صدى العرب : خلال ندوة "التجريب على مستوى الفضاء المسرحى وسط انقاض الحروب" (طباعة)
خلال ندوة "التجريب على مستوى الفضاء المسرحى وسط انقاض الحروب"
آخر تحديث: الخميس 20/09/2018 10:28 ص كتب حسين العوامي
 

بدات الحلقة النقاشية "التجريب على مستوى الفضاء المسرحي وسط أنقاض الحروب" والتي تقام ضمن محور المسرح تحت دوي القنابل بالمحاور الفكرية لمهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبي والمعاصر فى دورته ال25 دورة اليوبيل الفضى بالمجلس الاعلى للثقافة 
وتحدث أ.د. مشهور مصطفى- لبنان - فى ورقته البحثية حول عنوان "المسرح والحرب والتجريب الملزم"
نحن  في  لبنان وخلال الأزمات الاجتماعية والحروب الأهلية الداخلية والحروب الخارجية، وجد المسرح نفسه وكذلك المسرحيون، أمام تحدّيات واضحة، قوية ومؤلمة: كيف يتم التعبير عن حدث طازج لا زال يتفاعل؟ ومتى؟ وأين؟ ثمّ ما هي الوسائل المتاحة تلك التي على مستوى بناء النص المسرحي وطريقة التعبير التمثيلي، ثمّ على مستوى صناعة العرض المسرحي ككل، بالإضافة إلى معاناة أهل المسرح خلال الإنجاز والإبداع؟
هذه الورقة سوف تتناول باختصار تجربتين مسرحتين رسمتا علامات فارقة خلال مسيرتي المسرحية كمخرج ومؤلف وسينوغراف، مع فريقي المسرحي ( مسرح النور) الذي تأسس عام 1978.التجربة الأولى عام 1987 خلال الحرب الأهلية اللبنانية والثانية عام 1997، إبان مجزرة قانا التي ارتكبها العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان آنذاك.
إنّ ما هو مشترك في هاتين التجربتين بروز تحدٍ واضح أمامنا كمسرحيين على مستوى النص: كيف نبني النص المسرحي المناسب ومن أين نستقي المصادر؟ وبأية لغة مسرحية نكتب؟
إنه نص نابع من قلب الحرب ومن قلب المعاناة البشرية، لا شك. أي كيف نصنع مسرحاً فنعبّر من خلاله في وقت تطفو فيه أشياء الحياة على سطحها لتصبح الحياة مسرحاً إبان الحروب والأزمات والغليان الاجتماعي الداخلي؟
عام 1987 كانت ولادة مسرحية " أسود ع أبيض" في ظروف صعبة جداً: القصف المدفعي المتبادل يومياً بين منطقتين لبنانيّتين والقنص المستمر والسيارات المفخخة في الشوارع.
   إذاً، ما يميّز هذه التجربة تجلىّ في التقنية الجديدة في الكتابة المسرحية وفي النص، ثم في معاناة المسرحيين بسبب صعوبة التنقل وبسبب صعوبة العمل في ملاجئ تحت الأرض إبان صيف حار..لا بدّ من ذكر أنّ مصادر ومعطيات كتابة وتشكّل النص آنذاك كان من خلال استخدامنا لمفردات الحرب الأهلية اليومية والتي تطالعنا بها الصحف: قصف، تساقط، ألهب، عنف، أشتدّ، تركّز، استمرّ، هدأ ....
ثمّ توسعت هذه المفردات نصاً مسرحياً من خلال ما بني عليها من تصورات وأفكار وحالات وتعابير مسرحية بناءاً على معطيين إثنين: ارتجال ضروري للأوضاع ثم اعتماد المؤلف الذي هو المخرج في الوقت ذاته مبدأ الكتابة النّصيّة الركحيّة: التصوّر الدائم هنا والآن للفعل والكلمة وللفضاء ولطرائق التعبير الصوتية والحركية للممثل..
العام 1997 ولدت مسرحية "حدود قانا" والتي عنينا بها الحدود النفسية وحدود العلاقات الإنسانية والحقوقية، أكثر مما عنينا بها الحدود الجغرافية، لتواجهنا أيضاً إشكالية بناء النص وتقنية كتابته، بالإضافة لطرائق التعبير لدى الممثلين عن الأوضاع العفوية لناس المجزرة، فكان أن طرقنا بابين:
باب تقنية الحوار في النص المبنية على الأحلام والكوابيس والصدمات الهلعية.
باب خلق الفضاءات المناسبة التي تحاكي فضاءات الحرب والمجزرة.
بالنسبة للباب الأول ( النص): كان لزاماً علينا القيام باستقصاء ميداني، حيث أجرى الممثلون وطلاب المسرح مقابلات ومعاينات للمكان وتسجيلات مصورة مع الأطفال والرجال والنساء الذين نجوا من المجزرة: الانطباعات والتصورات والذكريات والهواجس والأحلام والكوابيس التي يرونها ويعيشونها في كل ليلة، إضافةً للمعطيات الموجودة في الصحف التي صدرت تباعاً.
أما بالنسبة للباب الثاني ( الفضاء): فلقد اكتفينا بتصوير ونقل الفضاء الواقعي إلى خشبة المسرح، حيث تعذّر علينا استخدام الفضاء الأول لإجراء عرض مسرحي، وحاولنا من خلاله التعبير عن معاني الكوابيس والأحلام والتصورات لهؤلاء الناس الذين نجوا من المجزرة مع وجود تشوهات جسدية ونفسية لديهم، والذين فقدوا أحباء وأعزاء...
ونشير إلى أنّ التعبير التمثيلي استدعى العمل البحثي على إيجاد معادل فني للوضع السيكولوجي أي طريقة التعبير الفنيّة المسرحية عن الحالات النفسيّة واللغوية لدى هؤلاء.