صدى العرب : مستقبل العلم في الواقع الحقيقي والافتراضي (طباعة)
مستقبل العلم في الواقع الحقيقي والافتراضي
آخر تحديث: الأحد 21/10/2018 11:11 ص
القبطان محمود المحمود القبطان محمود المحمود
سؤال طرأ في ذهني حول مستقبل العلم في الواقع الحقيقي والافتراضي الذي نعيش فيما بينهما الآن.. هل يمكن أن يصبح الإنترنت مصدرا للتعليم وبالتالي مصدرا للشهادات العلمية ومكانا يمكن التعويل عليه في توظيف حاملي هذه الشهادات؟.. ربما تكون الإجابة الحالية هي لا بالطبع لأن تلك الشهادات المنتشرة بملايين الطرق على الشبكة العنكبوتية هي شهادات غير موثقة ولا يعتمد عليها في التوظيف ولا تعتد بها المؤسسات التعليمية العريقة أو الحكومية، لكن ماذا عن المستقبل.
فلقد كان الإنترنت ووسائله في بداية الأمر يتم مهاجمتها على أنها مصادر غير موثوقة، ونضرب مثالا هنا عند بداية انطلاقة تويتر وفيسبوك وانستاغرام ويوتيوب، التي لم تكن سوى منصات للأفراد من المجتمع وانتشرت لتلهث وراءها أكبر المؤسسات الإعلامية في العالم وتتخذ منها مواقع ثابتة لها وتستمد من الناشرين عليها مصادر المعرفة والمعلومة، فلماذا لا ينطبق الأمر كذلك على العلوم والمعرفة، ولماذا لا يكون للمؤسسات التعليمية نفس السيناريو الخاص بالإعلام، فنرى لهم شهادات يمكن الحصول عليها عبر الهواتف الذكية.
الفكرة ربما تحتاج لبحث بل وأبحاث كثيرة قبل التطبيق الفعلي، ولكن علينا المبادرة والابتكار، قبل أن تصبح واقعا في الغرب ثم نأتي كعادتنا تابعين لهم في مجرد فكرة بريئة يمكن أن يطرحها طالب جامعي أو حتى إنسان عادي فتنطلق كما انطلق يوتيوب بمقطع فيديو لحفل عرس نشره أصدقاء، ثم بات اليوتيوب موقعا تلجأ إليه أعرق الفضائيات الإخبارية لبث موادها عليه.
لقد هزت قضية الشهادات الأكاديمية المزورة منطقة الخليج وربما ننتظر المزيد الذي ستكشف عنه الأيام في هذا الصدد، لكن تولد الأفكار والمبادرات من رحم الأزمات، وما كان الاختراع إلا وليد الحاجة، ونرى اليوم في العالم أصحاب مشروعات مثل فيسبوك وأوبر وتويتر وغيرها بميزانيات مليارية تتجاوز ميزانيات دول.
لقد سعى سمو ولي العهد منذ سنوات لإنشاء بنية تحتية لشبكة الاتصالات تهدف لأن تجعل البحرين منطقة جاذبة للأعمال البرمجية والمشروعات المعتمدة على الشبكة المعلوماتية، ولقد نجحنا لمرحلة جيدة في استقطاب شركات عالمية مثل ميكروسوفت، ونرى أيضا جهودا كبيرة في خدمات الحكومة التي توفرها الحكومة الإلكترونية وتقوم بتطويرها يوما بعد آخر، ويمكن أن تدخل الجامعات والمؤسسات التعليمية على الخط في طرح شهادات معتمدة على شبكة الإنترنت.
هذه مجرد فكرة ومقترح يحتاج للبحث والدراسة ووضع الضوابط والآليات التي تضمن للدارسين والباحثين، شهادات معتمدة يمكن أن تخدم في سوق العمل وتضع البحرين على بوابة جديدة من مستقبل العلم والمعرفة والتدريب، ويمكن إيجاد السبل التي تحل معضلة الحضور والاعتمادية وأعتقد أن الحكومة الإلكترونية لديها من الأفكار ما يستطيع أن يضع الضوابط المناسبة.
إن مشكلة التوظيف وما يتطلبه من تدريب خاص للوظائف وشهادات ربما غير موجودة في البحرين، يستلزم على المسؤولين البحث عن طرق لحل المشكلة بعيدا عن الابتعاث أو انتداب مدربين ومتخصصين، يمكن أن يمنحوا خبراتهم عبر الإنترنت للطلبة، وبالتأكيد سيوفر هذا الأمر الكثير من الأموال على الدولة وعلى المتدربين، حيث ستضمن الدولة اعتمادية الشهادة وتوفير المدرب أو المعلم المعروف عالميا وبأقل تكلفة على الجانبين.
دعونا نضع الأفكار على الطاولة ونبحث عن طرق تنفيذها على أرض الواقع، ونبحث سلبيات وإيجابيات المشروع ثم نضع حلولا للمعوقات لعلها تصبح فاتحة خير على أبنائنا الخريجين من الباحثين عن عمل دون جدوى، ولعلها أيضا بادرة لإطلاق مشروع غير مسبوق في العالم العربي.. على الأقل.