صدى العرب : انتصارات الحديدة تقضي علي آمال الحوثيين وأعوانهم (طباعة)
انتصارات الحديدة تقضي علي آمال الحوثيين وأعوانهم
آخر تحديث: الجمعة 22/06/2018 06:57 م
أحمد المرشد أحمد المرشد
 
 
أتمني لحظة نشر هذا الموضوع أن تكون القوات اليمنية الشرعية بدعم قوات التحالف العربي قد تمكنا فعليا من تحرير ميناء الحديدة البحري .. مصدر تفاؤلي يعود الي ما تحقق في الحديدة علي مدي الأيام القليلة الماضية حيث تم تحرير مطارها ومعظم أراضيها من قبضة الحوثيين الذين يتحفظون علي إعلان هزيمتهم النكراء من المدينة الإستراتيجية خشية تدني الروح المعنوية للحوثيين وشركائهم المتمردين المتآمرين.. لقد اعتقدنا في بداية أحداث تحرير الحديدة أن  الحوثيون  سيتفهمون تطورات الموقف ويلجأون الي الأمم المتحدة من أجل تسليم المدينة ومينائها الحيوي للحكومة الشرعية لليمن والانخراط في المفاوضات التي يمهد لاستئنافها حاليا المبعوث الدولي مارتن جريفيث بين جماعة الحوثي والحكومة الشرعية، أملا في إنجاز اتفاق سلام يشمل كافة الجوانب السياسية والأمنية ضمن مرحلة انتقالية يتم التوافق حولها،الا انهم لجأوا للمراوغة
 
تقديري الشخصي أن الجماعة الإرهابية باليمن لن توافق علي الخطة الأممية الجديدة للسلام، فهي تارة تعتمد علي مواقعها الي الأرض، وتارة أخري تنتظرالرد من إيران التي تملي كافة التعليمات الي عبد الملك الحوثي..ومهما حدث في الحديدة،  فلن يلجأ الحوثيون للسلام، وهذا ما تقوله خبراتنا السابقة في تعامل الحوثيين مع أي خطة دولية، فهم يتلكأون استغلالا للوقت وتضييعا له،  وهم يروجون فقط لعملية التعاطي مع المبادرات الدولية، ولكن الواقع يؤكد أن قبول الحوثيين باتفاق دولي ينهي الأزمة الإنسانية والحرب الأهلية باليمن هو ضرب من الأماني أوفي أحسن الأحوال مجرد مناورة معهودة لن توصل إلى شيء،وهذا لأنهم جماعة غير مؤهلة للسلام وتعتمد فقط علي موازين القوي العسكرية والدعم الإيراني غير المحدود والذي يصل معظمه عن طريق ميناء الحديدة، حتي مع خسائرالجماعة في الحديدة فهي أصرت علي تحوير الخطة الأممية الطارئة التي اقترحها جريفيث بشأن الحديدة، ليكون التسليم لجهة محايدة تحت إشراف الأمم المتحدة، وليس للحكومة الشرعية، وأن تكون قضية الحديدة ضمن تفاصيل الاتفاق الشامل الذي ستسفرعنه المفاوضات المرتقبة، وهي تحاول بذلك الاستفادة من عامل الوقت لخداع أنصارها بأنها في موقف قوي يسمح لها بالمناورات.
 
نعود إلي مكتسبات الحكومة الشرعية والتحالف العربي في أعقاب السيطرة علي المطار والحديدة ومعظم أنحاء المدينة، فخروج الحوثيين منها يعد نصرا للسلام والأمن في اليمن، ومدخلا لإنهاء مأساة  اليمنيين، ومن المؤكد أن تتسلح الحكومة الشرعية بعدد من نقاط القوة  منها:
 
- تحرير الحديدة سيجبرالحوثيين على العودة للمسارالسياسي القائم على المرجعيات الثلاث المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوارالوطني والقرارات الدولية ذات الصلة، وكذلك إنهاء مظاهرالانقلاب وإعادة السلاح إلى الدولة، وتسليم المؤسسات الحكومية والانسحاب من المدن.

-تكبيد جماعة الحوثيين خسائر فادحة إثر تحرير ميناءالحديدة الذي وفر للميليشيات الإرهابية علي مدي السنوات الثلاث الماضية  مصدرا ماليا رئيسيا لتمويل مقاتليها وعملياتها العسكرية (يفرضون الحوثيون حوالي  100 ألف دولار للسماح لكل سفينة بأن ترسو وتفرغ حمولتها من الموادالغذائية أو الوقود)، ومن المؤكدأن تستفيد خزائن الدولة الشرعية بمثل هذه الأموال والعائدات في وقت لاحق،خاصة وأن الميناء يستقبل70% من واردات اليمن.

- والأهم أن إيران التي كانت تستغل سيطرة الحوثيين علي ميناء الحديدة في تهريب صواريخها البالستية التيت عرضت المدن السعودية لنحو 130 منها، لن تجد لها موطئ قدم في الميناء مرة أخري وبالتالي تفقد ميزة إستراتيجية كبيرة ساعدتها في دعم الحوثيين ماليا وعسكريا.

- تحرير المدينة سيسهم بالدفع نحو استكمال تحرير كافة المحافظات اليمنية واستعادة الشرعية وإنهاءالانقلاب، وهو ما ينسجم تمامامع القرارات الدولية، وفي مقدمتها القرار 2216 الذي رفض الحوثيون الالتزام به، ناهيك عن رفضهم الجلوس إلى طاولة الحوار.

- إعلان الحوثيين أن الحل يكمن في إصدار قرار أممي  بوقف العمليات العسكرية والعودة  للمفاوضات للتوافق على تشكيل سلطة تنفيذية توافقية (رئيس جديدأو مجلس رئاسي، حكومةجديدة، اللجان العسكرية والأمنية، الهيئات اللازمة)، وكذلك التوافق على ضمانات أمن واستقرار ووحدة اليمن وبالمقابل ضمانات من اليمن لجيرانه. وهذا يدل علي تراجع قوة جماعة الحوثي وقرب انهيارها إذ أصبح حديثها في الوقت الراهن يدور في إطار ما تطلق عليه  "السلام والشراكة" في الوقت الذي تواصل فيه "حوثنة" مؤسسات الدولة في كافة المدن التي استولت عليها،وتثبيت أركان حكمها الانقلابي،كما ترفض أي حديث يمستسليم سلاحها ووقف نهجها الطائفي.. فيما يقابل هذاالضعف الحوثي تصاعد في قوة الحكومة الشرعية وقوات التحالف العربي، خاصة  إذاكانت أي مفاوضات تتطلب موقف عسكري قوي علي الأرض، وهو ما توفره عملية تحرير الحديدة التي تحرم الحوثيين من أهم مصادر تمويلهم وتسليحهم، الأمر الذي قد يدفعهم دفعا الي المفاوضات حيث تم سلب سلاحا قويا من بين أيديهم.

 
نخرج من كل ما سبق بنتيجة مؤداها أن إيران منيت بخسارة إستراتيجية في اليمن بانتصارات الحكومة الشرعية والتحالف العربي في الحديدة، خاصة وأن دولة الملالي وضعت اليمن بموانيه علي البحرالأحمر نصب أعينها لتصدير ثورتها والتوسع إفريقيا وتهديد الأمن القومي العربي.

 ولكن في الوقت الراهن وإذا كانت أعين المفاوض لا تصل إلا لما تصل إليه نيرانه، فالموقف الآن في مصلحة الحكومة الشرعية التي ستتفاوض من موقف قوة واستحواذ علي أراضي جديدة كانت في أيدي الخصم حتي وقت قريب.

 ونختم بالمثل العربي القائل :"ما حك جلد كمثل ظفرك"، حيث ينطبق علي الواقع اليمني، فقد انتظر اليمنيون نجاح كافة المبادرات والوعود الدولية بالتدخل الجدي لإنهاء أزماتهم وحربهم الأهلية ولكن دون جدوي، حتي أدركت الحكومة مدعومة بقوة التحالف العربي معني المثل المشار إليه، فلن تتحرر اليمن إلا بأيدي اليمنيين وأخوانهم العرب.

احمد المرشد
كاتب ومحلل سياسي بحريني