صدى العرب : الليرة التركية.. عملة فقدت شرفها أمام الدولار (طباعة)
الليرة التركية.. عملة فقدت شرفها أمام الدولار
آخر تحديث: الثلاثاء 04/09/2018 05:29 م
أماني الموجي أماني الموجي

لا شك أن الاقتصاد المصرى شهد خلال السنوات الماضية حالة من التدهور لم تستطع الجماعة الإرهابية التعامل معها أثناء تولى المعزول محمد مرسى إدارة شؤون البلاد، وتفاقمت إلى أن ورثها الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى بدأ فى معالجة الأمور وعودتها إلى نصابها الطبيعى بحزمة إجراءات اقتصادية ساعدت على انتقال الاقتصاد المصرى من مرحلة التدهور إلى مرحلة التعافى وبدا ذلك من خلال الأرقام الواضحة التى أعلن عنها البنك المركزى، فى تجاوز الاحتياطى الأجنبى 44 مليار دولار لأول مرة.

خلال فترة التعثر الاقتصادى التى شهدتها البلاد، انطلقت عناصر الجماعة الإرهابية فى إطلاق الشائعات عبر منصاتهم الإعلامية وتحديدا الفضائيات التى تبث من قطر وتركيا، وبدأ يهللون لسيدهم أردوغان وقوته الخارقة فيما حققه للاقتصاد التركى، وما يعانيه الاقتصاد المصرى من أزمات، دون أن يدروا أن هناك قائدا حقيقيا جاء ليحمل على عاتقه مسؤولية البلاد بحس وطنى شريف كونه واحدا من مؤسسة تنبع منها الوطنية وهى المؤسسة العسكرية.

ظل الوضع سائدا إلى أن حلت الصدمة التى أخرست هذه الأبواق الشامتة، بعد انهيار الليرة التركية التى تباهى بها أردوغان وعبيده وقوتها فى عالم الاقتصاد، بعد أن دفعته غطرسته إلى مواجهة أمريكا على خلفية رفضه طلب واشنطن بالإفراج عن القس الأمريكى أندرو برانسون، الذى تحتجزه أنقزة بحجة تهم تتعلق بالإرهاب وفرضت الإقامة الجبرية.

غرور أردوغان دفعه إلى تهديد واشنطن بالرد بالمثل حال تفكير أمريكا فى فرض عقوبات على وزيرى الداخلية والعدل التركيين على خلفية احتجاز القس، فكان رد الأمريكى القوى الذى ضرب العملة التركية فى مقتل، بعد أن أعلن ترامب فى تغريدة عبر موقع "تويتر"، فرض رسوم جمركية على الواردات التركية بنسبة 20% للألومنيوم و50% للحديد، وكتب ساخرا: "لقد سمحت للتو بمضاعفة التعريفة الجمركية على الصلب والألومنيوم فيما يتعلق بتركيا، بينما تنزلق عملتهم، الليرة التركية، سريعا نحو الانخفاض مقابل الدولار القوى جدا".

كانت هذه "التويتة" كافية بفقد الليرة التركية شرفها أمام الدولار، ليشهد الاقتصاد التركى مرحلة جديدة من الانهيار، بعد أن هبطت الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها وفقدت 40% من قيمتها أمام الدولار منذ مطلع العام، حتى عاد التكبر الأردوغانى يواصل حلقاته الكوميدية من جديد بقدرته على الانتصار فى الحرب مع الند الأقوى اقتصاديا فى العالم.

هنا فقط تأكد الجميع أن حليفه تميم بن حمد، ظهر لإنقاذه من المأزق الذى عرّى أردوغان أمام شعبه، بعد أن اختفى تميم قرابة 5 أيام عن المشهد، وتناسى الكثير أن هناك قاعدة عسكرية أمريكية فى قطر "العديد"، يتخذ منها تميم مركزا لحمايته، ليقف كالمتفرج للأزمة الأمريكية- التركية، لا يدرى تميم لأى اتجاه يذهب، إلى أن قرر زيارة تركيا سرا وأعلن نية الدوحة تقديم استثمارات لأنقرة بقيمة 15 مليار دولار.

رغم وعد تميم، لأردوغان، بالوقوف معه فى الأزمة الاقتصادية التركية، إلا أن هناك العديد من التساؤلات التى طرحت حول تقديم الدوحة الدعم لأنقرة، خاصة مع الزيارة العاجلة والمفاجئة لتميم، والتى لم يعلن عن موعدها، منها هل حقا قدمت الدوحة دعما خفيا لأنقرة، أم هى محاولة من تنظيم الحمدين لحفظ ماء الوجه خوفا من خسارة أمريكا أهم حليف له؟ إن كان الاحتمال الأخير هو الأقوى خاصة أن الليرة التركية شهد انخفاضا جديدا أمام الدولار، بعد هذه الزيارة.

هذا الانهيار كان له أثّر كبير على الاستثمار فى تركيا وهروب عدد كبير من المستثمرين بعد ركوع الليرة للدولار، وأصبحت الأسواق التركية خاوية وتكبد أصحاب المتاجر والعاملين فى التجارة خسائر فادحة مع لجوء المستهلكين إلى خفض الإنفاق تحسبا للمشكلات التى قد تنشأ فى المستقبل جراء الانخفاض الحاد فى الليرة، ناهيك عن حجم الدين الخارجى التركى الذى يحل أجل استحقاقه فى سنة حتى يوليو 2019 نحو 179 مليار دولار، أى ما يعادل ربع الناتج الاقتصادى للبلاد، وهو ما يشير إلى مخاطر حدوث انكماش حاد فى الاقتصاد الذى يعانى من أزمة، وكل هذا بفضل سياسات أردوغان التى تسببت فى أن تفقد الليرة التركية عذريتها أمام الدولار بامتياز.