صدى العرب : كما تدين تدان.. وكما تصنع تجازي (طباعة)
كما تدين تدان.. وكما تصنع تجازي
آخر تحديث: الإثنين 31/12/2018 04:53 ص
أحمد المرشد أحمد المرشد
 
أيام قليلة ويحل علينا العام الجديد2019 ، عام نتمناه أن يكون ورديا وسعيدا علي وطننا العربي الكبير الذي قسمته الحروب وفرقت بين شعوبه، عام نتمناه بعيدا عن الصراعات والنكبات وويلات الحروب والدمار والخراب الذي حل ببعض بلدان الوطن العربي.. وربما تحضرني قصة قصيرة عن "بائع الزبدة" أود أن أسردها لتكون مدخلا لأمنياتي في العام الجديد، ويحكي أن رجلا فقيرا لم تتح له فرصة عمل ليعتاش منها، فما كان من زوجته إلا أن عرضت عليه بيع الزبدة التي تصنعها لمحل البقالة الذي يشتري منه مواده الغذائية. ووافق الرجل وعرض بضاعته علي البقال الذي وافق علي الفور واتفقا علي أن يبيع له مقدار محدد كل فترة، مقابل شراء حاجات المنزل من البقالة. 

وكانت الزوجة تصنع الزبدة علي شكل كرة وتزن الواحدة منها كيلوجرام بالضبط، وذات يوم شك صاحب محل البقالة في وزن كرات الزبدة ليكتشف فعلا أن وزن الكرة 900 جرام وليس كيلو كما هو الاتفاق،فغضب بشدة وقرر مقاطعة شراء الزبدة من الرجل ولكن بعد نهره علي فعلته هذه، فكيف يغشه في الوزن وهو الذي أتمنه علي هذا.
 
وبعد عدة أيام جاء الرجل ومعه بضاعته الجديدة من كرات الزبدة، إلا أنه فوجئ بغضب البقال وقراره بعدم التعامل معه بعد اكتشافه واقعة الغش في الميزان، وأسمعه مالا تحمد عقباه مثل :" أتغشني بعدما أستمئنتك أيها الغدار"، وردد علي مسامعه "سورة المطففين" ..} وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ ﴿١﴾ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ﴿٢﴾ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَووَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ﴿٣﴾ أَلَا يَظُنُّ أُولَـئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ ﴿٤﴾ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿٥﴾ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٦﴾ّ{.
 
فنكس الرجل الفقير رأسه وقال للبقال بصوت مخنوق :" نحن لانملك المال لشراء الميزان".  وحكي للبقال كيف يوزن كرة الزبدة، فهوقد اشتري منه في بداية التعامل معه كيلو سكر، وبما أنه لم يكن يملك أية نقود ليشتري بها ميزانا خاصا به،فقرر جعل كيلو السكر هذا معياره في الميزان ومثقالا للزبدة.. فبهت البقال من كلام الرجل، ليتعلم درسا قاسيا وغاليا في آن واحد ، مفاده "أن مكيالك سيكال لك به وكما تصنع تجازي".
                                                                                                      
ونحن علي أعتاب العام الجديد 2019 ، نقول لحكام الدول التي تتنازعها الحروب وويلاتها:"كما تدين تدان..وكما تصنع تجازي" ،فلكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه، وهذا يتفق أيضا مع حكاية بائع الزبدة، فلن يهرب حاكم بما فعله في شعبه من دمار وخراب.
 
أيام قليلة ويحل علينا العام الجديد 2019 ، نتمني أن يدرك حكام الدول مدي الظلم الذي تعرضت له شعوبهم، غير أننا نحلم نحن أبناء الشعوب العربية المجيدة أن تعود البلدان التي دمرتها حروبها الأهلية والمذهبية والعرقية والقبائلية، الي خرائطها التي عهدناها منذ نعومة أظافرنا حيث حفظنا تلك الخرائط وكنا نستطيع أن نرسمها من الذاكرة، تلك الذاكرة التي كادت تضيع بسبب استمرار الحروب التي اجتاحت سوريا والعراق واليمن وليبيا.
 
أيام قليلة ويحل علينا العام 2019، نتمني فيه علي الأخوة قيادات الشعب العراقي أن يفتحون صفحة جديدة  مع شعبهم الذي عاني مرارة الاغتراب داخل بلده، حتي وإن لم يغادرها، وكيف يغادرها وهو لا يملك قوت يومه ليهاجر ويبدأ حياته في بلاد المهجر كما فعل أسلافه من قبل. نتمني علي قيادات العراق أن تعود الي رشدها لتحكم بالعدل وبما يمليه عليها الواقع العراقي وليس واقع إيران التي باتت ترسم سياسات بلاد الرافدين وسوريا وتتدخل في شؤون دول الخليج وتواصل تهديدنا بإغلاق مضيق هرمز، هذا الشريان الرئيسي الذي ينقل معظم صادرات النفط الي دول العالم. وعلي قيادات العراق أن يعوا ما تم قبل أشهر في المحافظات الجنوبية بالعراق الشقيق "البصرة، ذي قار، النجف،بابل، كربلاء، ميسان والديوانية" منثورة شعبية في مدن ذات أغلبية شيعية، ضد السيطرة الإيرانية علي الشؤون الداخلية لبلدهم، فتم إشعال النيران في  الأحزاب والميليشيات الموالية لإيران لتفقد شرعيتها في الشارع، ولم تسلم حكومة حيدر العبادي وقتها من هجمات سكان الجنوب لتقع في مأزق كبير.

 لقد كانت احتجاجات المدن الشيعية بمثابة رسالة لأركان الحكم بضرورة أن يدار العراق لمصلحة العراقيين أنفسهم وليس لمصلحة آيات قم. ولم يسلم من غضب الشارع العراقي أمراء الحرب في العراق وأذرع إيران، الذين سيطروا على السلطة في العراق منذ2003، وفشلوا في الحكم. وحتي لا نطيل في الشأن العراقي، نتمني من القيادة العراقية الجديدة أن تنهي الحكم الطائفي بلا رجعة ليعود العراق عراقنا جميعا، وأن ينتهي حكم إيران للعراق.
 
و أيام قليلة ويحل علينا العام الجديد، نتمني لسوريا دمشق وحلب واللاذقية وإدلب أن تعود كما كانت قبل 2011 وطنا واحدا وليس عدة أوطان لعدة قيادات وجيوش، منها ماهو روسي وآخر تركي وثالث إيراني ورابع ميليشيات من كل أجناس الأرض.. نتمني أن تعود سوريا لتكون عاصمتها دمشق من جديد وأن تدارمن قلب دمشق الجميلة وليس من عواصم عدة، موسكو وطهران وأنقرة، وربما نتوجه بسؤال الي القيادة السورية :"ألم يحزنك قول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرئيس التركي رجب طيب أردوغان (سنسحب الجيش الأمريكي من سوريا..فسوريا قد أصبحت لك)؟"..ألم يحزنك هذا القول حقا؟ وإن لم يحزنك فمتي تحزن علي أوضاع شعبك الذي بات مشردا ولاجئا ومهاجرا في بلاد العالم؟.. حقا، نتمني أن تعود سوريا الشام كما كانت قبل 2011، تلك الدولة التي تشتهر بين الدول العربية باكتفائها الذاتي من المواد الغذائية، ولم تكن بحاجة لاستيراده من الخارج سوي الأسلحة، تلك الأسلحة التي قضت علي الأخضر واليابس في عاصمة الدولة الأموية المجيدة.
 
ونحن علي أعتاب عام جديد،  سنظل متفائلين بالأيام المقبلة رغم ما شهدناه في العام الحالي من قتامة وسيطرة سلطة "ولاية الفقيه" علي دول عربية  كانت عصية علي الاستسلام مثل اليمن الشقيق  وليبيا الاباء. الا أنه لا يزال يحدونا الأمل علي هزيمة الأوضاع الحالية،لأننا نحلم بغد آمن مستقر، يسعد فيه الأبناء عما عجز الأباء عن فعله.. ونتمني في العام الجديد 2019 انتجف منابع الإرهاب التي أغرقت بعض بلداننا العربية عنفا وكراهيةً، نتمني أن يعم  السلام والحب والخير بين القادة وشعوبهم، بعد أن زرعوا بذور الإرهاب والفتنة والضغائن في أوساط شعوبهم، ليقسموها ما بين عربي وكردي ويزيدي ودرزي وسني وشيعي. لقد مللنا واقعنا العربي الملئ بالقتامة والحزن وغياب الحلم والتفكير العقلاني السوي الذي يرفع رأس الإنسان العربي ليعود لسابق مجده، فالمجد صناعتنا، وبالعمل الجاد  نتطلع الي مستقبل مشرق محملا بالأمل.

قبل الأخير..

ما سأقوله الآن لا يتعارض مع أمنياتي التي سبق وذكرتها، ولكن امراً من الواجب الرد علية بعد ان تطاول  المدعو نوري المالكي رئيس وزراء العراق الأسبق الذي ضيع بلاده وجعل لداعش اليد الطولي فيها بخنوعه التام لإيران التي ساندته طوال سني توليه منصبه التي لاينساها العراقيون علي مر التاريخ حيث عاثت حكومته في الأرض فسادا وظلما لشعب بلاد الرافدين..فالمدعو الذي يرفض قلمي تكرار  ذكر اسمه  لأنه لايستحق ذكره، إدعي زورا وبهتانا أنمطالب فئة ضالة تنكرت للوطن الذي قدم لهم الحب فكافؤه بالنكران والتحالف مع الشيطان  المحسوبين للاسف علي الشعب البحريني – ان لهم الحق في  المطالبة  بما يدعونه حقوقهم ولا نعلم عن أية حقوق لعصابات صنفو كإرهابيين  بإشادته بمطالبهم في حق تقرير المصير وان  العصر عصر شعوب وليس حكومات!..ولهذا الشخص نقول إن مملكة البحرين  ذات سيادة وان شعبها الذي يلتف حول قيادته وحكومته  اشد ما  يؤلمه حقا هو أن يري حكومات مثل حكومته سابقاً   تقف مع حكام إيران  حيث أنه خضع لهم تماما وسلبوه أعز ما يملك حاكم وهو الاعتزاز بسيادة بلده، وهو لم يفعل ذلك بل سلم العراق علي طبق من ذهب  للإيرانيين.. ويبدو أن هذا المدعو قد نسي أنه قاد الحروب،ليس ضد الأعداء، وإنما ضد شعبه الذي ثار ضده أكثر من مرة، واعتقدأنه لا ينسي ثورات سكان المحافظات الجنوبية ضد فساده ورعونته.
 
ولهذا المدعو ((بياع السبح ))نقول:" اللي بيته من زجاج لا يقذف الناس بالحجارة".
                  "فكما تدين تدان " 

حمي الله البحرين وشعبها من كل شر ومكروه وجعل كيد اعدائها في نحورهم  .
وعام يملؤه الخير والسعادة والأيام الأجمل .

احمد المرشد
كاتب ومحلل سياسي بحريني