صدى العرب : خلال جلسة الكتابة عن الحروب محمود أبو العباس: ما يحدث في العراق تراجيدا مأساوية (طباعة)
خلال جلسة الكتابة عن الحروب محمود أبو العباس: ما يحدث في العراق تراجيدا مأساوية
آخر تحديث: الخميس 20/09/2018 10:28 ص حسين العوامى

بدأت  ندوة الكتابة عن الحروب والتي تقام ضمن محور المسرح تحت دوي القنابل بالمحاور الفكرية لمهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبي والمعاصر فى دورته ال25 دورة اليوبيل الفضى بالمجلس الاعلى للثقافة 
قال الممثل والمخرج والباحث والكاتب المسرحي العراقى  محمود أبو العباس فى ورقته البحثية "تراجيديا العراق.. أسئلة المسرح والحرب"
منذ بدايات المسرح العراقي كانت المسرحيات المقدمة تعتمد على أبطال الفتوحات والحروب وكأنها تستنهض روح القتال حتى في أيام السلم ، لذا تستعير الكثير من الشخصيات التي خطت التاريخ بالدماء لتقديمها شواهد للفخر ، وهذا النمط من المسرحيات يستعان به بسبب قوة الفعل الدرامي فلا أقوى ولا أتعس من فعل الحرب .
التاريخ كتب لنا لغة خاصة بالغزوات والقتل والدمار والخيانة ولم يحفظ لنا إلا القليل من ما فاضت به قريحة العلماء الذين أسسوا للحضارة في العراق في الحرف والكلمة والعلم والثقافة والفنون الجميلة . وهذا التاريخ أنعكس على أشد الحروب قسوة في العصر الحديث والتي كانت من نصيب العراق حين فتح جبهة للحرب في بداية ثمانيات القرن الماضي ولنا فيها أمثلة وشواهد تدلل على ذلك الامتداد التاريخي وصولاً للزمن الحالي . 
ففي التاريخ الحديث برزت حروب الانفصال في شمال العراق ثم الحروب الطويلة وهي الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988 والاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 . وهذا التاريخ ألقى بظلاله الثقيلة على الحياة في جميع جوانبها ومنها المسرح .
 فقد شهد المسرح تغييراً ملحوظاً في التعاطي مع هذا الكابوس الذي مازال جاثماً على العراق حتى انقسمت الحرب إلى أقسام .. منها حروب على الجبهات (خارجية ) ومن ثم الاحتلال الأمريكي  للعراق حيث انتقلت الحرب ( داخلية ) ، ففي الأولى كان المسرح يكتفي بالانطباع ، أما الثانية فهي معايشة حقيقية يومية .
الأولى : كانت النصوص تخالجها العاطفة، فالمؤلف يقوم باستثمار اللغة كوسيط تعبيري لبث شجون الحرب على النفس ، فتكتب بلغة قريبة للشعر تحاول أن تسد النقص الحاصل في التأثير  .
الثانية  : اختفت فيها الصورة الشعرية أمام هول المآسي والدمار والتقتيل اليومي .
الأولى: يكون المعادل فيها للمشهد المنقول متأثراً بالإعلام أحياناً أو بالسرد الذي يقوم به الجنود المشاركين في الحرب ، لذا يشترك خيال المؤلف في خلق علاقات لا تمت لواقع الحرب بصلة بل هي تجليات المراقبة.
الثانية : قسوة الفعل وضخامة المعايشة تنازل فيها الحوار عن شعريته إلى لغة اليومي المحكي  . 
الأولى : طغت على المسرحيات الخطاب التعبوي بسبب السياسة التي فرضت نمطاً تحريضياً لخدمة الأفكار والكلمات لخدمة " إدامة الحرب ".
الثانية : أنعطف الخطاب المسرحي باتجاه الرمز في إرسال شفراته المناهضة لفعل الحرب . 
في الأولى والثانية : المستفيد الأول من كل هذا الخراب المسرحيات الفارس كوميدي التي أعتمد على نمط ترويحي بقصد التخفيف من وطأة الحرب عبر نصوص تكتب بأسلوب البطل الكوميدي وهي خالية من الأهداف، عدا بعض النصوص الشعبية التي كان تحترم المتلقي وتحاول مسك العصى من المنتصف بين رضا الرقيب وحاجة الناس لأجواء الضحك، الأولى  كانت للكلمة سلطتها ،والثانية  كانت الصورة تنشأ سلطتها لتوازي هول ما يحدث أما النصوص التي قدمت خلال فترات الحروب المتتالية ارتكزت على ثلاث محاورـ الانتظار. ـالموت ـ الهجرة .. ولذا كانت المؤسسة الرسمية تفرض نمطاً يخدم سياسة الدولة الإعلامية فتحول المسرح من فن أنساني إلى أداة حكومية إعلاميه فكان ذلك الضغط قد بين لنا الكثير من النصوص التي حاولت كسر حاجز الصمت وبعض الكتاب آثر على نفسه الصمت وما بين"الصمتين" ضاعت قياسات التحدي الحقيقي في المسرح ليكون عنواناً حزبياً. أن دراسة النصوص المسرحية التي نهلت أو تأثرت أو أرشفت أو أعادت صياغة فعل الحرب الحكائي على لسان أبطاله الحقيقين تحتاج للكثير من التوقف لدراسة النماذج التي وقفت بذهول امام هول الحرب وصدمة مقاومة مغريات تقديم صور منه تشتت بسبب ضعف تصوير الأهوال أمام قسوة الإمساك بلحظة التأمل التي تغري المتلقي بمتابعة أحداث مر بها وألف خطبها في تدمير ذاكرته .