صدى العرب : الفنان العالمي حسن الشرق "لصدي العرب": كرمني العالم ولكنني أنتظر تكريم بلادي ليثلج صدري (طباعة)
الفنان العالمي حسن الشرق "لصدي العرب": كرمني العالم ولكنني أنتظر تكريم بلادي ليثلج صدري
آخر تحديث: الثلاثاء 16/04/2019 05:42 م حوار / سوزان جعفر


حسن الشرق..  من جزار الي فنان وصل للعالمية ويحلم بالتكريم في بلده

رغم حصوله على الإبتدائية فقط إلا أن واشنطن منحته الدكتوراه الفخرية

حسن الشرق.. فنان تشكيلي بدرجة سفير


الفنان الصعيدي المنياوي حسن الشرق هو إبن محافظة المنيا الذي نشأ في أحضان الطبيعة الخلابة حيث يعانق النيل الجميل أراضي الفلاحين والصعايدة البسطاء، يسكب عليها من الخير الوفير فتفيض بالجمال والخصوبة، يعطيها ماؤه العذب، فتمنحنا الحياة وتتلون بأجمل الثمرات والأشجار الخصبة، خصب النيل خياله فأبدع أجمل وأروع اللوحات التي رسمت إسمه بحروف من نور وسط أكبر فناني العالم التشكيليين.

يعد "الشرق" المولود بزاوية سلطان بمحافظة المنيا عام 1950، من أكبر تسع فنانين في العالم فيما يعرف بفناني الفن الفطري، أو فن الطبيعة، حيث لم يدرس الفن في مدارس ولا أكاديميات، ولم يتلق تعليما نظاميا،  فقط بضع سنوات بمدرسة إبتدائية، ورغما عن هذا منحته واشنطن الدكتوراه الفخرية عام 2017.

نعلم أنك لم تتلق تعليما أكاديميا، فما الذي أصقل موهبتك؟
 أنا إبن جزار صعيدي، أنجبت أمي قبلي بنات وحين أتيت للدنيا، لبستني كف وعين للحفاظ علي من الحسد، وطرد الأرواح الشريرة بعيدا عني، وكان لا بد لي أن أسلك مسلك أبي وأعمل في مهنة الجزارة حتى أتحمل مسؤولية "الدكان" والمهنة من بعده، لكنني كنت أهرب إلى الجبل في منطقة بني حسن، والأشمونين وأمارس هوايتي الجميلة وهي الرسم، وحين رسمت أول لوحة وشاهدها أبي،  صرخ في وجهي، لأنني على حد تعبيره بضيع، وذهبت أمي بي إلى زيارة الأضرحة وطافت بي المساجد وأضرحة أولياء الله الصالحين والصخابة في منطقة البهنسا التي يطلق عليها البقيع الثاني، وأخيرا ذهبت بي إلى شيخ ليخرج الجن من جسدي، كنت من الأطفال الذين يرتدون خرزة زرقاء، وعلقت على رأسي كف فضة به عين، كالذي كان يرتديه عميد الأدب العربي طه حسين.

أمارس ما يعرف بالفن الفطري المستمد من المناظر الطبيعية الخلابة المشهور بها الريف المصري، وأرسم لوحاتي بألوان من الطبيعة البكر.

تبتكر ألوانك التي ترسم بها لتبدو طبيعية، فمن أين تأتي بها؟

أحاول منذ زمن بعيد أن أتميز في تقديم الجديد دائما، لذلك أبتكر ألوان من النباتات الطبيعية والأحجار التي تذخر بها مصر، أتي بها من الجبال، وفي بعض الأحيان أبتكر ألوان خاصة بي من الطين والأعشاب، وأوراق الأشجار، والأغصان، وكذلك التوابل لإستنباط ألوان جديدة. تعد الطبيعة وحدها هي مصدر إلهامي، والرائع في هذه الألوان أنها تدوم وتقاوم لمئات السنين، كما تعطي اللوحة مظهرا طبيعيا يزيد من جمالها.

ماذا عن التكريم العالمي لفنك، ولوحاتك التي تزين متاحف عالمية؟
معظم دول العالم كرمتني، منها السويد، سويسرا، الولايات المتحدة الأمريكية التي إختارتني مؤخرا ضمن أشهر فناني الفن الفطري، وفرنسا حيث ضمت لوحتان من أعمالي إلى مقتنيات الصالة الكبيرة بمتحف اللوفر، وكذلك متحف برلين بألمانيا، ودولة الإمارات العربية، خاصة إمارة الشارقة بعد رسم التراث العربي القديم.
ومن أعظم ما كرمتني به ألمانيا أن ضمت إسمي لقائمة الإرشاد السياحي، بأن وضعت إسم وعنوان متحفي في كتاب خاص، حيث أن السائحين الألمان يستطيعون زيارة متحفي بتوصية من بلادهم.


كيف بدأت موهبتك تظهر للعالم؟
 الفن هو لغة الشعوب، ورسالة سامية لا يخطأ قراءتها أحد، لذا ساهمت المستشرقة الألمانية أورسولا شورينت فى إظهار موهبتي للعالم، بعد زيارتهها لمحافظتي، المنيا وخاصة قرية بني سلطان عام 1985، أعجبت بفني، ولوحاتي جدا.  
فقامت بعمل دراسة بحثية عني كانت الأولى من نوعها، وأيضا النواة الأولى في بناء شهرتي عالميا، بعدها قام العديد من الباحثين والدارسين بتقديم أعمالي في دراسات وأبحاث وتم نيل أكثر من 17 شهادة ماجستير ودكتوراه، كما قمت بعمل ثلاث ورش عالمية بإيطاليا وكولمبيا، وألمانيا.


هل لك أحلام مازلت تسعى لتحقيقها؟ وهل وجدت التكريم المحلي اللائق بك؟    

بالفعل لدي أحلام كبيرة مازلت أسعى لتحقيقها، منها إنشاء مدرسة لتعليم الصغار الفن التشكيلي، وسعدت جدا بتحقيق حلمي في وجود أصباغ طبيعية بإسمي كعلامة تجارية خاصة بي، ولكن هناك أحلام كثيرة تنتظر وخاصة فيما يتعلق بالتكريم المحلي من دولتي العظيمة مصر التي لم تشعرني حتى الآن بأهمية فني، وأكثر ما يحزنني أن دول العالم تحتفي بلوحاتي التشكيلية وتقدم التقدير اللائق لفني وعملي بإحدى صالات متحف اللوفر بفرنسا حيث تتواجد لوحتان عن حكايات ألف ليلة وليلة تحملان توقيعي، وهي الأولى من نوعها، فلا توجد لوحات لأي فنان عربي غير حسن الشرق، وهذا بكل تأكيد فخر وسعادة لي.

من هو مثلك الأعلى في الفن والحياة؟
الفنان المصري الفرعوني القديم الذي كان يرسم لوحاته على جدران المعابد، ليؤرخ لحياته وفنه، تعلمت منه كيف أرسم الفن الفطري البسيط بلوحات تحاكي الطبيعة، أؤرخ تاريخ بلادي مصر الجميلة.  هذا الفنان الذي قدم فنه قبل سبعة آلاف عام 

كيف بدأت رحلتك الحقيقية مع الفن؟
برسم أكثر من غلاف للسيرة الهلالية للخال عبدالرحمن الأبنودي، وبعدها ضمنت لوحاتي معظم قصائده، فكانت موضوع لوحات رائعة.
وأثناء إقامة معرض فني في ألمانيا شاركت فيه بمجموعة لوحات، فزت بها بالمركز الأول على مستوى فناني الشرق الأوسط.


بالرغم من تكريمك عالميا، وتواجدك في محافل دولية إلا أنك مازلت تحتفظ بزيك المصري القديم، الجلباب الصعيدي، ألم تستهويك البدلة؟
الجلباب الصعيدي هو أصلي، وأصل أهلي وناسي، وأخافظ عليه كالحفاظ على هويتي المصرية تماما، فقد زرت عدة دول وكل دولة أجد فنانيها وكبرائها يحافظون على زيهم الشعبي، وخاصة دول الخليج، فلماذا أخلع أنا جلبابي الصعيدي، وهو علامة مميزة لي، ويفرق بيني وبين الكثيرين، أرى نفسي في الجلابية أشبه أجدادي الفراعنة، وأستمد قوتي من هذا الزي التراثي الشامخ، ولن أتنازل عنه، فهو علامة مميزة إقترنت مع إسم حسن الشرق.