صدى العرب : تقنين التجارة الالكترونية وكيفية إخضاعها للإدارة الحكومية (طباعة)
تقنين التجارة الالكترونية وكيفية إخضاعها للإدارة الحكومية
آخر تحديث: السبت 22/12/2018 03:08 م محمد الشناوي


أنّ سوق التجارة الإلكترونيّة في مصر شهدت نموّاً كبيراً سواء أكان على مستوى حجم المبيعات أم عدد المتعاملين في هذا المجال خلال عام 2017، موضحاً أن المعاملات الإلكترونيّة خلال عام 2017 بلغت قيمتها المالية بين 4 و5 مليارات دولار، مستبعدا أي انعكاسات سلبية للإجراءات الاقتصادية، التي شملت تخفيض الدعم على السلع الأساسية وتحرير سعر صرف العملة، على توسع سوق التجارة الإلكترونية "إنّ عمليّة البيع والشراء الإلكترونيّة تقل أسعارها عن المنتجات في الأسواق التقليديّة لأن تكلفة إيجار المحال عالية للغاية، مقارنة بالعرض على المواقع الإلكترونيّة والتخفيضات الدائمة على المنتجات إلكترونيّاً". 

ان الاقبال المتزايد على استخدام شبكة الانترنيت في شتى المعاملات خاصة في مجال عقود التجارة الالكترونية , وما يترتب على ذلك من إشكاليات قانونية مما قد تؤدي الى منازعات بين أطرافها ، والتي غالبا ما تختلف اماكن تواجدهم و جنسياتهم ، يضاف لهم الطرف الثالث وهو الوسيط وكذلك مزود خدمة الانترنيت وهذا يكون مجهولا في بعض الاحيان-عندما يكون شخصا افتراضيا- لذا لابد من تحديد القانون المختص في حل مثل تلك المنازعات بما يؤمن ويضمن الحماية  الواجبة لحقوق الافراد خاصة المستهلكين منهم.

وهذا يقتضي البحث عن جيل جديد من القواعد التي تتناسب مع طبيعة العلاقات الالكترونية وما ينشا عنها من تنازع بين القوانين , لسد النقص الحاصل عند عجز بعض قواعد الاسناد التقليدية على تعين القانون الواجب التطبيق في حالة عدم تحديده من قبل الاطراف صراحة او ضمناً, ولابد من التساؤل عن مدى صلاحية القواعد المادية للتجارة الالكترونية  لحل مشكلة تنازع القوانين في اطار العقود الالكترونية.

 وقد أظهرت نتائج استطلاع أجرته شركة فيزا بالتعاون مع الاتحاد العام للغرف التجارية بمصر، أن أكثر من نصف المواطنين المصريين (53%) باتوا من المتسوقين الدائمين عبر شبكة الإنترنت، حيث أن واحد من أصل كل عشرة مواطنين يستخدم المواقع التجارية الإلكترونية بصورة يومية تقريباً مقابل 47% ممن يتسوقون عبر الانترنت كل 2-3 أسابيع أو أقل.

فإن شريحة الشباب تمثل النسبة الأكبر من المتسوقين عبر شبكة الإنترنت، حيث يقوم 63% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاماً باستخدام الإنترنت للتسوق مرة واحدة أسبوعياً على الأقل، وهم كذلك الأكثر إنفاقاً، حيث أفاد قرابة ثلثهم (31%) بأنهم ينفقون 5 آلاف جنيه أو أكثر شهرياً، وبلغ متوسط الإنفاق الشهري لجميع الفئات العمرية 3758 جنيهاً. كما حققت السلع الاستهلاكية النسبة الأكبر من المتسوقين، إذ حلت أربعة منها على رأس السلع والخدمات العشر الأكثر شراءً عبر الإنترنت، وهي السلع الإلكترونية (64%)، والملابس (44%).

ومنتجات العناية الشخصية (34%)، والكتب (33%). وجاء إلى جانبها خدمات السفر والترفيه، حيث يعمد أكثر من 40% من المصريين إلى شراء تذاكر الرحلات الجوية وحجوزات الفنادق عبر الإنترنت. أن القانون المدني المصري يقرر أن " العقد شريعة المتعاقدين " ومن ثم فإن عقود التجارة الإلكترونية يمكن التفاوض عليها وابرامها وتنفيذها في جمهورية مصر العربية في ظل التشريعات السارية نهوضاً على المبادئ التعاقدية التي يتفق عليها أطراف التعاقد ومثل هذا العقد يجب أن يشمل النواحي الموضوعية بالإضافة إلى الشروط والأركان التي استلزمها القانون فطبقاً للقوانين المصرية السارية يعد العقد الإلكتروني صحيحاً وقائماً طبقاً لإرادة المتعاقدين وفى ظل النصوص التعاقدية الاتفاقية مالم يتعارض مع النصوص التشريعية الآمرة الموجودة في القانون المصري وكذلك مالم يتعارض مع النظام العام والآداب . أن سوق التجارة الإلكترونية في مصر تنقسم إلى جزء منظم لا يزيد عن 2% من حجم التجارة كلّها، وهو الجزء الذي يتمثل في شركات لها مقرات ومسجلة في هيئة الاستثمار، كحال شركته، التي تعرض المنتجات على موقعها الالكتروني، وبالتالي فهي تخضع لقانون الضرائب المصري، الذي يُحدد نسبة الضريبة بناءاً على حجم مبيعات الشركة.

فالكتابة هي الأسلوب الذي يتم من خلاله التعبير عن الإرادة بشكل مادي ظاهر في شكل معادلات خوارزمية تنفذ من خلال عمليات إدخال البيانات وإخراجها عبر شاشة الحاسوب، والتي تتم عن طريق تغذية الجهاز بهذه المعلومات بواسطة وحدات الادخال والتي تتبلور في لوحة المفاتيح أو استرجاع المعلومات المخزنة في وحدة المعالجة المركزية.

لم تقف مصر بمعزل عن ذلك التطور الحادث في مجال التنمية التكنولوجية بوجه عام والتجارة الإلكترونية بوجه خاص، ومن الناحية التشريعية كان الحرص على إعداد تشريع متكامل ينظم مختلف جوانب هذا النوع من التجارة مسترشدة في ذلك بما سبق وضعه من تشريعات نموذجية صادرة من الهيئات الدولية المعنية أو تشريعات بعض الدول التي كان لها السبق في هذا المجال على النحو السابق الإشارة إليه في الفقرة السابقة.

ومن هذا المنطلق أصدر السيد المستشار وزير العدل القرار رقم 705 لسنة 1999 بتشكيل لجنة لإعداد مشروع قانون بتنظيم التجارة الإلكترونية على أن تضم اللجنة مستشارين من وزارة العدل وخبراء من وزارة التجارة والتموين ومصلحة الجمارك ووزارة الخارجية ووزارة المالية بالإضافة إلى أعضاء اللجنة الاستشارية للإصلاح التشريعي.

وقد انبثقت عن هذه اللجنة لجنة مصغرة بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء صدر بتشكيلها قرار من السيد رئيس المركز ضمت فريقاً قانونياً وفنياً جمع الخبرات القانونية المتميزة في مصر في كافة النواحي المرتبطة بالقانون التجاري كما جمع الخبرات الفنية فى مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار مما أسهم في وضع مشروع متكامل للتجارة الإلكترونية جمع بين الرؤية الواضحة والدقيقة للمسائل القانونية والمواكبة الواقعية للتطورات التكنولوجية الدائمة والمتسارعة.

تصدى المشروع المقترح لهذا الموضوع باستحداث نصوص تتعامل مع التجارة الإليكترونية دون تعديل القوانين المنظمة للقواعد العامة وذلك بغرض التيسير وتفادى إطلاق يده بالتعديل في نصوص الأصل فيها أن تكون ثابتة، مع ترك المسائل التقنية المتغيرة لتشريع خاص بحيث يسهل مراجعته من آن إلى آخر في ضوء المتغيرات المتلاحقة.

ولم يشأ المشروع أن يضع الضوابط التقنية للمعاملات الإليكترونية في صلبه بل أحال إلى لائحة تنفيذية تفصل فيها هذه الضوابط بصورة تسهل على واضعها الإضافة إليها كلما كان ذلك مناسباً لضمان أعلى حماية تقنية للمتعاملين إليكترونياً.

وقد استهدى المشروع في أحكامه أساساً بالقانون النموذجي الذي وضعته لجنة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية UNCITRAL، وقد نهل منه واضعوا المشروع باعتباره قانوناً نموذجياً حظي بموافقة تلك اللجنة الدولية رفيعة المستوى.

وقد استعان واضعوا المشروع في عملهم بقوانين التجارة الإليكترونية العربية والدولية مثل قانون سنغافورة الصادر عام 1998 وقانون الهند الصادر عام 1998 وقانون لوكسمبورج الصادر عام 2000 والقانون التونسي الصادر عام 2000 وقانون الولايات المتحدة الأمريكية في شأن التوقيع الإلكتروني في التجارة العالمية والوطنية الصادر عام 2000، فضلاً عن استعانتهم بالقرارات الصادرة في إطار الجماعة الأوروبية وهما القرار رقم 93/1999 الصادر في 13 ديسمبر 1999 والقرار رقم 31/2000 الصادر بتاريخ 8 أغسطس 2000.

 كما استقى المشروع أيضاً من القانون النموذجي الصادر بقانون الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 51/162 بتاريخ 16 ديسمبر 1996 فضلا عن التعديل الجديد للتقنين المدني الفرنسي الصادر بالقانون رقم 230 لسنة 2000 في شأن أحكام قانون الإثبات مع تقنيات المعلومات والتوقيع الإلكتروني.

 ولم يغفل واضعوا المشروع أيضاً الرجوع إلى القانون الأمريكي للأمن الإلكتروني الصادر عام 1999 لكونه معبرا عن الاتجاهات الحديثة في موضوع من أهم موضوعات التجارة الإلكترونية ألا وهو التشفير.

 ان الطبيعة العالمية وغير المادية للتجارة الالكترونية، حيث لا مكان محدد يمكن تطبيق قانونه مما يتطلب قانوناً خاصاً يحكمها، بما يحقق الامان القانوني الذي ينشده المتعاقدون، وهل ان هذا القانون وطني؟ أم انه قانون عالمي جديد؟، لذلك اتجه الكتاب في القانون الدولي الخاص إلى مجموعتين:

الفريق الاول: ذهب الى تطبيق قواعد الاسناد بنوعيها (التقليدية والمرنة)، والتي تعد الطريقة التقليدية في حل تنازع القوانين، بسبب اتصال المعاملات التجارية الإلكترونية بالعديد من الدول مما يضفي الصفة الدولية على عقودها، على الرغم من الصعوبات والعقبات القانونية التي تواجه تطبيقها خاصة تلك التي تعتمد على الضوابط المكانية.

اما الفريق الاخر فأنه ينادي بضرورة تطبيق قانون غير وطني، من خلال العمل على ايجاد قواعد مادية تطبق مباشرة لحل منازعات التجارة الإلكترونية، مستنداً في ذلك لسببين، الأول هو خصوصية النزاعات التي تميز التجارة الإلكترونية عن غيرها، والثاني يشير إلى العيوب التي تؤدي اليها تطبيق قواعد الاسناد في حل تنازع القوانين، مما دفع التشريعات الوطنية والدولية والمنظمات الدولية ذات العلاقة اضافة الى مجتمع الانترنت، للعمل على خلق القواعد المادية للتجارة الالكترونية.