صدى العرب : ســــــرقة جـــــيوب الزبائن !؟ (طباعة)
ســــــرقة جـــــيوب الزبائن !؟
آخر تحديث: السبت 18/08/2018 10:55 م
أشرف كــاره أشرف كــاره

منذ ما يقرب من 25 عاماً ماضية أتذكر حين كتبت أولى مقالتى وقمت بإرسالها لأقدم مجلات السيارات بالوطن العربى (سبور أوتو) لنشرها - التى بدأت سنوات صدورها منذ ما يقرب من 45 عاماً ماضية - وكنت وقتها مجرد قارىء لم أحترف صحافة السيارات بعد ، وقد تناولت مقالتى تلك ... الظاهرة التى كانت قد بدأت بالظهور وهى التنوع والتوسع الملحوظ بطرازات السيارات بالشركة الواحدة ، فكان من المعروف بحقبة السبعينات والثمانينات أن أغلب شركات السيارات الكبرى تمتلك تنوع محدود وأحياناً (معروف) لطرازات سياراتها والتى كانت تعتمد بالدرجة الأولى على الأحجام شأن الصغيرة ، المتوسطة ، الكبيرة ، المكشوفة ، الرياضية ... وربما رباعية الإندفاع أيضاً ، وقلما ما تجد تنوعاً أكبر من ذلك ... وربما يكون من أبلغ الأمثلة على كبار الشركات فى هذا التوجه مثل تويوتا، شيفروليه ، مرسيدس و BMW...

وعندما شرعت "رينو" بإطلاق طراز (إسباس) كفئة جديدة أطلق عليها "مينى فان" للركاب إستحدثت معها طفرة غير مسبوقة ، والأمر نفسه عندما أطلقت "كرايسلر" لسيارتها (باسيفيكا) ضمن فئة جديدة أطلق عليها "كروس أوفر" والتى تطورت بعد ذلك لتسمية (SUV) أو Sport Utility Vehicle  ، أوجدت بدورها هى الأخرى فئة جديدة لم تعرف من قبل ... أدى ذلك جميعه إلى بدء الشركات فى التنافس فيما بينها وإستحداث فئات وطرازات لم تكن معهودة من قبل..

وبالعودة لمقالى ذلك فقد طرحت وجهة نظرى وقتها بأن التوجه لتلك التعددية فى طرازات السيارات التى تنتجها الشركات سيتسبب فى تحمل المستهلك لميزانية إضافية للسيارة التى سيشتريها بسبب رغبة الشركات فى تغطية إستثماراتها الإضافية بتلك الطرازات بخلاف الإرباك النسبى الذى سيتعرض له من جراء إتساع دائرة المفاضلة بين الأنواع المطروحة بالسوق....

واليوم، وبعد مرور تلك السنوات الطويلة على ذلك المقال ... أعاود الإشارة لنفس المشكلة والتى تفاقمت بشكل كبير ولكن فى النهاية على حساب الزبائن وميزانياتهم التى يدفعونها من أجل شراء سياراتهم الجديدة ، فعلى س بيل المثال .. مع منتصف ثمانينات القرن الماضى لم يزد عدد طرازات شركة تصنع سيارات فاخرة مثل مرسيدس عن 10 إلى 12 طراز – والتى يفترض أن تكون تلك الطرازات محدودة العدد نسبياً لأنها فاخرة وذات سعر أعلى من منافساتها العادية – فى حين أنها تزيد اليوم عن 30 إلى 35 طراز لدرجة أنك من السهولة بمكان ستكتشف بعض طرازات الشركة الجديدة التى لم تحصرها آخر مرة قمت فيها بذلك ... والأمر شكلياً يبدو رائعاً بسبب التنوعية والتصاميم المبهرة التى تقدمها الشركة ... ولكن ، سنجد أنه لا تقل تكلفة إستحداث كل طراز عن 100 مليون يورو وقد تصل ببعض الطرازات لما يقرب من نصف المليار أو حتى المليار يورو لإستحداث طراز جديد بالشركة بدءاً من الدراسات التسويقية ثم التصميمية ، ثم الإنتاج ... وربما بناء مصنع خصيصاً لهذا الطراز (ومن منطلق أن تلك الشركات ليسوا بقديسين) فمن سيتحمل تلك الملايين والمليارات؟ ... الزبون بالطبع ، وهو الأمر الذى سينعكس بطبيعة الحال على أسعار السيارات المعروضة للمبيع فى الأسواق...

إن أمر ينسحب على أغلب الشركات العالمية الكبرى - وبخاصة تلك التى تعلن أن طرازاتها مصنفة ضمن السيارات الفاخرة - ليتحمل المستهلك فى النهاية تكلفة ما يتم إستحداثه من طرازات – ربما غير ذات أهمية - وكذا تكاليف البحوث التى تنفق عليها ، علاوة على تشييد المصانع الجديدة لها ، وهو الأمر الذى بدأ ينتقل نسبياً للشركات الإقتصادية لتواكب تلك المنافسة على سرقة جيوب الزبائن.