صدى العرب : هـل توجد فرصة أخيرة؟ (طباعة)
هـل توجد فرصة أخيرة؟
آخر تحديث: السبت 15/12/2018 06:09 م
أشرف كــاره أشرف كــاره
إستكمالاً للعديد من الأحاديث التى تناولناها من قبل – سواء من خلالى أو من الزملاء الكتاب بمجال السيارات – عن تداعيات إتفاقية التجارة الحرة الأوربية ... لا يزال اللغط والإنقسام بين الأطراف فى السوق فى حالة من التزايد ، ولكن من وجهة نظرى ليس المهم هو تسليط الضوء الآن عما إذا كانت أسعار السيارات سوف تنخفض أم ستبقى على حالها ... أو حتى سترتفع ، ولكن المهم الآن أن نشير إلى ما قد سيصبح عليه سوق السيارات المصرى بعد التطبيق التام لهذه الإتفاقية؟!

لقد كانت فرصة "مصر" عظيمة منذ بداية الشروع فى التطبيق المرحلى للإتفاقية – منذ عام 2010 – لأن تؤهل صناعة سياراتها وصناعة (الصناعات المغذية للسيارات) للوصول خلال هذه السنوات العشر إلى مصاف التنافسية العالمية كما فعلت العديد من دول العالم وأقربها (التجربة التونسية) بقطاع الصناعات المغذية ، إلا أننا فشلنا – بجدارة – فى إستثمار تلك الفرصة بالشكل الأمثل بسبب تدنى مستوى إدارتنا لمواردنا المتاحة وتعمدنا على إبقاء الكوادر الفاشلة القديمة فى إدارة هذه الدولة . و فى الوقت نفسه الذى فشلت فيه مصر بإستقطاب أو التعاقد مع عدة شركات تصنيع سيارات عالمية لإنشاء مصانع إقليمية لها على أرض مصر بسبب الإصرار على عدم تشغيل العقول لما فيه مصلحة هذه الدولة ، حيث لا تهدف هذه المصانع فقط لتغطية إستهلاكات السوق المحلى فحسب ، بل والتصدير إلى الأسواق القريبة أيضاً (وذلك مثل التجربة المغربية والجزائرية اللتان حققتا نجاحاً ملحوظاً مع كل من رينو وبيجو الفرنسيتين ) ، بل أن حتى الشركة العالمية الوحيدة المتواجدة على أرض مصر بنسبة 100% مع نموذج "شركة نيسان" ، فهى لم تصل حتى الآن إلى المستويات الصناعية العالمية المنشودة والتى تهدف لتغطية إحتياجات السوق المحلى والتصدير بنفس الوقت؟!

على الجانب الآخر ، نسمع هذه الأيام – وبعد فقدان كل هذه السنوات هباءاً – بأن هناك توجهاً لتصنيع سيارة مصرية 100% ، أو التوجه نحو إستقطاب شركات جديدة للإستثمار الصناعى فى مصر (وهو الأمر الذى أشك فيه بقوة ، بسبب ما قدمته حكومات هذه الدولة خلال السنوات السابقة .. وبسبب الرؤيا العامة للحركة التشريعية خلال الأعوام الأخيرة من جانب آخر) ، فكيف لدولة ترغب فى إستقطاب إستثمارات جديدة تتميز بضخامتها بأن تشرع بمثل هذه المشروعات وهى لا تقدم أراضى وتيسيرات ضريبية متوسطة الأجل وهى الأهم بين عوامل إستقطاب المستثمرين الجدد من شركات تصنيع السيارات العالميين؟ فيكفينا إعلان "مرسيدس – بنز" عن عودتها للإستثمار فى منطقة خليج السويس الإقتصادية منذ عامين – بحسب تصريح الفريق / مهاب مميش – ولا جديد حتى الآن.

إننا الآن بمفترق طرق واضح وصارخ عما سيكون عليه حال سوق السيارات المصرية من الناحية الصناعية والتجارية ، فالوضع الحالى لا يترك لنا سوى ثلاثة خيارات للإستمرار قدمأ فى هذا القطاع وهى:

• فتح المجال للشركات العالمية وبلا قيود (تقريباً) لمحاولة إستدراك ما فقدناه من فرص خلال السنوات الماضية ... وهو ما أشك فيه أن يحدث.

• العمل على خلق تكتلات إندماجية بين شركات تصنيع السيارات القائمة وكذا شركات تصنيع الصناعات المغذية للسيارات (كما فعل كبار المصنعين على مستوى العالم) ... مع المسارعة بتنفيذ قانون إستراتيجية السيارات المنتظر ، وهو أمر يصعب تحقيقه نسبياً فى ظل ثقافة وتوجهات رجال الصناعة المصريين المتخصصين – بشكل عام - بسبب بحثهم عن المصالح الشخصية أولاً.

• وأخيراً ، الرضا بالواقع المؤلم وهو التسليم بأننا وقعنا بشدة فى فخ الإستيراد.

إنها رؤى خاصة تعبر عن وجهة نظر ، يتفق معها من يتفق .. ويختلف معها من يختلف ، ولكنها فى النهاية تهدف لمحاولة النهوض بهذه الصناعة التى تعد إحدى قاطرات الإقتصاد بهذا البلد العظيم.