وأن نكوننسيجا واحدا واحد لنبقى أقوياء دائما،وتلك هي وظيفة ومهمة  المسلمين فيخلافة الأرض كما أرادها المولي عز وجل. وتؤكد السنة النبوية هذا المعني الجليلبحديث الرسول عليه الصلاة والسلام: "إنمايأكل الذئب من الغنم القاصية "، فوحدةالمسلمين والتي تتحقق في رمضان وسيلةوسيلة لامكانية اتمام معنى الخلافة تنفيذالقول رسولنا الكريم "إن المسلمين يد علىمن سواهم ".

 

ولعل من مظاهر الوحدة بين المسلمين فيهذا الشهر الفضيل، الإجماع  علي موعديالإمساك والإفطار فجرا وغروبا بما يؤكدحرص الرسالة النبوية علي بناء وتمتينعناصر الوحدة،، إذ أن شهر رمضان هوالشهر الوحيد الذي تلتف فيه الأسرة حولمائدة واحدة، بعد أشهر من الفراق والأكلفرادي ليتحقق هذا المعني في شهر واحدفي العام.

 

ومن المأكل الي الصلاة، حيث يجتمعالمصلون علي أداء صلاة التروايح، لنشهدتلك الحشود الكبيرة من المصلين التي لاتجتمع هكذا سوي في ليل رمضان، وتزيدهذه الصلاة جموع المصلين إيمانا وابتهالاًلرب العالمين، فلو صلي كل مسلم صلاةالقيام منفردا لما تعايش مع  هذه اللحظاتالإيمانية الجمعية  وتذوق هذا المذاقالإيماني الذي يسمو بالنفس ويعلو بها عنالغلو والتطرف، فهي مشاعر إيمانية لايحققها سوي عبادة جماعية وجامعة.

 

ومن مظاهر الوحدة بين المسلمين في هذاالشهر الفضيل، ما نلقاه في المساجد مناجتماع المصلين علي تعلم القرآن وتدبرمعانيه وتلاوته، وهي عادة لم نعهدها خلالبقية العام، ولكننا نحققها في رمضان فقطتنفيذا لما قاله سيدنا محمد صلي الله عليهوسلم :" إن هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوامأدبته ما استطعتم". وبهذا تستزيد القلوبانشراحا بتلك الحلقات القرآنية لتنشرحالصدور، حتي تأتي ليلة القدر التي تنتظرهاكل أمة وتعتبر من أعظم معاني الوحدة فيشهر رمضان.

 

وإذا كان  رمضان شهر الخير والبركة،فنتمني لهذه الأمة  العربية والإسلاميةالمتشرذمة المتفككة الاتفاق علي كلمةسواء، كلمة حق..لماذا لا تكون هناك الألفةبين الشعوب؟..لم  لا يسود الأمنوالاستقرار؟..لم لا تسود الطمانينة؟..لماذالا نتعاون في خلق عالم عربي يعد قدوةللعالم الإسلامي؟..لما لا تكون أمة  العربخير أمة اخرجت  للناس، فنحن  الذين أنزلالله فينا كتابه واختار نبيا منا ليكون خيررسول لخير أمة؟..لماذا لا نكون يداواحدا..فنحن مطالبون بأن  نكون يداواحدة وعلي قلب واحد في هذا الشهرالفضيل.

 

ونتمني أن تلتف القلوب وتتعاون النفوسوأن نعرف من هو عدونا، وهذا العدو هوالذي يتظاهر بالإسلام وبحب الله ولكنه فيالواقع لا يحب الله ولا دينه ورسوله طالمايؤمن هؤلاء بالقتل والسفك، فشهر رمضانمن الأشهر الحرم، فلماذا لا يكون هذا الشهرمبادرة لأن يعم السلام والطمأنينة فيأوطاننا العربية والإسلامية. واعتقد أنهؤلاء المتطرفين لا يدركون كم شهدرمضان انتصارات للمسلمين، وكم تحققفيه من الفتوحات الإسلامية، ويكفي أولانتصار للمسلمين وقد حققوه في غزوة بدرفي السابع عشر من شهر رمضان في العامالثاني الهجري، وانتصاراتهم في الثالثوالعشرون من شهر نفسه في العام الثامنالهجري يوم فتح مكة، فرمضان بحق هو شهر عزة ونصرة للأمة الإسلامية، وعلينا أننستعيد همتنا وقوتنا لنكون خير أمةأخرجت للناس بحق.