صدى العرب : حقوق الإنسان من منظور القوة لا الحق (طباعة)
حقوق الإنسان من منظور القوة لا الحق
آخر تحديث: الأحد 24/06/2018 03:39 م
القبطان محمود المحمود القبطان محمود المحمود

لم استغرب من قرار الولايات المتحدة الأمريكية بالانسحاب من مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية، رغم ما تزامن معه من ردود أفعال دولية غاضبة وأخرى خجولة، بل أجد أن الانسحاب قد حدث منذ سنوات طويلة ولم يكن سوى إعلان عن قرار قديم، ربما قدم نشأة هذا المجلس.

ولم تكن ردود أفعال بعض الدول الأعضاء «47 دولة» الخجولة سوى ذر للرماد في العيون حتى لا يتهمها أحد بأنها لا تقف مع حقوق الإنسان، فقد وصف الاتحاد الأوروبي، الانسحاب الأمريكي من المجلس الأممي، «تقويضا» لدور واشنطن الداعم للديمقراطية على الساحة العالمية، بينما كان رد فعل روسيا أكثر حدة قليلا حين وصف القرار بـ«الوقح والمستهتر» عبر المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، وجاءت تغريدات مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين على استحياء حيث عبر عن «استيائه» من قرار الانسحاب، ووصف القرار بـ«المخيب للآمال» وقال: كان على الولايات المتحدة أن تعزز مشاركتها لا أن تنسحب من المجلس.

هذه كانت بعض ردود أفعال الدول التي تدعي حماية حقوق الإنسان حول قرار أكبر دولة «مدعية» لهذه الحقوق كذبًا وزورًا بالانسحاب من المجلس «المزيف»، ولا ألومهم في ذلك، فلديهم من المبررات ما يجعل عباراتهم «رقيقة» وحساسة وتفيض بالدمع على انسحاب الأخ الأكبر، فبمن ستحتمي؟ ووراء من ستقف لتنادي على حقوق الإنسان؟.

الحقيقة اخي المواطن البسيط، هي أن كلمة حقوق الإنسان، كلمة فضفاضة فارغة المضمون، أريد من خلالها التلاعب بمصيرك والسيطرة على مقدراتك وليس الدفاع عنك، فهل تعتقد أن جارك الأجنبي الذي يقيم في نهاية الشارع ولا تربطه بك أية علاقة، سيأتي ليدافع عن أي حق من حقوقك؟، أم أن الغرب الذي احتل منطقة الشرق الأوسط لمئات السنوات – ولا يزال يحاول – سينتفض للدفاع عنك؟.

عزيزي المواطن إن هذا المجلس وأعضاءه (مع الأسف الشديد) لم يتمكنوا يومًا من اتخاذ قرار مؤثر في مصير أي شعب تعرض للظلم أو للانتهاكات، وسجله منذ أن تم تدشينه يشهد بذلك، بل أكاد أجزم أنه لن يحدث، فلا تعول على انسحاب أمريكا أو انضمام الصين، او زعل روسيا، أو فرح إسرائيل، فكل يغني على ليلاه، ويرى المجلس من وجهة نظر مصالحه الخاصة.

لقد عمد المجلس منذ انطلاقته على استهداف دول المنطقة ببياناته المزعجة، وكنا دائمًا ما نشعر بهذا الانزعاج ونبذل قصارى جهودنا لدرء الأكاذيب التي يروجها، ونسهر الليالي لنعد الكلمات والتقارير، ونكشف المستندات ونناشد دولا لأن تقف معنا في إظهار الحق الذي لا يريد المجلس – ولو لجلسة وحيدة فريدة – أن يعترف به، فمهما قدمنا من تنازلات ومهما أصدرنا من بيانات، لم يشكرنا هذا المجلس على شيء.

لقد بدت الولايات المتحدة صريحة وواضحة في سياستها العامة بعد فوز الرئيس ترامب، وان كان عديم الخبرة بالسياسة كما يقولون، إلا أنه لا يراوغ وكثيرا ما كانت الصراحة بالنسبة للآخرين «غير دبلوماسية»، وهو ما ظهر جليًا في وصف السفيرة الأمريكية بالأمم المتحدة نيكي هيلي المجلس بـ«المنافق والأناني»، وهي عبارات معبرة عن سطوة أمريكا دون مواربة.

ولقد كانت البحرين التي عانت كثيرا، في أشد الحاجة لبيان «صريح» يرد على ادعاءات أمير المجلس الذي انتقد حقوق الإنسان في مملكة البحرين، وأورد الكثير من الادعاءات الكاذبة، ولعل ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية يعتبر نقطة فاصلة لسياسة جديدة مع هذا المجلس المشوه، الذي يقيس حقوق الإنسان بمنظور القوة لا الحق.

رئيس تحرير جريدة الديلي تربيون ورئيس منظمة الوحدة العربية الأفريقية لحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب