صدى العرب : ماء الوجه لا يقَّدر بثمن.. فحياتنا أكثر سعادة بفعل الخير (طباعة)
ماء الوجه لا يقَّدر بثمن.. فحياتنا أكثر سعادة بفعل الخير
آخر تحديث: السبت 05/01/2019 10:23 ص
أحمد المرشد أحمد المرشد
يبدو أن عالم السياسة الذي ننغمس فيه بحكم أعمالنا مليء بالمنغصات، ولهذا يعن لي الخروج مؤقتًا عن هذا العالم الصعب بأزماته ونكباته خاصة وإننا في عالمنا العربي لا نري أمامنا سوى المآسي، فكلنا يئن من التدخلات الإقليمية والدولية في شؤون المنطقة، ناهيك عن أنظمة باعت نفسها للشيطان وتاهت عنها بوصلة الصواب لتضيع الشعوب.. ولهذا سنترك هذا العالم قليلاً الى غيره من الطيبة والصدق وفعل الخير.
 ونبدأ بحكايتنا الأولى وهي مروية عن عالم «السوشيال ميديا» ولكن بتصرف، وتقول إن عالمًا جليلاً وهبه المولى عز وجل الحكمة والبصيرة، وزاد عليها نعمة المال والجاه، وبينما هو جالس مع تلاميذه يومًا ما، إذ دخل عليهم رجل غريب عن البلدة ولم يتعرف عليه أي من الجلوس، واستغربوا جميعها مجيء هذا الغريب خاصة وإنه لم يبدِ عليه مظهر طلاب العلم، ولكنه بدا للوهلة الأولى كأنه عزيز قوم أذلته الحياة.. لم يكترث الغريب بنظرات الطلاب، وألقى السلام على الحاضرين والعالم الجليل، وكان كل الذي يهتم به قارورة الماء التي لم تفارقه وهو يستمع بإنصات للعالم ومداخلات طلابه.
 طال حديث العالم وقبل أن ينتهي قطع العالم حديثه للطلاب والتفت الى الرجل الغريب، وتفرس في وجهه، ثم سأله: «ألك حاجة نقضيها لك؟! أم لك سؤال فنجيبك؟».. فرد الضيف: لا هذا ولا ذاك، وإنما أنا تاجر وسمعت عن علمك وخلقك ومروءتك، فجئت أبيعك هذه القارورة التي أقسمت ألا أبيعها إلا لمن يقدِّر قيمتها، وأنت -دون ريب- جدير بها لما لك من حكمة وبصيرة. فقال العالم:: «ناولنيها»، فناوله إياها، فأخذ العالم يتأملها ويحرك رأسه إعجابًا بها، ثم التفت الى الضيف وسأله: «بكم تبيعها؟» فقال: بمائة دينار، فرد عليه العالم: «هذا قليل عليها، سأعطيك مائة وخمسين»، فرفض الضيف هذه الزيادة وأصر على المائة دينار دون زيادة أو نقصان.
 وهنا اقتنع العالم الجليل بقيمة الصفقة وطلب من ابنه أن يحضر له المائة دينار من المنزل. واستلم الضيف الغريب المبلغ المتفق عليه ومضى في حال سبيله حامدًا شاكرًا، ثم انفض المجلس وغادر الطلاب الحاضرون، وجميعهم متعجبون من هذا الماء الذي اشتراه عالمهم بمائة دينار!..دخل العالم الى مخدعه للنوم، ولكن الفضول دعا ولده إلى فحص قارورة الماء ومعرفة ما فيها، حتى تأكد - بما لا يترك للشك مجالاً- أنه ماء عادي. فدخل الى غرفه والده مسرعًا ومندهشًا وقال له: يا حكيم الحكماء، لقد خدعك الغريب، فوالله ما زاد على أن باعك ماء عاديًا بمائة دينار، ولا أدري أأعجب من دهائه وخبثه، أم من طيبتك وتسرعك؟. فابتسم الوالد هادئ الطباع وضحك في وجه ابنه الغاضب من شرائه قارورة الماء بمائة دينار، ثم ضحك وقال لابنه:
 «يا بني، لقد نظرت ببصرك فرأيته ماءً عاديًا، أما أنا، فقد نظرت ببصيرتي وخبرتي فرأيت الرجل جاء يحمل في القارورة ماء وجهه الذي أبت عليه عزة نفسه أن يريقه أمام الحاضرين بالتذلل والسؤال، وكانت له حاجة إلى مبلغ يقضي به حاجته لا يريد أكثر منه.. والحمد لله الذي وفقني لإجابته وفهم مراده وحفظ ماء وجهه أمام الحاضرين».. واستطرد العالم الجليل: «ولو أقسمت ألف مرة أنَّ ما دفعته له فيه لقليل، لما حنثت في يميني.. فماء الوجه لا يقدَّر بثمن». ومن آخر جملة قالها العالم نخرج بمعنى القصة، فمن يحافظ على ماء وجهه لا يجب أن نرد طلبه، وإذا لم تستطع أن تسمع صمت أخيك، فلن تستطيع أن تسمع كلماتِه.
 والقصة الثانية بطلها رجل مسن دخل المستشفى لإجراء بعض الفحوصات الطبية، فأبلغه الأطباء أنه يعاني مرضًا خطيرًا في قلبه الضعيف ولا بد من إجراء عملية جراحية خطرة وربما يعيش بعدها أو يفارق الحياة. فطلب المريض من الأطباء مهلة بعض الوقت ليعود الى أولاده ويسلم عليهم ويرجع الأمانات التي لديه الى أصحابها ثم يعود للمستشفى لإجراء العملية، فطلب منه الأطباء ألا يتأخر لأن مرضه خطير ولا يستدعي أي تأخير. رجع الرجل الى عائلته وجلس مع أولاده وودعهم جميعًا لأنه ربما لن يرجع إليهم مرة أخرى وسلم عليهم وغادر المنزل. ثم ذهب الى صديق له ليودعه هو الآخر وكان بالقرب من منزله محل جزارة لبيع اللحم فلمح امرأة عجوز بيدها كيس تجمع به فضلات الطعام من القمامة، فذهب إليها وسألها: ماذا تفعلين؟ فردت بصوتٍ مكسور: لدي خمس بنات صغيرات ولا أحد يعيلهن، ومن سنة كاملة لم يذقن أي قطعة من اللحم، ففضلت أن أجمع بقايا الطعام لعل البنات يشممن رائحة اللحم على الأقل. فبكى الرجل من حالها وذهب بها الى الجزار القريب وطلب منه أن يعطي المرأة العجوز أي كمية من اللحم على حسابه كل أسبوع، فرفضت المرأة بشدة، إلا أن الرجل أصر أن تأتي كل أسبوع وتأخذ ما تشاء من اللحم، فقالت: لا احتاج سوى كيلو واحد، ولكن الرجل أبلغ الجزار أن يعطيها ضعف الكمية التي تريدها من اللحم لمدة عام ودفع الحساب مقدمًا. فما كان من العجوز إلا أن دعت له وهي تبكي، فشعر الرجل بنشاطٍ كبيرٍ وهمةٍ عاليةٍ، ثم عاد الى منزله وهو سعيد للغاية حتى قالت له ابنته: يا أبي وجهك متغير تمامًا، فأخبرها بقصة العجوز، حتى أجهشت الابنة في البكاء ودعت لوالدها أن يمنَّ الله بالشفاء من مرضه، وقالت لأبيها: قلبك طيب جدًا.
 وفي صباح اليوم التالي، ذهب الرجل الى المستشفى لإجراء العملية الجراحية، فأبلغه الطبيب المعالج وهو متعجب: يا رجل أخبرني أين عولجت بالخارج؟.. فسأل الرجل الطبيب: ماذا تقصد؟ فرد الطبيب: أين ذهبت ولأي مستشفى لجأت؟، فكان رد الرجل بالنفي تمامًا فهو حقيقة لم يذهب الى أي مستشفى أو طبيب آخر، وقال: فقط سلمت على أولادي ورجعت. فرد الطبيب بتعجب: لا أصدقك فقلبك أصبح سليمًا ولم تعد تعاني من الأوجاع التي جئتنا بها المرة الماضية، فقلبك سليم تمامًا. فتعجب الرجل وقال للطبيب: ماذا تقصد؟.. ليرد الطبيب ويسأل الرجل وهو مستغرب ما يراه: قلبك سليم، فإما أن يكون الرجل لست أنت أو إنك ذهبت الى مستشفى أخرى، وأرجوك أن تبلغني بالدواء الذي كتبوه لك هناك. زاد استغراب الرجل ليقسم للطبيب بأنه لم يذهب لطبيب آخر أو يتناول أي دواء، وإنما ربنا الشافي المعافي قد كتب له الشفاء بسبب دعاء امرأة عجوز «فما تقدمون لأنفسكم من خير تجدوه عند الله فهو خير وأعظم أجرًا».
فلا يجب أن نستهن أبدًا بعمل الخير حتى لو كان صغيرًا، فقد يكون أثره كبيرًا، وصدق رسولنا الكريم الذي قال: (((«داووا مرضاكم بالصدقة».
نعم.. نستطيع أن نجعل حياتنا جميلة بفعل الخير للآخرين، فقد يرد إلينا بدعوة صادقة، فالدعاء عندما يكون خالصًا لله، له أجر عظيم.

قبل الأخير..
رفع كل من يحب صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الأكف حمدًا وشكرًا لله على سلامة والدهم وحبيبهم وذخر وطنهم، بمجرد أن نشرت على «السوشيال ميديا» صورة الأمير خليفة مشفوعة بعبارة رقيقة «الحمد والشكر لله على السلامة يا بو علي فأنت ذخر البحرين وشبعها».. ولطالما سعدت مع تباشير العام الجديد بتعليقات الأصدقاء على ما نشرته، حيث تتالت الدعوات الخالصة من القلب لصاحب السمو الملكي بطول العمر ووافر الصحة، وأن يكون عام 2019 خير على البحرين بوجود والدهم الذي نذر عمره وحياته ومسيرته الناصعة لخدمة البحرين وشعبها، والعمل على رقيها، فهو قائد مسيرتنا الاقتصادية ومؤسس اقتصاد البحرين القوي، حيث استطاعت المملكة طوال سني توليه منصب رئيس مجلس الوزراء من تجاوز التحديات وإنجاز العديد من المشروعات والبرامج التنموية وتحقيق الخطط الطموحة لكافة برامج الحكومة. ويكتب لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة أنه عقل البحرين الذي تمكن من إنجاز الأهداف المنشودة والبرامج والسياسات بما يضمن الاستثمار الأمثل لموارد الدولة فى خدمة أهداف التنمية الشاملة.
 حقًا يستحق صاحب السمو الملكي الأمير خليفة، خالص دعواتنا له بدوام الصحة، ويكفيه رصيده من حب شعب البحرين والشعوب العربية كافة لسموه، فهو صاحب المجهود الوافر والعطاء ولا يزال يواصل مسيرة المجد والنماء والخير..«حقًا دمت ذخرًا لنا يا أبا علي».